«واشنطن تخسر كثيراً بدعمها للسعودية».. موقع أمريكي: يجب دفع الرياض نحو إنهاء حروبها وتسوية الخلافات

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/10/06 الساعة 17:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/10/06 الساعة 17:17 بتوقيت غرينتش
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان/ رويترز

أدلى أعضاء من مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين تصريحات وصفت بـ"الخطيرة" في الكونغرس الأمريكي الأسبوع الماضي، حول جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في ذكرى قتله الأولى بقنصلية بلاده في إسطنبول. أعلنوا فيها أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو المسؤول عن إصدار الأوامر بتنفيذ جريمة القتل.

وبحسب موقع LobeLog الأمريكي، استضافت منظمات حقوقية أمريكية الأسبوع الماضي، حلقة نقاش في مقر الكونغرس الأمريكي تهدف إلى إبقاء القتل الوحشي لخاشقجي، في طليعة اهتمامات الأمريكيين. وشارك في النقاش 11 من أعضاء الكونغرس -5 من أعضاء مجلس الشيوخ و6 من مجلس النواب. 

وأكد الأعضاء المشاركون أنَّ ولي العهد السعودي، أوقعت أخطاؤه الاستراتيجية -كجريمة خاشقجي وحرب اليمن- المملكة في ما قد تكون أسوأ معضلة تمر بها منذ تأسيسها، بحسب الموقع الأمريكي، الذي تساءل في السياق ذاته، حول كيفية تحقيق هؤلاء المشرعين القصاص والعدالة لخاشقجي.

كيف يتحقق القصاص؟

يقول الموقع الأمريكي، إنه في الوقت الذي تشق فيه الملحقات السياسية بمشروع ميزانية الإنفاق العسكري الأمريكي الحالي -المسمى قانون إقرار الدفاع الوطني 2019/2020- طريقها عبر عملية النقاش الجارية حول إقرار ميزانية الدفاع المُقدَّرة بنحو 740 مليار دولار، نحن بحاجة للتنبه إلى أنَّ اثنين من الملحقات السياسية بمشروع الميزانية يخصان واقعة قتل خاشقجي، وحرب اليمن المروعة، التي ليست بعيدة الصلة عن الأولى. 

وسيكون هذان الملحقان، وكذلك العديد من المسائل السياسية الأخرى الشائكة، أوجه الصعوبة في عملية تداول مشروع القانون، وليست الميزانية التي تقارب ثلاثة أرباع التريليون دولار المخصصة للإنفاق العسكري. فهذا الجزء محسوم بالفعل.

تشريع أمريكي بشأن حقوق الإنسان في السعودية

وأُدرِجَت مسألة خاشقجي ضمن نصوص قانون إقرار الدفاع الوطني الأمريكي. وتجسد هذه الأحكام تشريع بعنوان "حقوق الإنسان والمساءلة في السعودية" (Saudi Arabia Human Rights and Accountability Act -HR 2037)، الذي طُرِح برعاية توم مالينوسكي، النائب الديمقراطي من نيو جيرسي، وآن فاجنر، النائبة الجمهورية من ولاية ميزوري، وأقرَّه مجلس النواب بأغلبية ساحقة من الحزبين، إذ نال موافقة 405 أصوات مقابل 7. ودعا أعضاء من كلا الحزبين مراراً إلى الحاجة لتحقيق المساءلة في جريمة مقتل خاشقجي. وطرح كذلك السيناتور الديمقراطي كريس كونز والسيناتور الجمهورية ليندزي غراهام مشروع قانون (تضمن نفس المحتوى) أمام مجلس الشيوخ، وحصل على تأييد أعضاء الحزبين. 

وتتبنى أحكام قانون إقرار الدفاع الوطني "نهجاً حذراً" نحو السعي لتحقيق المساءلة في واقعة مقتل خاشقجي. فهي تحقق التوازن الملائم بين المحاسبة على هذه الجريمة البشعة والحاجة للحفاظ على العلاقات مع السعودية، أو على الأقل للوقت الحالي. وتشترط الأحكام تحديد هوية المسؤولين عن الجريمة المروعة -وهو النهج الذي أيده الرئيسان الحاليان للجنتي العلاقات الخارجية في مجلسي الشيوخ والنواب ورئيساها السابقان وكبار الأعضاء بها. وتشمل الأحكام أيضاً قيوداً على إصدار التأشيرات لمن تبيَّن مسؤوليتهم عن الواقعة، على أن تكون هذه القيود قابلة للرفع بموجب إعفاء من الرئيس تحقيقاً للمصلحة الوطنية.

ما يجب على الرياض فعله بحسب التشريع

وتشمل أحكام قانون إقرار الدفاع الوطني أيضاً "مخرجاً جانبياً" يتمثل في بيان مُفصَّل حول الخطوات التي يجب على السلطات في الرياض اتخاذها من أجل إنهاء القيود على إصدار التأشيرات. وتحظى هذه الخطوات، ومنها مثلاً: وقف اعتقال النشطاء في مجال حقوق النساء وتعذيبهم، بتأييد من أعضاء الحزبين. 

أما الجدل حول الحرب في اليمن فهو أكثر تعقيداً. ويعيد الملحق السياسي بقانون إقرار الدفاع الوطني الخاص باليمن (وهو تعديل قانوني سبق أن قدمه النواب خانا وسميث وشيف وجايبال) التأكيد على ما ورد في مشروع قانون سلطات الحرب، الذي مرَّره مجلسا النواب والشيوخ، لكن اعترضه الرئيس ترامب في أبريل/شباط. 

والنقطة الأهم في هذا التشريع -والآن التعديل المُستحدَث على قانون إقرار الدفاع الوطني- هو إعادة تأكيد الكونغرس على مسؤوليته الدستورية حيال سلطات الحرب. وسيتطلب هذا التأكيد في حالة حرب اليمن الشنيعة أن يوقف الرئيس الدعم الأمريكي لمنفذي هذه الحرب، وتحديداً السعودية والإمارات.     

فإلى جانب قتل وجرح عشرات الآلاف من اليمنيين باستخدام قنابل أمريكية الصنع، هناك أسباب عدة تجعل من هذه الخطوة واجبة الاستحقاق منذ زمن بعيد. إذ تسببت الحرب بانتشار الكوليرا التي تودي بحياة آلاف اليمنيين، وتفشي المجاعة التي قتلت عشرات الآلاف أكثرهم من النساء والأطفال، والتدمير الكامل للبنية التحتية التي كانت بالفعل متردية. 

وكل واحدة من هذه النتائج كفيلة بأن تكون وحدها سبباً يستلزم الإنهاء الفوري للحرب. وأصبحت شعوب المنطقة ترى هذا الصراع الآن على أنه حرب وكالة يتصرف فيه السعوديون والإماراتيون نيابة عن واشنطن في إطار النهج متزايد الخطورة الذي تتبناه ضد إيران، والذي بدوره قوَّض مصداقية الولايات المتحدة وسلطاتها في تلك المنطقة الحيوية من العالم.

الولايات المتحدة تخسر الكثير

إضافة إلى ذلك، يخسر التحالف السعودي الإماراتي هذه الحرب؛ مما يعني أنَّ الولايات المتحدة تخسر هي أيضاً. والكثير من الحروب الخاسرة يمكن أنَّ تُسقِط إمبراطوريات. انظر إلى القائمة: أفغانستان، والعراق، وليبيا، وسوريا، والآن اليمن.   

والسبيل الوحيد لإنهاء هذا النزاع نهايةً سريعة هو بصياغة حل سياسي؛ وهو ما يمكن تنفيذه بسهولة كبيرة إذا تراجعت الولايات المتحدة عن دعمها الأساسي لهذه الحرب، ووجهت الرياض لتسوية خلافاتها على طاولة المفاوضات. وبالنظر إلى تحركات الإمارات الأخيرة، يبدو أنَّها بدأت تدرك حتمية هذه الحقيقة. 

الإبقاء على التشريع لتحقيق العدالة

ولهذا، إذا أريد فرض الضغط المناسب على البيت الأبيض، ينبغي الإبقاء على النصوص الخاصة بالسياسة الأمريكية نحو اليمن مُلحَقةً بمشروع قانون إقرار الدفاع الوطني في رحلته حتى التصديق.                        

وفي الواقع، من الأفضل -بل من الواجب- أن تنتهي نتائج عملية التداول بشأن المسألتين السياسيتين -مقتل خاشقجي وحرب اليمن- إلى عدم المساس بالتشريع، وطرحه كما هو للتصويت، وهو التصويت الذي سيصعب على ترامب استخدام حق النقض الرئاسي لإبطال التشريع.      

وقد يمثل هذا التصويت البداية لعملية تحقيق العدالة والمساءلة في مقتل خاشقجي، ووضع النهاية لواحد من أكثر النزاعات مرارة وإثارة للاضطرابات في العالم.

تحميل المزيد