خطة إثيوبية لتصدر صناعة الملابس العالمية، ولكن خطأً حسابياً أوقع عمالها بمأزق

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/05/13 الساعة 00:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/13 الساعة 00:10 بتوقيت غرينتش
إثيوبيا تسعى لتصبح من أكبر مصنعي الملابس في العالم/REUTERS

تُهيئ إثيوبيا نفسها لتصبح أحد أكبر مصدري النسيج والملابس في العالم، بفضل مجموعة من المحفزات الاقتصادية، مثل المجمعات الصناعية المبنية حديثاً لصناعة الملابس، ولكن خطة إثيوبيا لتصدر صناعة الملابس العالمية تواجه مشكلة حسابية دفع ثمنها عمال البلاد وخاصة الإناث .

فتحت الدولة الواقعة في شرق إفريقيا خلال السنوات القليلة الماضية الأبواب أمام علامات تجارية عالميةٍ مثل H&M وCalvin Klein، وTommy Hilfiger لتُنشئ مصانع لإنتاج الملابس قليلة الكُلفة في مجمعاتها الصناعية.

بل، وتخطط كذلك لتعزيز صادراتها من الملابس التي تبلغ قيمتها حالياً 145 مليون دولارٍ سنوياً، لتصل إلى 30 مليار دولارٍ سنوياً، حسبما ورد في تقرير لشبكة CNN الأمريكية.

أقل أجور في العالم.. هذا ما تقوم عليه خطة إثيوبيا لتصدر صناعة الملابس العالمية

لكن تقريراً لمركز الأعمال وحقوق الإنسان في كلية ستيرن لإدارة الأعمال، بجامعة نيويورك يُظهر أنه بالرغم من نمو سوق صناعة الملابس، يتلقى عمال مصانع الملابس في إثيوبيا في المتوسط أقل أجرٍ في العالم.

ليس في البلاد حدٌ أدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص، ويتقاضى العمال نحو 26 دولاراً شهرياً، وهو أقل بكثيرٍ مما يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية مثل المسكن والطعام.

في المقابل يتلقى نظراؤهم في جنوب إفريقيا أجوراً تبلغ في المتوسط نحو 244 دولاراً شهرياً، وفي كينيا نحو 207 دولارات شهرياً.

مجمع أواسا الصناعي نموذج للتجربة الإثيوبية

ركز باول باريت ودوروثي باومان-باولي، مُعدا تقرير مركز الأعمال وحقوق الإنسان في كلية ستيرن لإدارة الأعمال، على مجمع أواسا الصناعي، الذي يقع على بعد نحو 225 كيلومتراً جنوب العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

ووفقاً للتقرير يُعتبر المجمع، الذي هو واحدٌ من خمسة مراكز صناعيةٍ أنشأتها الحكومة منذ عام 2014، جزءاً من رؤيةٍ طويلة المدى لتحويل إثيوبيا إلى مركز صناعيٍ. ويضم مصانع من بينها مصانع نسيجٍ وتجهيزٍ للمنتجات الزراعية، ويعمل به نحو 25 ألف عامل ينتجون الملابس.

ويقول باول باريت الذي يشغل منصب نائب مدير مركز الأعمال وحقوق الإنسان في كلية ستيرن لإدارة الأعمال، إن استراتيجية الحكومة تمثلت من البداية في جذب المستثمرين الأجانب بالعمالة المنخفضة الأجر.

من هنا نشأ هذا الخطأ الحسابي

وقال متحدثا شبكة CNN الأمريكية: "لقد ذكروا الأجر البالغ 26 دولاراً؛ لأن ذلك ما يتقاضاه موظفو الحكومة. لذا، فقد استخدموا ذلك باعتباره مؤشراً لأجور العاملين في سوق الملابس الأجنبي أيضاً".

جاء في التقرير: "قاد الحرص على إرضاء شركات الأزياء الأجنبية إلى حساباتٍ خاطئةٍ، الخطأ الرئيسي الذي ارتكبته الحكومة كان أنها أكدت للموردين الآسيويين والشراة الغربيين أن عمال ماكينة الحياكة الإثيوبيين سيقبلون عن اقتناعٍ بالأجر شديد الانخفاض".

والشابات مستاءات من العقاب على التأخير بالعمل أو التحدث مع رفاقهن

ويضيف التقرير أن العمال، وأغلبهم نساءٌ من مناطق ريفيةٍ، لا يتلقون تدريباً كافياً ويعانون لفهم قواعد الصناعة وقوانين العمل الخاصة بها.

ووفقاً لما جاء في التقرير: "فكثير من الشابات، قادهن استياؤهن من أجورهن، مقترناً باشتياقهن لأسرهن، وغير ذلك من مظاهر حياة المصانع إلى إحساسٍ بالعزلة وقلة الالتزام بالإنتاجية، ولعدم ألفتهن أعراف الصناعة فهن لا يفهمن لمَ يعاقبن على تأخرهن، أو غيابهن، أو تحدثهن مع رفاقهن في العمل".

خطة إثيوبيا لتصدر صناعة الملابس العالمية
إثيوبيا نجحت في اجتذاب عدد من كبار المصنعين العالميين/REUTERS

عادةً ما يوجد اتحاد للعمال للدفاع عن حقوق موظفي المصنع. لكن إثيوبيا بتعدادها البالغ 105 ملايين نسمة تملك حركةً نقابيةً ضعيفةً وفقاً لدورية Journal of Labor and Society.

وحتى الآن لا توجد هيئة مُعترف بها تطالب بظروف عملٍ، وتدريبٍ، وأجورٍ أفضل لعمال صناعة الملابس في مجمع أواسا الصناعي.

هناك حاجة لقوانين أجورٍ صارمة

يقول باريت إن الحكومة تحتاج لوضع حدٍ أدنى للأجور لضمان حياةٍ كريمةٍ لعمال المصانع.

كما يقترح تنظيم تدريباتٍ مكثفةٍ؛ حتى يصبح عمال المصانع أكثر ألفةً بأعراف بيئة العمل الصناعية.

ويقول: "يحتاج العمال لتدريب من نوعين. أولاً، المهارات الفنية، مثل كيفية تشغيل الآلة لإنتاج الملابس. ثم المهارات الشخصية، مثل أعراف العمل في بيئةٍ صناعيةٍ"، مضيفاً: "إنهم يحتاجون إلى أن يُقال لهم ما معنى أن تكون موجوداً أثناء وقت العمل، وإنه لا يمكنهم إيقاف العمل والتحدث لبعضهم البعض. أشياء من هذا القبيل. هذا النوع من التعديلات يزيد احتمالية النجاح".

وقد حاولت شبكة CNN الوصول لمسؤولين للتعليق على التقرير. لكن السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء الإثيوبي أحال الطلب إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.

يقول باريت إنه في الوقت نفسه، وبينما كان التقرير قيد الإعداد أخبر مسؤولون كبار بالحكومة مركز الأعمال وحقوق الإنسان في كلية ستيرن لإدارة الأعمال بشكل تطوعي أنه وللمرة الأولى تجري دراسة وضع حدٍ أدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص.

وأضاف باريت: "قالوا إن مما دفعهم للتفكير في الأمر هو قطاع صناعة الملابس".

تحميل المزيد