جعلته يهرب من صواريخها.. لماذا قرَّرت حماس التصعيد مع نتنياهو قبل الانتخابات؟

تم النشر: 2019/09/11 الساعة 13:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/12 الساعة 09:45 بتوقيت غرينتش
نتنياهو هرب من صواريخ خماس/رويترز

"وقف يحدثهم عن الأمن الذي سيوفره لهم، ولكن فجأة دوَّت صافرات إنذار وهرع إليه حراسه ليهرّبوه"، بهذا المشهد المهين أفسدت حركة حماس على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حملته الانتخابية، فلماذا نفذت هذه الهجمات في هذا التوقيت، وهل قرَّرت حماس إسقاط نتنياهو؟ 

عاشت غزة في الساعات الأخيرة عدواناً إسرائيلياً جديداً، عقب إطلاق عدة صواريخ من غزة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية الجنوبية، شملت هذه المرة مدناً إسرائيلية تبعد عن القطاع 40 كيلومتراً.

الجديد في إطلاق الصواريخ الفلسطينية أنَّها تسبَّبت في مشهد مهين لبنيامين نتنياهو، حيث كان يلقي خطاباً انتخابياً أمام المئات من مؤيديه بمدينة أشدود، لكن صافرات الإنذار أجبرته على قطع خطابه، وسارع حراسه الأمنيون لتهريبه إلى غرفة محصنة آمنة.

انتشرت هذه الصور التي بثت على الهواء مباشرة، وسارع الإسرائيليون والفلسطينيون إلى تداولها، مرجحين فرضية أن تكون حماس قرَّرت إسقاط نتنياهو في الانتخابات التي لم يتبق على إجرائها سوى ستة أيام، لأن مشهد هروبه من منصة الخطابة خشية من صواريخ غزة يعتبر أسوأ صورة انتخابية له.

لماذا كانت حماس تفضل فوز نتنياهو وتخشى معارضيه؟

لم يكن سراً أن الأجواء الفلسطينية خلال الأسابيع الماضية كانت ترى أن حماس تفضل الإبقاء على نتنياهو في مقعد رئيس الحكومة، ليس حباً في سواد عيونه، ولكن لأنها جربته طوال عشر سنوات، وتعرَّفت على طريقته في التفكير، وأبرمت معه صفقة تبادل أسرى، وأدركت أنه ليس بوارد الدخول معها في معركة كسر عظام للإطاحة بها كلياً، من أجل الإبقاء عليها في غزة، لمنع عودة السلطة الفلسطينية إليها.

أما حزب الجنرالات، فلا تبدي حماس تشجعاً لمنحهم أوراقاً انتخابية للتسريع بصعودهم للسلطة، سواء باعتبارهم قادة سابقين للجيش الإسرائيلي، وخيارهم العسكري تجاهها هو المفضل، أو لأنهم أعلنوا أكثر من مرة أنهم معنيون بالإطاحة بحماس، لإعادة القطاع لسيطرة السلطة الفلسطينية.

لكن لماذا قرَّرت الحركة تغيير خطتها، هل ترغب في إسقاطه؟

غير أن تطورات الساعات الأخيرة في غزة أشاعت تقديرات جديدة بأن حماس قد تكون لديها نوايا جدية لإسقاط نتنياهو، مما يعني تغييراً في توجهاتها السابقة، التي كانت تراه أقل سوءاً من سواه، ولو لم تعلن ذلك.

يوسف رزقة، وزير الإعلام السابق في حكومة حماس، قال لموقع "عربي بوست" إن "غزة لن تهدي الأمن للإسرائيليين بغير ثمن، وما نشهده في الأيام والساعات الأخيرة يعني أن غزة تتمرد على الاحتلال، الذي يريد أن يحتوي غزة من خلال التفاهمات، ويتلكأ في تنفيذها، ولذلك لا غرابة أن تكون غزة عنوان التنافس بين الأحزاب الإسرائيلية، ودفع المرشحين المتنافسين لتقديم وعود للناخبين بإيجاد أفضل الحلول الناجعة لما يعتبرونه مشكلة غزة" .

محمود عباس وإسماعليل هنية/

علاء الريماوي، مدير مركز دراسات القدس للشأن الفلسطيني والإسرائيلي، قال لموقع "عربي بوست" إن "حماس ليست معنية بإعطاء ضمانات كاملة لنتنياهو لتحقيق فوز كاسح من خلال منحه هدوء كاملاً في القطاع، وفي الوقت ذاته لا أراها متشجعة لتعبيد الطريق أمام الجنرالات للوصول إلى السلطة.

وأضاف قائلاً "حماس كما يبدو من سلوكها العسكري، والإسرائيليون يقرأون ذلك جيداً، تسعى لإضعاف أي حكومة إسرائيلية قادمة، بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات، مع أن أفضلية استطلاعات الرأي متجهة نحو اليمين والليكود، وليس الجنرالات" .

هل ينتقم بشن حرب واسعة؟

صالح النعامي، الخبير الفلسطيني في الشؤون الإسرائيلية، قال لموقع "عربي بوست" إن "وضع نتنياهو الانتخابي صعب جداً في الأيام الأخيرة، ثم جاءت صواريخ غزة ووضعت عليه أعباء جديدة مرهقة، وبعد هذه الأحداث الميدانية المتلاحقة قد يكون بحاجة لمعجزة تنقذه من هزيمة محققة، لذلك فإنني أشك أن يكون القصف الإسرائيلي على غزة في الساعات الماضية هو الرد النهائي على المشهد المهين لنتنياهو" .

وأضاف أن "نتنياهو لديه خيارات كبيرة في غزة، لكن مآلاتها قد تكون مكلفة، ومنها إمكانية تعقيد الأمور أكثر، والانزلاق لحرب لا يريدها، مما يرجح فرضية أن يذهب لتعويض إهانته من غزة بتوجيه ضربات موجعة إلى سوريا ولبنان، ومزيد من الإجراءات الاستيطانية في الضفة الغربية" .

وأوضح أن "رد الجيش الإسرائيلي في الساعات الأخيرة على قصف مدينة أشدود، وإهانة نتنياهو، قد لا يكون نهاية المطاف، والإعلان أن الحياة ستتواصل اليوم بشكل طبيعي في مستوطنات غلاف غزة، ربما إجراء مضلل من أجل دفع حماس للاسترخاء، ثم توجيه ضربة موجعة، تتمثل في ارتكاب حماقات ضد غزة، مما يتطلب منها توخي أقصى مستويات الحذر" .

موقف لافت للمخابرات المصرية

كان لافتاً في طور الحديث عن دور غزة في إسقاط نتنياهو انتخابياً، أو الإبقاء عليه، ما علمه موقع "عربي بوست" من أوساط فلسطينية التقت وكيل المخابرات المصرية اللواء أحمد عبدالخالق، الذي زار غزة في الأيام الماضية.

وكان مفاجئاً أنه وجّه لبعض المسؤولين الفلسطينيين الذين التقاهم سؤالاً واضحاً محدداً: هل تسعى الفصائل في غزة لإسقاط نتنياهو، وجاءت صيغة السؤال بما يدل على أن مصر غير موافقة على ذلك.

السيناريو الذي تحضره إسرائيل لغزة

علاء الريماوي، قال لموقع "عربي بوست" إن "استراتيجية إسرائيل، ونتنياهو خصوصاً، تجاه غزة تواجه معضلة حقيقية، وهناك خلافات عميقة بين المستويين السياسي والعسكري داخل إسرائيل تجاه مستقبل التعامل مع حماس في القطاع. نتنياهو في هذه الآونة في مرحلة ما قبل الانتخابات لا يريد الذهاب لمواجهات عسكرية مفتوحة مع غزة، لكنه يستعد لسيناريو آخر يتمثل في تكرار عمليات الردع العسكرية، وتكبيد حماس خسائر فادحة، ثم يبقيها في مأزق اقتصادي، ويدفع باتجاه تدخل أممي دولي لمعالجة المشاكل المعيشية" .

وأضاف أن "نتنياهو يدرك أن أي تصعيد عسكري كبير ضد حماس قبل الانتخابات يعني إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي، وشمول كل أنحاء فلسطين المحتلة بصواريخ غزة، مما يعني هزيمة مدوية له، مع العلم أن الأمر لا يقتصر على نتنياهو فقط، بل إن الائتلاف الحكومي اليميني لا يدفع باتجاه تصعيد الأمور عسكرياً مع غزة قبل الانتخابات، خشية خسارتها لصالح الجنرالات" .

وعادت الحياة لطبيعتها في مستوطنات غلاف غزة، ولكن ما زال التوتر قائماً في غزة، وسط تقديرات فلسطينية وإسرائيلية متفقة على أن ما حدث من إطلاق للصواريخ وإهانة نتنياهو إنما يزيد من فرص سقوطه، وخسارته للانتخابات، مما قد يعبد الطريق لخصومه الجنرالات، رغم أن ذلك قد لا تسعى إليه حماس.إذ إن هؤلاء الجنرالات يجاهرون بأن هدفهم الأول هو إسقاطها.

 

تحميل المزيد