اضطرت الإدارة الأمريكية إلى عدم دعوة ممثلين عن إسرائيل، إلى ورشة العمل التي تنظمها في العاصمة البحرينية المنامة، في الخامس والعشرين من يونيو/حزيران الحالي، لكنها ستتمثل من خلال رجال أعمال.
إسرائيل تغيب رسمياً عن المؤتمر
وبغياب الفلسطينيين، سلطةً ورجالَ أعمال، عن الورشة، التي تعرض الإدارة الأمريكية فيها الشق الاقتصادي من خطة "صفقة القرن"، فإن التراجع الأمريكي عن دعوة وزير المالية الإسرائيلي، موشيه كاحلون، كان متوقعاً.
"بغياب العريس فإن وجود العروس في حفل الزفاف لا معنى له"، قال مردخاي كيدار، المحاضر والباحث بعلوم العالَم العربي والإسلام في جامعة بار إيلان الإسرائيلية.
وأضاف كيدار: "الحكومة الإسرائيلية لن تتمثل رسمياً في ورشة العمل، لكنها ستوجد من خلال رجال أعمال، وأنا لا أعرف سبب عدم دعوة إسرائيل رسمياً، ولكن ربما يكون ذلك نتائج عدم المشاركة الفلسطينية، وإسرائيل لا تريد أن تظهر كأنها تسيطر في مؤتمر لا يوجد فيه الفلسطينيون".
إسرائيل تولي المؤتمر اهتماماً كبيراً
وتابع كيدار: "ليس لدى إسرائيل توقعات كبيرة من هذه الورشة، لأن المقاطعة الفلسطينية تجعل منها حفل زفاف بلا عريس، وبطبيعة الحال فلا مجال لإنجاح الزواج إذا حضرت العروس، وغاب العريس، حتى لو حضر الشهود".
ويتفق يوني بن مناحيم، المحلل السياسي الإسرائيلي، مع كيدار، في أن إسرائيل لا تعلق آمالاً كبيرة على ورشة العمل، لكنها تنوي أن تبني على مخرجاتها.
أيضاً لا تعلق إسرائيل آمالاً على ورشة العمل في البحرين، ولا تتوقع منها أي شيء كبير، فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يهتم فقط بالانتخابات في سبتمبر/أيلول 2019، وتشكيل الحكومة القادمة؛ ومن ثم سيمضي قدماً في مخططه السياسي، بحسب ما يقوله بن مناحيم.
وأضاف: "لن تنشر الإدارة الأمريكية خطتها السياسية إلا بعد الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل الحكومة القادمة، وكلنا نعلم أن الفلسطينيين لن يقبلوا بهذه الخطة بأي حال".
نتنياهو لا يهتم بنجاح المؤتمر.. فما الذي يخطط له؟
بعد تشكيل الحكومة القادمة، سيقول نتنياهو إن الفلسطينيين رفضوا الخطة الأمريكية، وعليه فإنه سيضم أجزاء من الضفة الغربية، وسيجد تأييداً لمثل هذه الخطوة من الإدارة الأمريكية، بحسب المحلل الإسرائيلي مناحيم، فهذا ما يهم نتنياهو وهذا ما يتطلع إليه. أما ورشة البحرين، فهي مجرد خطوة على الطريق لا أكثر".
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رسمياً، في القمتين العربية والإسلامية اللتين عُقدتا في السعودية، نهاية مايو/أيار 2019، عدم مشاركة فلسطين في الورشة.
كما أعلن رجال أعمال فلسطينيون رفضهم دعوات وجهها إليهم وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، بصورة شخصية، للمشاركة في أعمال الورشة.
وتتضمن "صفقة القرن"، شقين: الأول اقتصادي من المزمع الإفصاح عنه في البحرين، والآخر سياسي، أرجأت الإدارة الأمريكية مراراً الإعلان عنه، وسط تقديرات بكشفه بعد اتضاح نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقررة في سبتمبر/أيلول 2019.
وقال أودي ديكل، الرئيس السابق لقسم التخطيط الاستراتيجي في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، إن الشق الاقتصادي من الخطة يتضمن "خطة اقتصادية عريضة تُقدَّر قيمتها بنحو 65 مليار دولار على مدى عشر سنوات، دون وضوح حول الجهة التي ستموّلها".
الهدف من المؤتمر إغراء الجمهور الفلسطيني
وأضاف ديكل، في دراسة صدرت، الأحد الماضي، عن معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب: "الهدف من ذلك هو استخدام الإطار الاقتصادي لبناء قدرات كيان فلسطيني مستقل وفعّال، وكذلك كإغراء، لجعل الخطة مرغوبة بشكل رئيسي بين الجمهور الفلسطيني، ولتخفيف الاعتراضات ودفع الأمور إلى الأمام".
وتابع: "من المتوقع أن يقدم الأمريكيون المكاسب الاقتصادية المتوقعة للجانبين، والمنطقة، إذا تم قبول الخطة وتنفيذها؛ الفلسطينيون من جانبهم، أعلنوا أنهم سيقاطعون الحدث. على الجانب الآخر، سيشارك رجال أعمال إسرائيليون، ويبنون مستوى إضافياً من العلاقات العامة بين إسرائيل والدول السُّنية في الخليج".
وكان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قد أعلن مراراً رفض الفلسطينيين للخطة الأمريكية (صفقة القرن)، بسبب ما تسرب عنها من شطب لقضيتي القدس واللاجئين، وعدم نصها صراحة على تبني حل الدولتين.
وفي هذا الصدد قال ديكل: "تشير التفاصيل المسربة عن الخطة إلى أنها تأخذ في الاعتبار مواقف الحكومة الإسرائيلية والاحتياجات الأمنية لإسرائيل، وتعترف أيضاً بالحقائق على أرض الواقع خلال السنوات الخمسين الماضية، لهذا السبب أعلن المسؤولون الفلسطينيون أنهم لن يقبلوا بالخطة".
الهدف الاستراتيجي لخطة ترامب، من وجهة نظر ديكل، أوسع بكثير من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فالإدارة مهتمة بتكوين جديد للشرق الأوسط، والجمع بين تحالف عربي أمريكي وإسرائيلي، ومن خلال ذلك، دعم التحالف المناهض لإيران والجهاديين الناشئين.
مؤتمر البحرين فرصة لتوثيق العلاقات بين رجال أعمال إسرائيليين وعرب
ولا تقيم البحرين علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ولكن ترجيحات راجت في الأشهر الماضية بأنها جاهزة لمثل هذه العلاقات في الوقت المناسب.
ومن المتوقع أن يفسح وجود رجال أعمال إسرائيليين في الورشة، الطريق أمام إقامة علاقات مع رجال أعمال عرب، بالأخص من دول الخليج، من المرجح مشاركتهم أيضاً.
ويرى كيدار أن الانفتاح الأخير من قِبل بعض دول الخليج على إسرائيل "يعكس إدراكاً لحقيقة الوضع على الأرض"، حسب تعبيره.
وقال: "بعد مرور 52 عاماً (على حرب عام 1967)، هناك إدراك متزايد بأن إسرائيل جزء من منطقة الشرق الأوسط، فلا يمكن شطبها أو تهديدها بالاندثار".
ولكنَّ بن مناحيم أشار إلى أن ما تتطلع إليه إسرائيل هو التطبيع العلني مع الدول العربية.
وقال بن مناحيم: "هناك علاقات اقتصادية إسرائيلية مع رجال أعمال في عديد من الدول العربية، لكنها قائمة تحت الطاولة، وما تريده إسرائيل هو تطبيع علني على الطاولة وليس تحتها".