قريباً ستصبح جاكرتا عاصمةً سابقة لإندونيسيا، إذ تخطط الدولة لنقل مقرها الإداري من جزيرة جاوة الأكثر اكتظاظاً بالسكان إلى جزيرة بورنيو الشهيرة بغاباتها. وتقول صحيفة Washington Post الأمريكية، إن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو يراهن على أن العاصمة الجديدة للدولة الواقعة في جنوبيّ شرق آسيا ستوزِّع الثروة على مواطنيها البالغ عددهم 267 مليون نسمة بشكل أفضل –وستعمل على تخفيف الضغط على جاكرتا المكتظة بالسكان والتي كانت بمثابة المركز التجاري والسياسي لإندونيسيا لعدة قرون.
1- ما المشكلة في جاكرتا؟
فضلاً عن اكتظاظها بالسكان، فإن المدينة تغرق. إذ يقع خُمسا جاكرتا أدنى مستوى سطح البحر وتنخفض بعض المناطق بمعدل 20 سم (8 بوصات) سنوياً. ويرجع ذلك في الغالب إلى السحب المستمر لمياه الآبار من باطن المستنقعات. ويعد الازدحام المروري المزعج والهواء الملوث واقعاً يومياً في حياة سكان جاكرتا البالغ عددهم 10 ملايين نسمة. ويتسبب هذا الاختناق المروري في خسارة تقدر بنحو 100 تريليون روبية (7 مليارات دولار) في السنة بسبب نقص الإنتاجية بمنطقة جاكرتا الكبرى، المعروفة باسم جابوديتابك، التي تضم 30 مليون نسمة.
2- أين ستكون العاصمة الجديدة؟
سيبدأ الإنشاء في عام 2021 وسيبدأ نقل المكاتب الحكومية في عام 2024، ولكن تحديد الأماكن بالضبط لم يُقرر بعد. ولكن المؤكد أنها ستكون في كاليمنتان، وهو الجزء الإندونيسي من جزيرة بورنيو التي تضم أيضاً منطقتين ماليزيتين (ساراواك وصباح) ودولة بروناي الصغيرة. وتقع الجزيرة على بعد نحو 1400 كيلومتر (870 ميلاً) شمال شرق جاكرتا وتتمتع بميزة أنها تقع جغرافياً في وسط إندونيسيا، حيث ستكون محمية إلى حد كبير من مختلف أنواع الكوارث الطبيعية (مثل الزلازل والتسونامي والانفجارات البركانية) التي تقع بالجزر الأخرى. ومن بين المواقع المرشحة أيضاً بوكيت سوهارتو في شرق كليمنتان.
3- ما هو المبرر الاقتصادي؟
قال الرئيس جوكو ويدودو إن هذه الخطوة ستسهم في معالجة مشكلة التفاوت في الدخل في الأرخبيل الذي يضم أكثر من 17 ألف جزيرة. فجزيرة جاوة تستوعب نحو 60% من سكان إندونيسيا وتسهم بنحو 58% في ناتجها المحلي الإجمالي. أما كاليمانتان فهي تستوعب 5.8% من السكان وتسهم بنسبة 8.2% في الناتج المحلي الإجمالي. وتمتلك الجزيرة مطارات وطرق متطورة إلى حد ما، كما تتوافر بها مياه الشرب على نطاق واسع. ولذا بحثت السلطات في إنشاء مدينة حديثة ذكية خضراء يمكن اعتبارها العاصمة لقرن من الزمان.
4- كم تبلغ التكلفة؟
تقدر تكلفة بناء مدينة من الصفر لاستيعاب 1.5 مليون نسمة بنحو 466 تريليون روبية (33 مليار دولار). وستُموَّل المشروعات من خلال مزيج من الحكومة والمؤسسات المملوكة للدولة والشركات الخاصة والشراكات بين القطاعين العام والخاص. وقال جوكو بشأن هذا إن العبء الأقل سيقع على عاتق الدولة. ولكن المجموعات المعنية البيئية أبدت قلقها بشأن تكلفة الموئل الطبيعي المستنزف بالفعل. فقد فقدت بورنيو، التي تعد موئلاً لبعض الكائنات الحية المهددة بالانقراض مثل إنسان الغاب، 30% من غاباتها خلال أكثر من أربعة عقود، بسبب صناعة الورق واللب ومزارع زيت النخيل.
5- هل تستطيع إندونيسيا تحمُّل هذه التكلفة؟
مع اعتبار جوكو العاصمة الجديدة رمزاً لهوية وتقدم الإندونيسيين، سيكون المشروع جزءاً من تاريخه، ما يعني أن الميزانية لن تكون عائقاً على ما يبدو. فالتكلفة تعادل الإنفاق الحكومي السنوي على البنية التحتية ولكنها ستوزع على مدار عقد أو نحو ذلك. إن إندونيسيا تُنفق بالفعل بلا حساب، فقد أنفقت 350 مليار دولار على مشروعات البنية التحتية خلال فترة ولاية جوكو الأولى ومن المقرر أن تنفق 412 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
6- هل نجحت دول أخرى في ذلك؟
تُعوِّل السلطات الإندونيسية على نجاح نقل 30 عاصمة على الأقل خلال القرن الماضي، بما في ذلك برازيليا (البرازيل) وأستانا (كازاخستان) وكانبيرا (أستراليا). ومن ناحية أخرى، تظل نايبيداو، التي يحكمها المجلس العسكري في ميانمار، فارغة عملياً. ورغم أن أي عاصمة جديدة تستضيف المنشآت الحكومية عادة، فمن النادر أن نرى استئصالاً واسع النطاق للأعمال التجارية الخاصة وعامة السكان. وهناك دول أخرى لا تزال في مرحلة نقل عواصمها مثل مصر.
7- ماذا سيحدث لجاكرتا؟
ستستمر في النمو. فمن المتوقع أن يصل عدد السكان إلى 35.6 مليون نسمة بحلول عام 2030، ما يجعلها تأخذ لقب طوكيو المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم. ولأن المنطقة الحضرية الكبرى تُنتج تقريباً خُمس الناتج المحلي الإجمالي لإندونيسيا، ستظل جاكرتا المركز التجاري الرئيسي في البلاد. وهناك خطة بقيمة 43 مليار دولار لحل مشكلة الاختناق المروري، تشمل إنشاء خط سكة حديد يعمل بنظام النقل السريع الذي افتُتح العام الجاري. وبالنسبة لمشكلة غمر جاكرتا، فإن الرئيس يخطط لبناء جدار عملاق لصد الأمواج الكبيرة.