لماذا يعد موقف السيسي الخارجي في أضعف حالاته؟ الحلفاء لديهم ما يشغلهم

عربي بوست
تم النشر: 2019/09/19 الساعة 15:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/19 الساعة 17:13 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي/ رويترز

على مدار نحو أسبوعين والفضاء الإلكتروني لا يتحدث إلا عن المقاول المصري محمد علي الذي نجح خلال أيام قليلة في أن يعيد إلى المصريين زخم الحراك السياسي، بل الأمر وصل إلى مطالبته برحيل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في أحد فيديوهاته.

مطالبات علي الغريبة للرئيس المصري بالرحيل الخميس 19 سبتمبر/أيلول 2019، ودعوته إلى نزول المصريين للشوارع الجمعة فتحت باب التساؤلات عن هل بالفعل علي ومن يقف خلفه -المخابرات العامة المصرية- كما يروج البعض قادرون على إجبار الرئيس المصري الذي يصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "بدكتاتوري المفضل"، على الرحيل؟، وهل داعمو الرئيس المصري خارجياً لن يتدخلوا للدفاع عنه أو مساندته؟، وماذا عن المؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها السيسي؟.

للإجابة على هذه التساؤلات الهامة يجب رصد الموقف الإقليمي الآن وعلاقاته المتشابكة مع الرئيس المصري وأيضاً ما يحدث في الداخل.

نتنياهو خارج اللعبة:

وجهت نتيجة الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية قبل يومين ضربة قوية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم حصوله على الأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة وتعادله مع غريمه السياسي بيني جانتس، مما صعب موقف نتنياهو كثيراً في الداخل ومن ثم قد يتم استبعاده من رئاسة حزب الليكود شرطاً لتكوين حكومة ائتلافية مما يعني ضياع المستقبل السياسي لنتنياهو.

نتنياهو
نتنياهو أمام اختبار صعب لمواصلة رئاسة وزراء إسرائيل/ رويترز

هذا التطور في تل أبيب قد يضعف الموقف الإقليمي للرئيس المصري إذ يعد نتنياهو من داعمي السيسي بشكل مباشر، كما أن صفقة القرن التي يروج لها في الأوساط الإعلامية لا يمكن تمريرها إلا في وجود رئيس حكومة إسرائيلي يميني مثل نتنياهو، لكن برحيله أو مشاركته في حكومة ائتلافية قد يصبح موقفه ضعيفاً.

هذا المتغير في الداخل الإسرائيلي قد ينعكس بشكل مباشر على الأوضاع في مصر إذا ما فكرت أجهزة سيادية الإطاحة بالرئيس المصري الحالي، إذ يلعب السيسي دوراً هاماً في صفقة القرن، مما يعني أن تأجيل الصفقة أو إلغاءها قد يساهم في أي تغيير مرتقب في البلاد، بسبب انشغال حليفه الإسرائيلي بأزمته الداخلية.

السعودية في مأزق!

ما يحدث على الأرض في اليمن والتوترات التي اشتعلت في الخليج، جعلت الحليفين الهامين للرئيس المصري في انشغال كبير عنه، فقبل أيام استهدفت طائرات بدون طيار مخازن نفطية هامة لعملاق النفط السعودي أرامكو في المنطقة الشرقية بالسعودية وأحدثت أضراراً كبيرة؛ على إثرها توقف 30% من إنتاج المملكة من النفط، ومازالت الرياض تعاني من هذه المشكلة، في الوقت الذي تستعد فيه للرد على إيران المتهمة بالقيام بهذا الهجوم، مما يعني انشغال المملكة بالكامل عن الحالة المصرية التي تمثل بالتأكيد أهمية قصوى لها لكن الوضع الداخلي أهم.

خطوات السعودية تجاه تطبيق رؤية 2030
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي/ رويترز

أيضاً لم تكن العلاقة مع الرئيس المصري على ما يرام بالنسبة لولي العهد السعودي خلال الأشهر الأخيرة بعد موقف السيسي من عدم المشاركة في الناتو العربي الذي يتشكل بالخصوص من أجل خوض حرب ضد إيران، فهذا الأمر يزعج السعودية بالتأكيد مما يعني أن السيسي لشخصه قد يكون غير مرغوب فيه كثيراً إذا ما كان هناك بديل من داخل المؤسسة العسكرية يضع مصالح بعض الدول الخليج في أولوياته.

ماذا عن الإمارات؟

أما بالنسبة للإمارات التي تعد الداعم الأهم للسيسي فهي الأخرى لديها مشاكلها الكبيرة في اليمن، خاصة في الجنوب والخلاف الأخير الذي ظهر مع السعودية بسبب اختلاف الأجندات على الأرض هناك، فيما لم يقدم الرئيس المصري أي دعم لحليفه محمد بن زايد.

أيضاً الوضع العسكري في ليبيا والهزائم التي يتعرض لها خليفة حفتر في معركته مع حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج المدعومة دولياً أثّر بالسلب على الموقف الإماراتي بعدما قتل عدد من جنود أبوظبي في ليبيا الأسبوع الماضي، ولم تعلن الإمارات عن مكان قتلهم رغم إعلانها أسماء الجنود الذين سقطوا.

كذلك ثمة خلاف بين السيسي والإمارات بخصوص الوضع في ليبيا، رغم التحالف الظاهري بينهما، فلكل طرف منهما أجندته الخاصة التي تتعارض مع مصالح الطرف الثاني والتي تعد من أبرزها رغبة مصر في سيطرة حفتر على شرق ليبيا دون الدخول في معارك خاسرة في الغرب، فيما ترى الإمارات أن الغرب أهم من الشرق ولابد من السيطرة على العاصمة والقضاء على الفصائل الإسلامية هناك.

حفتر إلى جانب الشيخ محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/ رويترز
حفتر إلى جانب الشيخ محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/ رويترز

كذلك الإمارات داخلياً ليس الوضع فيها على ما يرام بسبب التوترات الأخيرة مع إيران وتهديد الحوثيين باستهداف مناطق حيوية وحساسة في دبي وأبوظبي؛ الأمر الذي بالتأكيد يثير قلق ولي عهد أبوظبي بشكل كبير وقد يثير مشاكل داخلية بين حكام الإمارات الأخرى، وخاصة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد الذي لا يرى جدوى من ممارسة محمد بن زايد الخارجية وتوريط البلاد بهذا الشكل.

هذه المتغيرات في الحالتين الإماراتية والسعودية قد تفتح الباب أمام البحث عن بديل للسيسي أو على الأقل عدم دعمه داخلياً في حال قرر المصريون أو أجهزة سيادية نافذة القيام بأي شيء ضد السيسي.

ترامب لديه ما يشغله أيضاً!

قبل أيام قالت وسائل إعلام أمريكية إن ترامب كان يبحث عن السيسي أثناء قمة الدول السبع الصناعية وذكر "أين ديكتاتوري المفضل" في إشارة إلى الرئيس المصري، مما يشير إلى كيفية نظر ترامب إلى السيسي، مما يعكس العلاقة الهامة بينهما لكن هذا الأمر ليس كما يراه الكثيرون، فالرئيس الأمريكي لديه العديد من الملفات الهامة التي قد تجعله لا يعطي أهمية كبرى للسيسي.

السيسي خلال زيارته لواشنطن/ رويترز

ترامب على أعتاب فترة رئاسية جديدة يريد حشد كل الأصوات خلفه فيما تطاله اتهامات كبيرة على وقع تدخلات روسيا في الانتخابات التي جرت عام 2016، في الوقت ذاته هناك أزمة حالية يعانيها ترامب مع الصين وأوروبا تجارياً، كما أنه بات لا يهتم كثيراً هذه الأشهر بصفقة القرن، مما يعني أن نظرته لما يحدث في مصر ليست ذات أهمية كبيرة إذا ما حدث تغيير من داخل المؤسسة العسكرية نفسها.

هذه العوامل السابقة قد تجعل موقف الرئيس المصري خارجياً ضعيفاً بشكل كبير بسبب وجود ملفات ذات أهمية أكثر لدى هؤلاء الحلفاء، فيما النظرة للسيسي تأتي في المقام التالي لهذه الأحداث.

لكن رغم ذلك فإن هؤلاء الحلفاء قد يتغير موقفهم إذا ما خرجت الأمور عن السيطرة في مصر مثلاً ونزل الآلاف إلى الشوارع مطالبين برحيل السيسي وقيادته العسكرية، الأمر الذي قد يدفعهم إلى التدخل من أجل المجيء بشخص يعد محل ترحيب بالنسبة لهم.

علامات:
تحميل المزيد