احتمالية عودة داعش للظهور في شمال إفريقيا تزداد بسبب هجوم الجنرال خليفة حفتر على طرابلس وأساليب الجيش الأمريكي في التعامل مع حلفائه.
كان هذا خلاصة تقرير للمفتش العام للولايات المتحدة، أميطت عنه السرية، بعد أن رفع لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، حسب ما ورد في تقرير لموقع Al Monitor الأمريكي.
وقال التقرير: لقد أخفق البنتاغون في إعداد وحدات الجيش لمواجهة الصعوبات الثقافية في تدريب القوات المحلية في إفريقيا، مما أدى إلى عودة الوحدات إلى تكتيكاتها القديمة، وهو ما قد يمثل ضربة لمبادرات تدريب القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة في المغرب العربي.
مع احتمال عودة داعش الدول الإفريقية أقل استعداداً للحرب على الإرهاب
وتشير النتائج التي توصل إليها التقرير إلى أن الفشل في توجيه المستشارين بالطريقة الصحيحة، الذي نجم عن ضعف الإشراف على الوحدات الأمريكية المنتشرة في المنطقة ونقص الاستعداد الثقافي، يمكن أن يزيد من ضعف استعداد الدول الإفريقية لخوض المعركة ضد الإرهاب.
إذ يضع البنتاغون احتواء التداعيات المحتملة للنزاع الليبي وانتشار عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في شمال إفريقيا على قمة أولوياته.
وذكر التقرير أن "القوات المتحالفة إقليمياً RAF لم تُجهز جيداً لنشرها في إفريقيا، الأمر الذي أدى إلى تراجع تأثير مهام القوات المتحالفة إقليمياً.
ويعد التعاون الأمني عنصراً رئيسياً في خطة الحملة الخاصة بالقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا USAFRICOM في الساحة الأفريقية.. وبالتالي، فإن التدريب غير الفعال الذي تقدمه القوات المتحالفة إقليمياً يمكن أن يعرقل أو يؤخر تنفيذ استراتيجية "القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا" داخل القارة السمراء"، في إشارة إلى القيادة العليا للبنتاغون في إفريقيا.
وتجدر الإشارة إلى أن القوات المتحالفة إقليمياً، والمعروفة اختصاراً بـRAF، هي مبادرة يقودها الجيش الأمريكي لتطوير وحدات مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات كل ساحة من ساحات الحرب مثل إفريقيا.
وتتوزع المجموعات المُكلَّفة على أكثر من 12 دولة.
المشكلة في طريقة الأمريكيين في التدريب
وقالت القيادة الأمريكية في إفريقيا إن هذه الوحدات تتولى "جزءاً كبيراً" من بناء الجيوش في القارة.
ولكن يبدو أن تدريب وزارة الدفاع الأمريكية في إفريقيا لا يتماشى مع الوحدات المحلية أيضاً، لأن ما يسمى بقوات البنتاغون المتحالفة إقليمياً "تحاول تدريب الدول الشريكة على المعايير العسكرية الأمريكية بدلاً من تدريب الدول الشريكة على المعايير المتبعة في المنطقة ككل"وفقاً لما ذكره التقرير.
وأضاف أن وزارة الدفاع "حاولت إجبار الدول الشريكة على التكيف مع إمكانات الوزارة بدلاً من تعزيز إمكانات الدولة الشريكة. وقد أدى هذا النهج إلى عودة الدولة الشريكة إلى ممارساتها بعد مغادرة القوات المتحالفة إقليمياً".
ونصح المفتش العام في البنتاغون قائلاً إن الوحدات الصغيرة ذات المبادئ التوجيهية الأوضح ستحقق نتائج أفضل في التعامل مع هذه المجموعة من المهام، مثل كتائب قوات الأمن المساعدة الجديدة التابعة للجيش والمعروفة اختصاراً بـ SFAB، التي دارت شائعات عن انتشارها المحتمل في الشرق الأوسط وإفريقيا.
وقال قائد سابق في القوات الخاصة لموقع Al Monitor: "ما ينبغي أن يكون مبعث قلق هو نشر أفراد الجيش في إفريقيا دون أن يكونوا مستعدين. ليس من طبيعة الجيش أن يتحالف إقليمياً، وأن يتركز اهتمامه على جزء معين من العالم. أعتقد أنه وضع مزر بامتياز، وحدة تقليدية تُنشر في مكان غير مجهز، تلك وصفة لا يترتب عليها سوى الفشل".
وداعش يستعد للعودة بعد هجوم حفتر
وتأتي هذه الأخبار في الوقت الذي أصدر فيه مسؤولو البنتاغون تقريراً يحذر من احتمالية عودة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) للظهور في شمال إفريقيا والشرق الأوسط مع غياب الضغوط الأمريكية المتواصلة والمساعدة الاستشارية، حتى مع تركيز وزارة الدفاع على تدريب حلفاء الولايات المتحدة على محاربة القاعدة وداعش وغيرهما من الجماعات المتطرفة بمفردهم.
وأورد موقع Al Monitor في شهر يونيو/حزيران الماضي أن الجنرال بول سيلفا، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع آنذاك، شهد ارتفاعاً طفيفاً في أعداد مقاتلي داعش في ليبيا، في أعقاب هجوم على العاصمة قاده أمير الحرب المتمركز في شرق ليبيا، (في إشارة الجنرال خليفة حفتر) مما أجبر كتيبة من مشاة البحرية الأمريكية على مغادرة البلاد. وقدمت وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون استراتيجية مشتركة للعمل في شمال إفريقيا إلى الكونغرس في الشهر نفسه، وفقاً لسجلات مجلس النواب الأمريكي.
في مكان آخر، وتحديداً في سوريا، قال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يقاتل الجماعة المتشددة في الولايات المتحدة، لمفتش البنتاغون العام في تقرير صدر يوم الثلاثاء الماضي 6 أغسطس/آب إن إعلان الانسحاب الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول الماضي "قلص الدعم المتاح للقوات الشريكة في وقت كانت تحتاج فيه إلى التدريب والتجهيز للرد على خلايا داعش المتمردة".
والتونسيون أبلوا بلاءً حسناً
وقال قائد العمليات الخاصة السابق إن قوات العمليات الخاصة في مشاة البحرية "أبلت بلاءً حسناً" في تدريب وحدات مكافحة الإرهاب التونسية التي تقاتل تنظيم القاعدة، بما في ذلك المعركة العنيفة التي خاضتها مع المسلحين على طول الحدود الغربية مع تونس، والتي أكدتها صحيفة The New York Times الأمريكية.
لكن تأثير كتائب قوات الأمن المساعدة، وهي الوحدات الاستشارية التقليدية للجيش، ليس واضحاً على الرغم من أن المشرعين المؤثرين مثل رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ جيم إينهوفي، النائب عن ولاية أوكلاهوما، دعوا إلى نشر الوحدات في إفريقيا.
وأفاد المفتش العام الأمريكي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان، المعروف اختصاراً بـSIGAR، الأسبوع الماضي بأن عناصر التدريب كانت في الغالب مكونة من جنود تعرضوا للضغوط أو أُمروا بالانضمام إليها -لأن الانضمام للوحدات ليس مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالترقية في صفوف الجيش- وأكد التجنيد أن اللياقة البدنية أهم من مهارات المشورة الفعلية.
وأخفق الجيش الأمريكي أيضاً في توفير عدد كافٍ من الرؤساء للمستشارين قبل نشرهم، إذ لا تزال المجموعة التي تقرر رحيلها في أكتوبر/تشرين الأول لا تعرف إلى أين يفترض بها الذهاب، حسبما أفاد المفتش العام الأمريكي الخاص لإعادة إعمار أفغانستان.
وحالما تدخل وحدات التدريب في القتال في أفغانستان، فغالباً ما تعيقها الموارد العسكرية الأمريكية الشحيحة، مثل الرحلات الجوية بالمروحيات ورحلات المركبات إلى ساحة المعركة المحدودة، والعقبات البيروقراطية الكبيرة في إجراءات الموافقة التي تأخذ وقتاً طويلاً.
وقال قائد القوات الخاصة السابق: "الثقافة التنظيمية للجيش الأمريكي تعيق هذه الأنواع من المهام. وهي لا تفعل شيئاً سوى أن تجعل النجاح أمراً صعباً".