أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم 25 يونيو/حزيران 2019، أمراً تنفيذياً بفرض عقوبات أمريكية جديدة على أعلى رأس فى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تستهدف لأول مرة المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، ومكتبه والعديد من العاملين في مكتب المرشد الأعلى.
تعتبر تلك الخطوة الأمريكية تصعيداً سياسياً ضد إيران، خاصة وأن فرض عقوبات على المرشد الأعلى الإيراني خطوة لم تتخذها الإدارة الأمريكية سابقة، وتهدف إلى منع خامنئي والدائرة الأكثر قرباً له، من الوصول إلى الأصول المالية الخاصة بهم.
لكن النقطة الأهم في ذلك الأمر، أن الشخصيات المقربة من خامنئي والتي شملتها العقوبات الأمريكية الجديدة يديرون أهم الشركات الاستثمارية في إيران، وتتبع لمؤسسة مالية ضخمة يشرف عليها مباشرة آية الله خامنئي.
فما هي تلك "الإمبراطورية الاقتصادية" التي يديرها خامنئي بنفسه، ولا تخضع لمراقبة أحد؟
فى السنوات التي تلت الثورة الإسلامية في إيران، سادت حالة من الفوضى في البلاد، تمثلت في هروب الشاه وحاشيته، وفرار الكثيرين ممن كانوا يخشون الحكم الإسلامي وسيطرة رجال الدين، تاركين إيران إلى أن تهدأ الأمور وتتضح الرؤية.
أغلب من تركوا إيران في تلك اللحظات كانوا ينوون العودة مرة أخرى، فإيران وطنهم وكل ما يملكون.
لكن الأمور لم تهدأ، وقرر صدام حسين أن يخوض حرباً مع الجمهورية الوليدة خوفاً من تصدير الثورة الإسلامية.
انتهت الحرب العراقية الإيرانية بعد 8 سنوات، وتركت الملايين من الأيتام والأرامل ومصابي الحرب والمحاربين الذين لا يملكون أي مصدر رزق.
كان آية الله الخميني هو بالطبع من يتولى زمام الأمور، ففي عام 1989 وقبل وفاته بأشهر معدودة، وجد أن الحل يكمن في الاستفادة من الأصول والعقارات التي تركها أصحابها وفروا خلال الثورة الإسلامية، ومن هنا نشأ ما يطلق عليه بالفارسية "ستاد اجرايى فرمان حضرت إمام"، أو مقر تنفيذ أوامر الإمام.
البداية كانت بحسن نية، فقد كان هدف آية الله الخميني من إنشاء هذا المقر هو حصر العقارات التي تركها مالكوها أو تلك المملوكة لحاشية الشاه ومعارضي الثورة الإسلامية، وبيعها في مزاد علني، واستخدام كل العائدات المالية منها لمساعدة الفقراء ومصابي الحرب والأرامل.
فأمر الخميني عدداً من مساعديه القيام بتلك المهمة، مشدداً على أن يتم الأمر برمته في إطار قانوني، ويكون القضاء هو الفيصل في مصادرة أي عقار أو أصول، خشية تعرض أي مواطن للظلم، وبحسب الصحفي الإيراني "حسين" (اسم مستعار)، كان من المقرر لهذا المقر العمل لمدة عامين أو 3 أعوام فقط، وينتهي أمره بعد ذلك.
أنشأ المقر مؤسسات خيرية، هي بنياد مستضعفان أو مؤسسة المظلومين، وبنياد شهيد أو مؤسسة الشهداء، وتعمل هذه المقرات حتى يومنا هذا.
عمل مقر تنفيذ أوامر الإمام وتلك المؤسسات على العديد من الأعمال الخيرية، مثل بناء المدارس، تطوير البنية التحتية، توفير معاشات لأهالي ضحايا الحرب العراقية الإيرانية، وتقديم رواتب للمحاربين.
إلى هنا كانت الأمور تبدو وكأنها تسير بشكل صحيح، إلى أن مات الخميني، ووصل آية الله علي خامنئي إلى منصب قيادة الجمهورية الإسلامية، فسرعان ما تحول مقر تنفيذ أوامر الإمام إلى أهم وأكبر مؤسسة مالية في إيران، كيف لا، وهي المؤسسة الوحيدة التي تسيطر على أعلى النسب من أسهم جميع الشركات في مختلف القطاعات.
حياة متواضعة، وإمبراطورية اقتصادية هائلة
ولد علي حسين خامنئي عام 1939 في مدينة مشهد في إيران، كان والده رجل دين وإمام مسجد، وسلك علي خامنئي نفس الطريق، تتلمذ على يد الخميني قبل أن يقوم الشاه بنفيه خارج إيران.
يقول المؤرخ الإيراني خسرو وكيلي لـ"عربي بوست"، "جاء آية الله علي خامنئي من أسرة متواضعة للغاية، وكان منزل أبيه مكوناً من غرفة واحدة فقط، انجذب علي خامنئي إلى الفكر الإسلامي الثوري في شبابه، وظل متمسكاً بالأفكار الثورية حتى بعد اعتقاله والتنكيل به من قبل قوات أمن الشاه".
كان خامنئي حينها رجل دين عصرياً غير متعصب، ولم يكن محسوباً على التيار المحافظ، حتى أنه كانت لديه العديد من الأفكار التقدمية، وكان يبلغ من العمر حينها حوالي 24 عاماً بحسب ما يقوله يقول خسرو وكيلي.
عندما عاد الخميني مرة أخرى إلى إيران بعد هروب الشاه، كان علي خامنئي يبلغ من العمر 40 عاماً، وأصبح من أهم الأفراد في الدائرة القريبة جداً من آية الله الخميني، وتقلد العديد من المناصب الهامة بسرعة مثيرة للانتباه.
بعد وفاة الخميني، اختار مجلس خبراء القيادة (هيئة مكونة من 88 رجل دين ومهمتها الأساسية هي اختيار المرشد الجديد لإيران، ومن سلطتها عزل المرشد الحالي في حالة إثبات عدم أهليته للاستمرار في منصبه)، علي خامنئي خلفاً له، وكان أول قرار للقائد الجديد هو استمرار عمل مقر تنفيذ أوامر الإمام.
ومن هنا بدأت الإمبراطورية المالية في النمو بخطوات سريعة
في التسعينيات أمر المرشد الأعلى الإيراني القضاء بتسريع عمليات إصدار الأحكام، بشأن مصادرة الأصول والعقارات، وتحويل ملكيتها مباشرة إلى مقر تنفيذ أوامر الإمام.
يقول الصحفي الإيراني حسين لـ"عربى بوست"،" في زمن الخميني كانت تلك العملية القضائية معقدة قليلاً، وكان لابد للمحكمة أن ترسل 3 إنذارات إلى مالكي العقار لكي يتم تنبيهم، وبالرغم من أن هذا الأمر لم يحدث في جميع الحالات، ولكنه كان على الأقل موجوداً"
إلا أن الأمور قد تبدلت في عهد خامنئي، وأصبحت العملية أسرع، وتتم المصادرة خلال دقائق ووصل الأمر إلى سيطرة الدولة على أي عقار لا يمتلك صاحبه الأوراق الصحيحة التي تثبت ملكيته حتى لو كان متواجداً فيه. ووفقاً لرواية حسين.
وبهذه الآلية، تمكن مقر تنفيذ أوامر الإمام من وضع يده على الآلاف من العقارات والأصول، وبدأت المزادات في العمل لبيعها لصالح المقر فقط، فبدلاً من إرسال عائدات تلك المزادات إلى المؤسسات الخيرية السابق ذكرها، أصبح المقر يحتفظ بتلك العائدات لنفسه.
من العقارات إلى النفط، الاستثمار في كل شيء
في عام 1997 عندما تولى رئاسة البلاد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، أراد أن يضع حداً لتدفق كل تلك الأموال إلى مقر تنفيذ أوامر الإمام، فطلب من البرلمان أن يصدر أمراً بالإشراف على المقار والمؤسسات التابعة له، حفاظاً على المال العام.
عندها، بدأ آية الله خامنئي في تحويل مقر تنفيذ أوامر الإمام إلى كيان سري، لا يعرف عنه إلا القليل.
أصدر البرلمان الإيراني بياناً يعلن فيه أن مقر تنفيذ أوامر الإمام، خارج سيطرته تماماً، ولا يخضع للتفتيش ولا الإشراف إلا من قبل المرشد الأعلى فقط.
في عام 2000 قرر المرشد الأعلى علي خامنئي التوسيع في أنشطة المقر، وبدلاً من اقتصار الاستثمار في العقارات فقط، توجه خامنئي إلى باقي القطاعات الاقتصادية في البلاد.
قام خامنئي بخرق القانون، وقرر الاستثمار في المجالات التي تعتبر حكراً على الدولة فقط، كقطاعي النفط والغاز الطبيعي.
وبما أن الكلمة العليا في إيران للمرشد الأعلى، فقد انصاع البرلمان لرغبة القائد الأعلى، وقام بتشريع قوانين جديدة تسمح للقطاع الخاص ومقر تنفيذ أوامر الإمام بالاستثمار في تلك القطاعات.
العمل تحت اسم آخر
عندها، حانت اللحظة لإنشاء شركة مستقلة، تكون هي الواجهة الاستثمارية لمقر تنفيذ أوامر الإمام، فتم إنشاء شركة تدعى "تدبير"، وهي التي تقوم بكافة المعاملات الاستثمارية للمقر.
لا أحد داخل إيران ولا خارجها يعرف ما هو حجم استثمارات شركة تدبير، ولا رأس مال مقر تنفيذ أوامر الإمام بشكل دقيق، فكل حسابات المقر والشركة محاطة بسرية كبيرة.
حاول عربي بوست التواصل مع مكتب العلاقات العامة لشركة تدبير أكثر من مرة خلال يومين على التوالي، ولكن لم يجبنا أحد.
لكننا تمكنا من التواصل مع أحد الموظفين في شركة تدبير التابعة للمقر، ووافق على الحديث بشرط عدم الكشف عن هويته.
يقول الموظف لـ"عربي بوست"، "إن أكبر صفقة حصل عليها المقر من خلال الشركة كانت شراء 80% من أسهم شركة الاتصالات الأولى والأشهر في إيران، ومن هنا تبدأ شركة تدبير والمقر في مرحلة جديدة من الاستثمار".
توالت الأعوام والاستثمارات، وكل عام تدخل شركة تدبير في مجال جديد للاستثمار، وأصبحت تمتلك نصيب الأسد في أكبر شركات النفط والغاز الطبيعي، الاتصالات، تكنولوجيا المعلومات، الزراعة، وأخيراً الطاقة النووية.
يقول الموظف في شركة تدبير "حتى الأدوية استثمرنا بها، تمتلك الشركة عدة شركات تعمل في مجال الصيدلة، هذا بجانب الشراكة الدولية مع إحدى أشهر الشركات الفرنسية (لكنه فضل عدم ذكر اسمها)".
شريان الحياة لشركة تدبير
بدأ مقر تنفيذ أوامر الإمام في الاتجاة إلى القطاع المصرفي، فتم إنشاء بنك بارسيان، وقام بشراء 70 من الأسهم في البنك.
يرى المحلل الاقتصادي الإيراني علاء الدين مهدي أن بنك بارسيان وغيره من البنوك التابعة للمؤسسات المالية الخاضعة لسيطرة المرشد الأعلى والحرس الثوري، هي سبب خراب الاقتصاد الإيراني.
ويضيف مهدي لـ"عربى بوست"، "عندما تم افتتاح بنك بارسيان حاول جذب العملاء بكل الطرق، فقدم فائدة أعلى من البنوك الحكومية، وسهل طرق الحصول على القروض، بل وقدم كل التسهيلات لقروض بمليارات الدولارات لعدد كبير من المسئولين بدون ضمانات سداد كافية، فضرب القطاع المصرفي الحكومي في مقتل، وأضر بالاقتصاد الإيراني أكثر من العقوبات الأمريكية".
يقول الموظف في شركة تدبير، "بنك بارسيان كان بمثابة شريان الحياة لشركة تدبير، فمدنا بقروض كثيرة بمبالغ هائلة، استطعنا من خلالها الاستثمار في مجالات جديدة، مثل شركات اتصالات الهاتف المحمول".
لفت هذا النمو الكبير لمقر تنفيذ أوامر الإمام وخاصة نشاطه في مجال الطاقة النووية، نظر الأوروبيين وفي عام 2010 أدرج الاتحاد الأوروبي السيد محمد مخبر رئيس مقر تنفيذ
أوامر الإمام ضمن قائمة العقوبات الأوروبية، لكن تم رفع اسمه من تلك القوائم بعد فترة قليلة دون أن يقدم الاتحاد الأوروبي أي تفسير.
لكن الأمور تطورت في يونيو/حزيران 2013 وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على مقر تنفيذ أوامر الإمام وحوالي 38 شركة تابعة للمقر.
السيطرة على وكالة BMW في إيران
يسيطر مقر تنفيذ أوامر الإمام على أغلب الأوقاف الدينية في البلاد، ويعد أشهرهم هو ضريح شاه عبدالعظيم (أحد أكبر علماء الفقه الشيعي) في مدينة الري جنوب العاصمة طهران.
يقول الصحفى الإيرانى حسين لـ"عربى بوست"، "من المفترض أن الأوقاف الدينية وعائدات الأضرحة تعود إلى الأعمال الخيرية بشكل مباشر، لكن ضريح شاه عبدالعظيم واحد من الأضرحة التي لها استثمارات تجارية كبيرة، حتى خارج إيران وبالأخص في العراق".
يرأس الضريح آية الله محمد ري شهري والذي كان أول رئيس للاستخبارات بعد قيام الثورة الإسلامية، عينه المرشد الأعلى مباشرة لرئاسة الضريح.
يمتلك الضريح شركة استثمارية كبيرة باسم "ري"، لكن يبرز نشاطها الاستثماري في استيراد السيارات الفارهة.
يقول أحد العاملين في شركة ري لـ"عربى بوست" شريطة عدم الكشف عن هويته، "لدى الشركة أسهم كبيرة في شركة الخليج الفارسي للنفط، ودخلنا مجال الاتصالات منذ عدة سنوات، ولكن أهم نشاط تجاري للشركة هو الفوز بتوكيل العلامة التجارية الأشهر في عالم السيارات بي إم دبليو".
يروي الصحفي حسين لـ"عربي بوست" كيف حصلت شركة ري على توكيل بي إم دبليو، فيقول "كان من المقرر أن يذهب التوكيل إلى إحدى شركات القطاع الخاص منذ عدة سنوات، لكن المسؤولين في مقر تنفيذ أوامر الإمام وشركة ري أجبروا تلك الشركة الخاصة على ترك التوكيل لشركة ري مع الاحتفاظ بنسبة قليلة من الأسهم، ولم يجد صاحب الشركة الخاصة أي حل لتفادي الصراع مع المقر وشركة ري".
الاستثمار في الفنادق داخل وخارج إيران
لدى مقر تنفيذ أوامر الإمام عدة شركات تعمل في مجال الفنادق والمنتجعات السياحية، ووصل الاستثمار في هذا المجال إلى خارج الحدود الإيرانية.
ووفقاً للموظف الذي يعمل في شركة تدبير، فإن لدى المقر فنادق فاخرة في كل من العراق، كازاخستان، الهند، وأوزباكستان.
يقول الصحفي حسين "يملك المقر أغلب المنتجعات السياحية في جزيرة كيش الإيرانية، والتي تحظى بالكثير من الاهتمام من جانب الحكومة لرواج السياحة الأجنبية والخليجية بها، ودخلت الشركات التابعة للمقر في شراكة مع شركات إماراتية للاستثمار في الجزيرة، ولم يستطع أي أحد من القطاع الخاص المستقل أن يستثمر أو يفتتح حتى مطعماً في الجزيرة بعد استحواذ شركات المقر عليها".
المنظمات الخيرية
أنشئ مقر تنفيذ أوامر الإمام منذ البداية بغرض الأعمال الخيرية فقط، وظلت المؤسسات الخيرية الأولى التابعة له تعمل حتى الآن، لكن بعد أن تولى خامنئي مسئولية البلاد والمقر، أنشأ كياناً خيرياً جديداً تابعاً للمقر باسم بنياد بركت أو مؤسسة بركات.
يقول الموظف بشركة تدبير لـ"عربي بوست"، "مؤسسة بركات هي واحدة من أضخم المؤسسات الخيرية في إيران، فقد بدأت برأس مال يقدر بحوالي 20 مليار دولار، بغرض توفير سبل المعيشة الكريمة للمحتاجين في الأماكن الحدودية والريفية".
وبحسب الموظف فإن رأس المال الخاص بمؤسسة بركات كان مصدره مقر تنفيذ أوامر الإمام، وتبرعات المواطنين.
تمتد نشاطات مؤسسة بركات الخيرية إلى خارج إيران، ولها تاريخ في تقديم المساعدات إلى الفلسطينيين والأفغان، بجانب وجودها الجديد في سوريا.
الميزة الوحيدة لتوغل الإمبراطورية المالية لخامنئي في الاقتصاد الإيراني
بالرغم من تذمر عدد من السياسيين والاقتصاديين الإصلاحيين من سيطرة المؤسسات المالية سواء التابعة لخامنئي أو الحرس الثوري على الاقتصاد الإيراني، إلا أن هناك منفعة من وجودها.
يقول المحلل الاقتصادي علاء الدين لـ"عربي بوست"، "في الوقت الذي وصلت فيه العقوبات الأمريكية والأوروبية إلى ذروتها في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد، وحالة الاقتصاد السيئة وقتها، لعبت الشركات التابعة للمقر دوراً مهماً في النمو الاقتصادي، وتلبية احتياجات السوق الإيراني".
وأضاف علاء الدين قائلاً "إن تلك الشركات تمتلك استراتيجية جيدة للالتفاف على العقوبات تمكنها من لعب دور مهم في البلاد، ولا أحد ينكر ذلك".
هل العقوبات الأمريكية الجديدة مؤثرة؟
انقسمت الآراء داخل إيران حول مدى تأثير العقوبات الأمريكية الجديدة التي فرضها الرئيس ترامب على المرشد الأعلى ومكتبه الذي يضم حوالي 500 موظف أغلبهم من قادة الشركات الاستثمارية التابعة لمقر تنفيذ أوامر الإمام والخاضعة مباشرة إلى المرشد.
الهدف من العقوبات هو منع المرشد وأفراد مكتبه من الوصول إلى الموارد المالية الخاصة بهم، هذا اذا افترضنا أن أموالهم خارج إيران بالأساس، لذلك قلل البعض من أهمية تلك العقوبات ووجدها من الناحية العملية مجرد عقوبات رمزية، ولكن في نفس الوقت هي خطوة نحو التصعيد السياسي.
فيما اعتبرها عدد كبير من التيار المحافظ بمثابة إهانة من ترامب للمرشد الأعلى.
وعلى الناحية الأخرى، هناك من يرى أن لتلك العقوبات تأثيراً، لكنه ليس بالكبير، ولكن على المدى الطويل سيكون أثرها واضحاً بشكل ما، ويبرهنون على ذلك بأن من ضمن الأفراد المدرجين في قائمة العقوبات ممثلي المرشد الأعلى في السفارات، والمراكز الإسلامية الإيرانية خارج إيران خاصة في المملكة المتحدة، وهذا يعني أنهم سيكونون غير قادرين على التنقل والسفر أو استخدام أموالهم في الخارج.
أما بالنسبة إلى المسؤولين عن الشركات التابعة لمقر تنفيذ أوامر الإمام، فمن الممكن أن يطالهم الضرر خاصة وأنهم يعملون في القطاع الخاص الإيراني الذي مازال على حد قليل يتعامل مع الشركات الأجنبية والتي بدورها ستخشى من التعامل مع شركات أصحابها مدرجون على قوائم العقوبات الأمريكية.
حياة خامنئي البسيطة بالرغم من كل تلك الأموال
بالنظر إلى المرشد الأعلى الإيراني ستجد أنه دائماً يظهر في مظهر بسيط للغاية، بل في بعض الأحيان تداول الإيرانيون صورة له مرتدياً حذاءً متهالكاً بعض الشيء، وحتى المعارض لسياسات خامنئي يؤكد على أن الرجل يعيش حياة بسيطة، صحيح، أنه يعيش بمنزل في مجمع سكني من أغلى المجمعات السكنية في أرقى الأحياء في العاصمة الإيرانية طهران، ولكن هذا يبدو منطقياً بعض الشيء ولو على سبيل الدواعي الأمنية.
لكنه يحرص دائماً أن يظهر في صورة القائد الزاهد المتقشف وهذا ما تعلمه من أستاذه وسلفه آية الله الخميني الذي دعا المسؤولين مراراً وتكراراً إلى الزهد وعدم السعي وراء الثراء.
لكن هل المرشد الأعلى لا يستفيد من كل تلك الأموال المتدفقة تحت يديه؟، يقول الصحفي الإيراني حسين "إن لدى القائد مهمات أخرى ينفق فيها تلك الأموال، ومنها تسليح القوات العسكرية الإيرانية بأحدث الأسلحة، والحرب على الإرهاب في المنطقة، بجانب أن تلك المؤسسات المالية الضخمة الخاضعة له تعتبر بمثابة أمان شخصي له في السلطة".