يبدو أن طائرات CH-4 الصينية الفتاكة بدون طيار بدأت تسقط من اهتمامات عدد من مشغليها الرئيسيين. ووفقاً للتقرير الصادر عن وزارة الدفاع الأمريكية في أغسطس/آب 2019، فقد انخفض عدد طائرات CH-4 العاملة في سلاح الجو العراقي إلى طائرة واحدة، بعدما كان لديها أسطول من حوالي 10 طائرات.
وخلال قوة المهام المشتركة – عملية "العزم الصلب"، التي قادتها الولايات المتحدة ضد عناصر (داعش) في العراق وسوريا، قال المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية إن مشكلات الصيانة أجبرت معظم طائرات CH-4 العراقية على أن تظل على الأرض دون أن تحلق.
كانت تملأ سماء الشرق الأوسط
تقول مجلة National Interest الأمريكية، إن تشبه طائرات CH-4 تشبه كثيراً طائرات MQ-1 Predator الأمريكية الصنع. وكانت الطائرات المسيرة الصينية، التي يمكن التحكم بها عن بُعد عبر الأقمار الصناعية ويمكنها حمل الصواريخ المختلفة، تحظى بشعبية كبيرة بين جيوش الشرق الأوسط المحبطة من التكلفة، والأمور السياسية، والمعاملات الورقية المتعلقة بالحصول على طائرات مسلحة بدون طيار من الولايات المتحدة.
لكن بدا أن الطائرات الصينية بدون طيار بدأت تفقد شعبيتها. لدرجة أن سلاح الجو الأردني عرض طائراته CH-4 الست للبيع، في يونيو/حزيران 2019.
ومن غير الواضح لماذا تحاول عمّان التخلص من طائراتها من طراز CH-4 بعد ثلاثة أعوام فقط من امتلاكها. لكن قد يكون سحب الاستثمارات مرتبطاً بجهود الأردن المستمرة للحصول على طائرات Predator الأمريكية بدون طيار.
وكان الأردن اشترى طائرات CH-4 مسلحة بالصواريخ عام 2016 بعد رفض إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما طلب عمان بالحصول على طائرات MQ-1.
وتُصنّع شركة General Atomics الأمريكية المتخصصة في الصناعات العسكرية طائرات MQ-9 Reaper الأكبر. واعتمد السرب التاسع من سلاح الجو الأردني على الطائرات الصينية بدون طيار. واستخدمت الوحدة نفسها من السلاح الجو طائرات مسيرة أخرى، من بينها Schiebel S-100 Camcopters وLeonardo Falcos. ولم يعرض سلاح الجو الأردني طائراته CH-4 علانية إلا بحلول مايو/أيار 2018.
أمريكا تسببت بانتشارها
وذكر موقع Al-Monitor أن "شركة Aerospace Long-March International Trade عملت على تسويق طائرات CH-4B، ووجدت سوقاً جيدة لها في الشرق الأوسط، ويرجع ذلك جزئياً إلى إحجام الولايات المتحدة عن بيع الطائرات المسيرة المسلحة لحلفائها في المنطقة. حصلت كل من مصر، والسعودية، والإمارات والعراق على الإصدار المسلح من الطائرة CH-4B، واستُخدم ذلك الإصدار على نطاق واسع في العمليات في اليمن وضد أهداف تنتمي لتنظيم داعش في العراق".
لكن الأردن لم يستسلم في محاولاته الحصول على إذن لشراء الطائرات الأمريكية بدون طيار، والتي تتميز بامتلاكها أجهزة استشعار أفضل، وتسليح أفضل، وقدرات أفضل على الاتصال من الطائرات الصينية.
ربما تعتقد عمّان أن الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب أكثر انفتاحاً تجاه الموافقة على بيع الطائرات الأمريكية بدون طيار إلى دول من الشرق الأوسط، ليس فقط من أجل المنفعة العسكرية لكن أيضاً لإيجاد وسيلة أخرى لمنافسة الصين تجارياً.
وأوضح موقع Al-Monitor: "إدارة دونالد ترامب قلقة من انتشار الأسلحة التي تحمل شعار 'صنع في الصين' في كل مكان في ساحات القتال في الشرق الأوسط" .
واشنطن قلقة من توجه حلفائها لبكّين
ويزداد عدد حلفاء الولايات المتحدة الذين يتوجهون إلى بكين بحثاً عن التقنيات التي تحجم الولايات المتحدة عن تصديرها لهم بسبب توقيعها على معاهدات دولية للحد من انتشار الأسلحة. ويساور وزارة الدفاع الأمريكية قلقاً متزايداً من أن مبيعات الأسلحة الصينية المتزايدة تمنح الصين نفوذاً أكبر لتأمين موطئ قدم اقتصادي وعسكري لها وتكوين علاقات مع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة التي سيطر عليها مسؤولو وزارة الدفاع لوقت طويل.
وقال راندال شريفر، مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الهند والمحيط الهادي، في مؤتمر صحفي عقدته وزارة الدفاع مؤخراً: "من المحتمل أن تكون هذه الصفقات أداة صينية لتطوير علاقات دفاعية وعسكرية أوثق، وخاصة للأغراض المستقبلية. الصين أقل انضباطاً، وبنشرها تلك الأسلحة، يصبح هناك مخاطر لانتشار الأنظمة التي قد نعتبرها غير مسؤولة" .
الصيّن تسابق الزمن وتطوّرت طائرتها
ومن المحتمل أيضاً، بكل تأكيد، أن يهدف الأردن إلى تبديل الطائرات CH-4 بطائرات صينية أخرى بدون طيار من طراز أفضل. وبناء على تجربة العملاء الذين اختبروا الطائرات CH-4، فقد طوّرت شركة China Aerospace Science and Technology Corporation طائرات CH-5 الأكبر والأقوى.
وذكر تقرير لمجلة Jane's: "توفر الطائرة CH-5… حمولة داخلية بسعة 441 رطلاً (200.5 كغم) لأجهزة الاستشعار… وحمولة خارجية 2.205 رطل (1002 كغم)، ما يمكنها من حمل ما يصل إلى 16 صاروخاً موجهة بدقة، تعد هذه الطائرة مُكافِئة إلى حد كبير للطائرة الأمريكية MQ-9 Reaper، إلا أنها تحتفظ بمحرك كبّاس بينما تمتلك الطائرة Reaper محرك توربيني" .
وفي العراق على الأقل، لم تكن CH-4 هي الطائرات الوحيدة التي عانت من مشكلات فنية. إلى جانب طائرات CH-4 الصينية، حصلت العراق أيضاً على 10 طائرات ScanEagle أصغر من صناعة شركة Insitu الأمريكية.
لكن وفقاً للمفتش العام، حلقت طائرات ScanEagle مرتين فقط بين شهر مارس/آذار وشهر يونيو/حزيران 2019 بسبب تولي القوات الأمريكية مهمة تدريب القوات العراقية ووجود ثغرات في تعاقدات الصيانة، ومشكلات تتعلق بالتداخل مع الإشارات.