لماذا عاد الدمار والتهجير لتصدر أخبار سوريا.. وهل تشهد إدلب كارثة إنسانية؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/05/20 الساعة 10:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/20 الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش

قبل أقل من شهرين أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية تنظيم داعش في سوريا وانتهاء الحرب هناك، وبدا أن الكارثة الإنسانية المستمرة في سوريا منذ 2011 بدأت في التراجع، لكن منذ أواخر أبريل/نيسان وبدايات مايو/أيار الجاري عادت من جديد مشاهد القصف والدمار والتهجير لتتصدر الواجهة خصوصاً في محافظة إدلب، فما الذي حدث ومَن يقاتل مَن هناك؟ وما هو الوضع الإنساني؟ وهل هناك نهاية قريبة لتلك المعاناة؟

مَن يحارب مَن في إدلب؟

يخضع الشمال الغربي المؤلَّف من محافظة إدلب وحزام الأراضي المحيطة بها في أغلبه لسيطرة هيئة تحرير الشام التي خرجت من رحم جبهة النصرة السابقة، التي كانت تابعة لتنظيم القاعدة حتى عام 2016.

وفي وقت سابق من العام الجاري شددت هيئة تحرير الشام قبضتها على جماعات المعارضة الأخرى، ولا يزال لبعض هذه الجماعات وجود من خلال "الجبهة الوطنية للتحرير"، كما أن المقاتلين الأجانب يتواجدون بشكل ملحوظ وكثيرون منهم أعضاء في جماعة حراس الدين.

من ناحية أخرى، أقام الجيش التركي نحو 12 موقعاً عسكرياً في المنطقة بموجب اتفاقاته مع الجانب الروسي لإيجاد منطقة منزوعة السلاح تخلو من أي جماعات مسلحة.

الاتفاق الروسي – التركي

اتفاق سوخوي بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب تم توقيعه في 17 سبتمبر/أيلول 2018 بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وينص على تسيير دوريات روسية – تركية مشتركة في المنطقة منزوعة السلاح، ويفرض على المسلحين المتشددين من جماعة تحرير الشام الانسحاب من تلك المنطقة، وفي نفس الوقت ترك منطقة الشمال الغربي تحت النفوذ التركي.

ومنذ توقيع الاتفاق كان تركيز جميع الأطراف هو القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بداعش، وهو ما تم الإعلان عنه من جانب ترامب في 23 مارس/آذار الماضي، ومن بعدها بدأت روسيا تعبر عن نفاد صبرها من عدم قدرة أنقرة على كبح جماح هيئة تحرير الشام.

نظام الرئيس السوري بشار الأسد من ناحيته أبدى عدم ارتياحه للاتفاق الروسي – التركي وتعهّد باسترداد "كل شبر" من الأراضي السورية، معلناً استياءه من الوضع القائم، لذلك تتهم الحكومة السورية جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام بإشعال العنف  من خلال هجمات على المناطق الخاضعة لسيطرتها.

من جانبها تتهم المعارضة الحكومة و "المحتلين الروس" بمحاولة اجتياح الأراضي التي تخضع لنفوذها.

من السبب وراء اندلاع العنف من جديد؟

اتهمت تركيا الجمعة 17 مايو/أيار القوات الحكومية السورية باختراق اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب وعدم احترام اتفاق سوخوي مع روسيا.

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن "النظام (السوري) لا يحافظ على وعوده بالتزام وقف إطلاق النار"، مضيفاً أن هذا التصعيد في العنف يمكن أن يتسبب في مأساة إنسانية.

وفي بيان تم نشره على موقع الوزارة، أكد أكار أن اتفاق سوخوي ينصّ على وقف إطلاق النار ولا نريد من الجانب الروسي أكثر من ذلك، مضيفاً أن هناك اجتماعات تجري في أنقرة بين الجانبين لتحقيق تلك الغاية.

ما هي أهداف القصف وأين يتركز؟

تركز أغلب القصف في الجزء الجنوبي من أراضي المعارضة بما في ذلك المنطقة منزوعة السلاح، ورغم أن حجم الهجوم ليس واضحاً بشكل كامل حتى الآن، إلا أن بوتين كان قد قال مؤخراً إن هجوماً شاملاً في إدلب ليس بالأمر العملي في الوقت الراهن.

وتعتقد مصادر في المعارضة أن هدف الحكومة هو السيطرة على طريقين رئيسيين يؤديان إلى حلب يمتدان جنوباً من مدينة إدلب عبر مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة. وسبق أن اتفقت روسيا وتركيا ضمن اتفاق سوخوي على أن يظل هذان الطريقان مفتوحين. ومن دوافع روسيا في الشمال الغربي تأمين قاعدتها الجوية في اللاذقية من هجمات المعارضة.

روسيا من ناحيتها تتهم القوات المعارضة للنظام بمحاولات استهداف قاعدتها الموجودة في حميميم القريبة من مناطق وجود المعارضة، وأصدرت وزارة الدفاع الروسية بياناً قالت فيه إن الدفاعات الجوية تصدت لهجوم صاروخي استهدف القاعدة يوم السبت 18 مايو/أذار.

ما هو الوضع القتالي على الأرض؟

طائرات روسية في سوريا \ رويترز

يمكن للجيش السوري أن يستفيد من قوة النيران الهائلة التي يوفرها سلاح الجو الروسي والفصائل المدعومة من إيران والتي مكّنته من هزيمة المعارضة في مختلف أنحاء غرب سوريا، في حين لا تملك المعارضة دفاعات تذكر للتصدي للطائرات.

من جانبها قالت هيئة تحرير الشام إنها ستتصدى لأي هجوم بري من جانب "المحتلين الروس بالنار والحديد".

وتضم ترسانة المعارضة صواريخ موجهة مضادة للدروع وصواريخ أرض/أرض ومنفذي العمليات الانتحارية. وفي خطاب مسجل بالصوت والصورة هذا الأسبوع قال المتحدث باسم هيئة تحرير الشام إن مقاتلي المعارضة الذين أُخرجوا من مناطق أخرى في سوريا في الغوطة ودرعا وحمص يقفون على استعداد للدفاع عن المنطقة.

أين المدنيون في هذا الصراع؟

القصة إذاً هي سعي النظام السوري لإنهاء المعقل الأخير للمعارضين على مختلف أطيافهم، وكالعادة منذ اندلاع الثورة السورية في 2011 سيأتي ذلك الانتصار على جثث المدنيين، بحسب تقرير نيويورك تايمز الإثنين 20 مايو/أيار.

وفي هذا السياق، حذرت الأمم المتحدة  خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن الجمعة 17 مايو/أيار من خطر حصول "كارثة إنسانية" في إدلب في حال تواصلت أعمال العنف، وقالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة روزميري ديكارلو: "ندعو كل الأطراف إلى وقف إطلاق النار"، مضيفة: "نخشى وقوع كارثة إنسانية". وكان هذا الاجتماع الثاني لمجلس الأمن خلال أسبوع تلبية لطلب من بلجيكا وألمانيا والكويت.

كما قال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن أكثر من 152 ألفاً فرُّوا من بيوتهم بين 29 أبريل/نيسان والخامس من مايو/أيار الأمر الذي رفع عدد النازحين في الشمال الغربي إلى مثليه منذ فبراير/شباط.

وقال المكتب إن الضربات الجوية أصابت 12 منشأة صحية وقتلت أكثر من 80 مدنياً وجرحت أكثر من 300 آخرين، وأدى القصف والغارات الجوية والاشتباكات في أكثر من 50 قرية إلى تدمير 10 مدارس على الأقل وتوقف العملية التعليمية.

من جانبه قال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية إن القصف بالبراميل المتفجرة بلغ أسوأ مستوياته منذ 15 شهراً على الأقل. والبراميل المتفجرة عبارة عن حاويات ممتلئة بالمتفجرات تسقطها طائرات الهليكوبتر، بحسب رويترز.

تحميل المزيد