في أعقاب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى موسكو، الثلاثاء 27 أغسطس/آب، تناقش روسيا وتركيا آفاق زيادة التعاون العسكري الفني بين البلدين. وفي طريق العودة إلى أنقرة، سُئل أردوغان عما إذا كانت تركيا مهتمة بالطائرات الروسية، وحينها ردّ قائلاً: "لما لا؟ إننا لم نأتِ إلى هنا من أجل لا شيء".
وأضاف أردوغان أنه سيجري اتخاذ قرار بهذا الشأن بعدما تقول الولايات المتحدة "كلمتها الأخيرة" بشأن مشاركة تركيا في برنامج طائرات F-35. لكنّ وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر أعلن بوضوح شديد موقف بلاده، يوم الأربعاء 28 أغسطس/آب 2019، عندما قال إن الطريقة الوحيدة لتركيا لكي تحصل على طائرات F-35 تكمُن في إعادة نظامها الدفاعي الصاروخي S-400 إلى روسيا.
وفي وقتٍ سابق، خلال انعقاد معرض "ماكس-2019" للطيران في موسكو، صوّرت الكاميرات أردوغان حين كان يسأل نظيره الروسي فلاديمير بوتين عما إذا كان بمقدور أنقرة شراء المقاتلة الروسية سوخوي من طراز Su-57 من الجيل الخامس. وأجابه بوتين بعد برهة قائلاً: "نعم، بإمكانكم".
ما أهمية ذلك؟
تخوض موسكو وأنقرة منذ فترة طويلة محادثات حول شراء الطائرات العسكرية الروسية، وتكثفت تلك المحادثات بعد تعليق مشاركة تركيا في برنامج F-35 الأمريكي، وشراء أنقرة لأنظمة الصواريخ S-400 من روسيا. وبعد فترة وجيزة من الاجتماع بين بوتين وأردوغان، صرح ديمتري شوغاييف، مدير الخدمة الفيدرالية الروسية للتعاون العسكري الفني، للصحفيين في معرض "ماكس-2019" للطيران، بأن البلدين يناقشان صفقة بيع المقاتلة الروسية Su-35 -وهي منافسة لطائرة F-35 الأمريكية- والمقاتلة الروسية Su-57، فضلاً عن أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية.
ذكرت صحيفة Vedomosti الروسية أن برنامج العرض الجوي في معرض "ماكس" للطيران الدولي قد "خضع لتعديلات وفقاً لتفاصيل المشاورات الروسية-التركية بشأن قضايا الطيران".
وقال أحد كبار مديري مصنع للأسلحة العسكرية، ممن تحدّثوا إلى وسائل الإعلام شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن العرض الجوي للمقاتلة Su-35 أمام الزعيمين كان بغرض تحقيق "قفزة نوعية" في المحادثات بين الجيش التركي وشركة "روسوبورون إكسبورت" الحكومية الروسية التي يوكَل إليها شؤون صادرات وواردات روسيا من الأسلحة.
وقال سيرغي تشيميزوف، رئيس شركة "روستيخ" العملاقة للصناعة العسكرية الروسية، في يوليو/ تموز، عند مناقشة بيع الطائرات الحربية الروسية إلى تركيا لأوّل مرّة: "نحن نرى جميعاً ضغوطاً غير مسبوقة تُمارس على تركيا، لكن على حد علمي اعتمدت أنقرة موقفاً مباشراً وثابتاً" بشأن شراء منظومة الدفاع الصاروخي S-400، مضيفاً أن "حقيقة عدم رضوخ تركيا لضغط حلفائها في الناتو يدل على استقلال السياسة الخارجية للحكومة التركية والرئيس".
ماذا حققت زيارة أردوغان الأخيرة؟
في حديثه إلى موقع Al-Monitor الأمريكي، قال أندريه فرولوف، المحلل العسكري ورئيس تحرير صحيفة Eksport Vooruzheny الروسية -ويعني اسمها تصدير الأسلحة- إن زيارة أردوغان لم تُغيّر الكثير في ما يتعلّق بتيسير التعاون العسكري الفني بين البلدين.
وأشار فرولوف إلى أن "الزيارة كانت مخططة لتتزامن مع تسليم الدفعة الثانية من منظومة الصواريخ S-400".
في معرِض حديثه عن الصفقات المحتملة الأخرى، أشار فرولوف إلى إمكانية شراء المقاتلة Su-35، وأنظمة الدفاع الجوي "Vityaz" و"Pantyr" وطائرات الهليكوبتر المُستخدمة لأغراض الانتقالات.
وأشار إلى أن "بعض مشروعات التطوير المشترك تظلّ ممكنة. روسيا بإمكانها مساعدتهم في ما يتعلّق بمقاتلة الجيل الخامس التجريبية التركية TF-X، وفي المقابل، قد تقترض تقنيات إنتاج الطائرات بدون طيار بالإضافة إلى أشياء مثل الإلكترونيات".
وماذا بعد؟
سيجتمع شوغاييف قريباً مع رئيس رئيس هيئة الصناعات الدفاعية بوزارة الدفاع التركية، إسماعيل دمير، لمناقشة زيادة آفاق التعاون العسكري الفني.
وقال شوغاييف إن "من السابق لأوانه الحديث عن مباحثات بشأن صفقات ملموسة، والعُرف المعتاد هو أننا نحتاج أولاً إلى إجراء بعض المشاورات"، مشيراً إلى أن موسكو قد تساعد أنقرة في صناعة المقاتلة الجوية التركية TF-X.وكتب رئيس الشركة المُصنعة لطائرات "ميغ" الروسية، إيليا تاراسينكو، على فيسبوك أن أردوغان أبدى اهتماماً أيضاً بالمقاتلة متعددة المهام من طراز" ميغ-35″ أثناء العرض الجوي.