يتوجه الناخبون في دول الاتحاد الأوروبي، في الأسبوع الأخير من مايو/أيار 2019، لاختيار 705 نواب في البرلمان الأوروبي، وسط صعود غير مسبوق للأحزاب اليمينية المتطرفة، والأحزاب القومية الشعبوية، وكلاهما كاره للهجرة والمهاجرين، ويتبنَّى سياسات عنصرية، فما هي قصة تلك الانتخابات، وما دور البرلمان الأوروبي؟
الانتخابات ستقام في 27 دولة، هي أعضاء الاتحاد الأوروبي، أو 28 على حسب الموقف النهائي لبريطانيا يوم 23 مايو/أيار، وهو أول يوم لبدء التصويت، بمعنى أنه لو أصبح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نهائياً يوم 20 مايو/أيار، وهو الموعد الجديد الممنوح لحكومة تيريزا ماي لحسم المسألة، فلن تُجرى الانتخابات في بريطانيا، وإن كان ذلك على الأرجح احتمالاً ضعيفاً.
البرلمان الأوروبي هو الهيئة الوحيدة المنتخبة بين هيئات الاتحاد الأوروبي، ويمثل النواب 500 مليون أوروبي، والعمل الأساسي تشريعي، أي إقرار التشريعات والقوانين، وهم أيضا يمثلون مع وزراء الدول الأعضاء ما يُعرف بالمجلس الأوروبي.
كما يقوم أعضاء البرلمان الأوروبي بمراقبة عمل المفوضية الأوروبية، التي تُعد مشاريع قوانين الاتحاد الأوروبي، وتطبق قواعد الاتحاد.
ملف الهجرة في قلب الانتخابات
تكمن أهمية الانتخابات المقبلة في صعود موجة شعبوية يمينية متطرفة، تغذّيها مشاعر عدائية نحو المهاجرين، لم تعرف مثلها أوروبا منذ وقت طويل، وهي بالتالي ستُشكِّل مؤشراً لما ستكون عليه الخريطة السياسية للقارة، ولما يمكن أن تؤدي إليه الانتخابات على مختلف مستوياتها في كل دولة على حدة.
في هذا السياق، تُبيّن استطلاعات الرأي صعوداً لافتاً لليمين المتطرّف، فالتجمّع الوطني في فرنسا الذي تتزعمه مارين لوبان يؤيده 21% من الناخبين، فيما رابطة الشمال في إيطاليا بزعامة سالفيني تملك 30%، مما قد يعطي الحزبين في البرلمان الأوروبي 51 مقعداً، تحت اسم تحالف "أوروبا الأمم والحريات"، المرشّح للتوسّع ليضم أحزاباً أخرى.
وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة، أن ملف الهجرة أصبح يحتل المركز الأول من حيث الأهمية بالنسبة للناخبين، وهذا يفسر الصعود الكبير للأحزاب اليمينية المتطرفة، التي تريد وقف الهجرة تماماً، وإبعاد المهاجرين الموجودين بالفعل داخل الدول الأوروبية.
وقد أظهرت الانتخابات المحلية في بعض دول الاتحاد الأوروبي في السنوات القليلة الماضية صعوداً للشعور الشعبوي الرافض للهجرة، وظهر ذلك في ألمانيا والمجر والنمسا وبولندا وإيطاليا.
أيّ الدول ستشهد سخونة ضد المهاجرين؟
ستكون بريطانيا بالطبع إحدى الدول التي تستحق المراقبة أثناء تلك الانتخابات، سواء أقيمت فيها، وهو الاحتمال الأقرب، أو حتى لو خرجت من الاتحاد الأوروبي 20 مايو/أيار.
أما الدول التي سيكون ملف الهجرة فيها حاسماً في تحديد مصير الأحزاب اليمينية في تلك الانتخابات فتأتي على رأسها إيطاليا، حيث الحكومة عبارة عن تحالف يميني متطرف بين حزب ماتيو سالفيني، الملقب بترامب إيطاليا، وبين عصبة الخمس نجوم المعادية للهجرة.
وقد أعلن سالفيني عن تشكيل تحالف أوروبي من الأحزاب اليمينية المعادية للهجرة، ويضم حزب البديل اليميني في ألمانيا، وحزب فينز الفنلندي، وحزب الشعب الدنماركي، وأعلنت ماري لوبان زعيمة اليمين الفرنسي الانضمام للتحالف.
الأحزاب اليمينية في أوروبا ترى في انتخابات البرلمان القادمة فرصة تاريخية لفرض أجندتها على القارة العجوز، وطرد المهاجرين، ووقف الهجرة بشكل تام، وما حدث في النمسا وإيطاليا وإسبانيا من وصول لممثلي ذلك التيار للبرلمانات المحلية والمشاركة في الحكم من خلال تحالفات يمثل دفعة هائلة.
لذلك يأتي تشكيل تلك الأحزاب لكتلة سياسية في البرلمان الأوروبي القادم، على أجندة مضادة للهجرة ومعادية للمهاجرين، كجرس إنذار للحياة السياسية والاجتماعية داخل القارة العجوز.