إسقاط ولاية الرجل على المرأة.. ماذا يعني بالنسبة للمجتمع السعودي؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/08/02 الساعة 07:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/02 الساعة 07:43 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية - رويترز

موافقة المملكة العربية السعودية على إسقاط ولاية الرجل على المرأة قرار تاريخي بكل ما تحمله كلمة تاريخي من معنى، حيث إن تبعاته وتأثيراته الاجتماعية على مجتمع كان قبل عام واحد لا يعترف بحق المرأة في قيادة السيارة، يصعب توقعها، فماذا كانت تعني الولاية؟ وهل القرارات الأخيرة هي نهاية المطاف بالنسبة لحقوق المرأة؟

ماذا تعني ولاية الرجل؟

كان "نظام ولاية الرجل" على المرأة في السعودية يعني أن كل مواطنة لابد أن يكون لها وصي من الرجال عادة ما يكون الأب أو الزوج أو حتى الابن أحياناً، وفي أحيان أخرى العم أو الشقيق، لا يمكن للمرأة أن تحصل على جواز سفر أو أن تسافر للخارج دون موافقة ذلك الوصي.

الأمر بالطبع كان لا يقتصر على السفر فقط، بل كان الوصي من الرجال هو صاحب القرار في كل ما يخص المرأة التي يتمتع بحق الولاية عليها سواء أمور أو حق العمل وغيرها، باختصار كانت السلطات في السعودية لا تتعامل إلا مع الرجال.

انتقادات وضغوط حقوقية

تلك السياسة المقيدة للمرأة بصورة خانقة تعرضت لانتقادات من منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، التي اعتبرتها تحرم النساء من حريات اجتماعية واقتصادية وتجعلهن تابعات ومواطنات من الدرجة الثانية، وازدادت تلك الضغوط شراسة بعد تكرار حوادث هروب فتيات سعوديات وطلبهن اللجوء لدول غربية.

حالات الهروب وظهور ناشطات سعوديات في مجال حقوق الإنسان وتعرض بعضهن للاعتقال بعد أن اشتكين من قوانين المملكة وعاداتها التي جعلتهن "عبيداً لأقاربهن الذكور"، وضع مزيداً من الضغوط على السلطات السعودية فقامت بتخفيف تلك القيود تدريجياً وأعطت المرأة حق قيادة السيارة بنفسها قبل نحو عام، في خطوة إصلاحية كبرى في المملكة الساعية لتغيير صورتها في العالم كدولة تفرض قيوداً صارمة على مواطنيها.

حقوق تاريخية

التعديلات على نظام وثائق السفر ونظام الأحوال المدنية الذي قالت صحيفة "عكاظ" السعودية أمس الخميس 1 أغسطس/آب إن "جهات عليا" أقرتها، تتيح للمرأة استخراج جواز السفر دون اشتراط موافقة ولي أمرها، وفق ما كان معمولاً به في السابق.

التعديلات الجديدة تنص على "منح الحقوق ذاتها للذكر والأنثى فيما يتعلق بحرية السفر إذا تجاوز عمره 21 عاماً، ويكون تصريح السفر للحضانة والقصّر والمتوفى وليهم فقط" .

وأضافت الصحيفة أن التعديلات شملت أيضاً نظام وثائق السفر على تعديل المادة الثانية، وينص التعديل على أنه "يمنح جواز السفر لكل من يقدم طلباً بذلك من حاملي الجنسية العربية السعودية، وذلك وفقاً لما تحدده اللائحة التنفيذية".

حصول المرأة السعودية على جواز السفر

وتضمنت التعديلات إلغاء المادة الثالثة، والتي كانت تنص على "يجوز أن يشمل جواز السفر زوجة حاملِه السعودية وبناته غير المتزوجات. وأبناءه القصر وفقاً لما تحدده اللائحة التنفيذية" .

يمكن للمرأة أن تستخرج جواز سفر دون إذن من رجل

وفقاً لما جاء في التعديلات "يكون منح جواز السفر وتصريح السفر للخاضعين للحضانة والقُصر المتوفى ولي تحدده اللائحة التنفيذية"، وفق المادة الرابعة في النظام، التي كانت تشمل جميع الخاضعين لولاية أو وصاية أو قوامة، قبل تعديلها أخيراً.

أما فيما يتعلق بتعديلات نظام الأحوال المدنية، فقد ألغت التعديلات الجديدة نصّ "محل إقامة المرأة المتزوجة هو محل إقامة زوجها إذا كانت العشرة مستمرة بينهما" من المادة الـ30 لتكون على النحو التالي "محل إقامة القاصر هو محل إقامة والده أو الوصي عليه" .

قفزة كبيرة في المساواة

بإسقاط نظام ولاية الرجل، يمكن القول أن المرأة السعودية قد نالت كل حقوقها الاعتبارية من الناحية الاجتماعية والسياسية، وأصبحت الآن في وضع أفضل كثيرا، لكن تظل نقطة ارتفاع نسبة البطالة بين السعوديات ومحدودية فرص العمل أمامهن هي التحدي الأكبر، حيث تبلغ نسبة البطالة بين السعوديات أكثر من 80%.

لكن من المتوقع أن تحدث القرارات الأخيرة انفراجه كبيرة في هذه الناحية، حيث أصبح من حق المرأة أن تصبح رب الأسرة أسوة بالرجل وبالتالي ستخرج للعمل كي تعول الأسرة وهو ما كان غير وارد دون موافقة الولي.

هذه القرارات من المنتظر بالطبع أن ترفع من تصنيف المملكة في مجال المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق الاجتماعية، حيث كانت السعودية تحتل المرتبة 127 من بين 136 دولة في ذلك المجال مع مطلع القرن الحالي، فالمرأة السعودية حتى عام 2011 لم تكن تتمتع بحقوق سياسية سواء في التصويت أو الترشح للانتخابات، لكن الملك عبدالله أعطى النساء ذلك الحق وشاركن بالفعل في الانتخابات البلدية المحدودة التي أجريت عام 2015.

أما عن التأثيرات الاجتماعية لتلك التغييرات، فمن المتوقع أن تنال استحسان الأجيال الأصغر خصوصاً من النساء، وإن كانت شريحة عريضة من الأجيال الأكبر ربما لا تشعر بالراحة، لكن المؤكد أن رحلة تحويل المملكة إلى دولة عصرية تحترم حقوق الإنسان وتساوي بين مواطنيها بغض النظر عن الجنس قد شهدت طفرة كبيرة بإقرار تلك التعديلات.

تحميل المزيد