ترسل عديد من الدول الغنية نفاياتها القابلة لإعادة التدوير إلى دول أخرى، كي تتم معالجتها، لكن هناك عدد متزايد من الدول التي بدأت تتخذ موقفاً من هذه الآلية، وتطالب ليس فقط بوقف عملية التصدير، بل باستعادة النفايات التي تم إرسالها في السابق.
لكن، لماذا ترسل الدول الغنية نفاياتها إلى الخارج؟
تستقبل الدول النامية بشكل رئيسٍ، النفايات القابلة للتدوير من البلدان الغنية، تقوم هذه الدول بإعادة تدويرها، حيث تعتبرها مصدراً قيّماً للدخل، بحسب شبكة BBC البريطانية.
أما بالنسبة للدول الغنية فإنها تُرسل هذه النفايات إلى الخارج، لأن عملية تدويرها هناك رخيصة، إضافة إلى أنها تقلل مكبّات النفايات المحلية على أراضيها.
أين المشكلة ما دام الطرفان مستفيدَين؟
هذه العملية قائمة على شرط أساسي، وهو أن النفايات يجب أن تكون قابلة للتدوير، لكن الذي يحدث حالياً أن النفايات المرسلة غالباً ما تختلط معها المواد البلاستيكية الملوثة والقمامة التي لا يمكن إعادة تدويرها.
هذا الأمر يدفع شركات إعادة التدوير إلى التخلص من هذه النفايات بطرق غير شرعية، إما بدفنها بشكل غير رسمي في مكبات النفايات أو المجاري المائية، وهو الأمر الذي يمثّل خطورة على البيئة وصحة الإنسان.
ويُعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر جهة تصدير للنفايات البلاستيكية، في حين تأتي الولايات المتحدة بالمركز الأول في تصدير النفايات بين الدول المنفردة.
هذه المشكلة أثارت قلق الدول التي تستورد النفايات، وهو الأمر الذي دفعها إلى التحرك، فقد أعادت الفلبين أطناناً من القمامة إلى كندا، ذكرت أنها كانت مصنّفة بشكل خاطئ على أنها مواد بلاستيكية قابلة لإعادة التدوير في 2013 و2014.
وخلال هذا الشهر، أعادت ماليزيا 5 حاويات من النفايات البلاستيكية إلى إسبانيا؛ بعدما وجدتها ملوثة.
وتقول ماليزيا إنها ستعيد 3 آلاف طن من القمامة قريباً إلى بريطانيا والولايات المتحدة واليابان والصين وكندا وأستراليا وهولندا وألمانيا والسعودية وسنغافورة وبنغلاديش والنرويج وفرنسا.
ما سر توقيت هذه الأزمة؟
كانت الصين تستورد معظم نفايات العالم البلاستيكية، لكنها وفي يناير/كانون الثاني 2018، قررت وقف استيراد النفايات البلاستيكية ما لم تكن نقية بنسبة 99.5%؛ خوفاً من التلوث.
الحظر الصيني لاستيراد النفايات أحدث هزة في العالم، فقد أشارت تقارير إلى تراكم شحنات من النفايات البلاستيكية كانت جاهزة للتصدير.
فتحَت بعض الدول أبوابها، وتحملت دول ماليزيا، وفيتنام، وتايلاند، وإندونيسيا، وتايوان، وكوريا الجنوبية، وتركيا والهند وبولندا هذا الحمل.
وكان لماليزيا الحمل الأكبر من هذه النفايات، إذ بلغت النفايات البلاستيكية التي استوردتها من 10 دول خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2018، نسبةً تقارب إجمالي ما استوردته خلال عامي 2016 و2017.
فوجئت ماليزيا بأن تلك النفايات لم تكن قابلة لإعادة التدوير بشكل كافٍ، وهو ما جعلها أمام المشكلة نفسها التي واجهت الصين، فأصدرت الحكومة الماليزية قراراً يقضي بوقف التعامل مع بريطانيا.
الدول التي حلَّت مكان الصين تثور على نفايات الدول الغنية
ليست ماليزيا وحدها التي أدركت المخاطر، فقد وجدت أيضاً الدول المستوردة الأخرى صعوبات في التعامل مع هذا التدفق الهائل للنفايات؛ وهو ما دفعها إلى وضع ضوابط وآليات جديدة للتعامل مع هذه النفايات.
فأعلنت بولندا، في شهر مايو/أيار من العام الماضي، قواعد أكثر صرامة بعد عديد من الحرائق في مكبات النفايات.
وفي تايلاند منعت الحكومة مؤقتاً استيراد النفايات البلاستيكية، وقالت إنها بصدد فرض حظر كامل بحلول عام 2021.
أما في ماليزيا، فقد ألغت أذون الاستيراد وضيَّقت الخناق على مصانع معالجة النفايات غير القانونية.
وفي فيتنام، لم تعد الحكومة تُصدر أي تراخيص جديدة، وسوف تحظر جميع واردات النفايات البلاستيكية بحلول عام 2025.
وفي شهر أكتوبر/تشرين الثاني 2019، قالت تايوان إنها لن تستورد إلا مصدراً وحيداً للنفايات البلاستيكية.
أما الهند فقد وسَّعت من نطاق الحظر على النفايات البلاستيكية الصلبة منذ شهر مارس/آذار 2019.
قرارات الدول لم تضع حداً للأزمة
على الرغم من هذه القرارات الحاسمة، فإنه لا يزال هناك طلب كبير ومتزايد لإرسال النفايات البلاستيكية والنفايات الأخرى لإعادة التدوير
كما أن هناك مؤشرات توضح أنه بعد النجاح المبدئي الذي تحقق في وضع قيود على الاستيراد، بدأت تلك الدول في استيراد كميات كبيرة من النفايات مجدداً.
ويقول التحالف العالمي لبدائل الحرق (غايا)، بعد التراجع الواضح في الاستيراد: "ارتفعت نسب الاستيراد مجدداً في الربع الأخير من عام 2018، وهو ما يرجّح وجود صعوبات في تطبيق الحظر الذي تفرضه الدول المعنيَّة".
يُذكر أن حجم النفايات البلاستيكية بلغ عام 2016، 235 مليون طن في العام، أي ما يكفي لملء 4.8 مليون حمام سباحة أولمبي.
ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 417 مليون طن في العام بحلول عام 2030.