900 مليون يورو دفعتها أوروبا لشمال إفريقيا لضبط الهجرة عبر المتوسط.. فأين ذهبت وهل حققت الهدف؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/18 الساعة 10:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/25 الساعة 13:42 بتوقيت غرينتش
هل نجح الاتحاد الأوروبي في ضبط الهجرة عبر المتوسط؟

عادت أزمة الهجرة عبر المتوسط إلى الواجهة هذا العام مجدداً، مع تسجيل أكبر رقمٍ لضحايا في سبتة ومليلية، وتخوّف الاتحاد الأوروبي من ارتفاع أعداد المهاجرين المصريين، والأنباء عن أموالٍ ومنح جديدة مخصصة لخفر السواحل وحرّاس الحدود. 

واستمرّت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بقرعِ ناقوس الخطر مرات عدة في السنين الأخيرة، مُعلنةً أرقاماً قياسيةً جديدة في مستويات اللجوء والنزوح القسري العالمي الذي لم يُشهد مثله منذ الحرب العالمية الثانية.

وفي تقريرها السنوي، قالت المفوضية إن عدد المهجّرين من ديارهم وصل إلى 89.3 مليون شخص بحلول عام 2021، بزيادة تصل إلى 8% عن العام الذي سبقه وأكثر من ضعف الرقم الذي كان في 2011. 

وكان عام 2015 الأبرز على صعيد الأرقام؛ إذ استقبلت فيه أوروبا وحدها أكثر من مليون لاجئٍ ومهاجر ممن وفدوا عبر الطرق البحرية والبرية، ما حدا بالمفوضية بتسمية 2015 بعام أزمة اللاجئين في أوروبا.  

تصدّرت أخبار اللاجئين ومشاهد موتهم في عرض المتوسط نشرات الأخبار، وتبع ذلك نقاشات سياسية مطوّلة حول كيفية تصرف الاتحاد الأوروبي إزاء الأزمة وسياسات الدول الأوروبية بالمجمل.

نتناول في هذه المادة جانب دول شمال إفريقيا حصراً، والسياسات التي اتّخذتها أوروبا بغية معالجة أزمة الهجرة من شواطئ وأراضي هذه البلدان في السنين السبع الأخيرة، وهل نجحت هذه المساعي في تخفيض أرقام الهجرة غير الشرعية من هذه المنافذ؟ 

صندوق عاجل لحلّ "الأزمة"

 في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، اجتمع ممثلون عن أكثر من خمسين دولة ومنظمة أوروبية وإفريقية، لحضور قمة فاليتا حول الهجرة في إيطاليا، بهدفِ إيجاد حلول لتدفق المهاجرين و"معالجة الأزمة"، الأمر الذي صارَ على رأس أولويات السياسات الأوروبية وفقاً لتصريحات رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. 

وكان من أهم مخرجات القمة، إطلاق الاتحاد الأوروبي لصندوق طوارئٍ مخصص لمكافحة الهجرة والتعامل معها في إفريقيا بميزانية أولية بلغت 1.8 مليار يورو (1.93 مليار دولار)، لتشكّل مصدر أموال إضافية لـ20 مليار يورو التي يتبرّع بها الاتحاد الأوروبي ودوله لإفريقيا سنوياً. 

ابتدأ الصندوق أعماله في وقتٍ قياسي تحت مسمى "الصندوق الائتماني الأوروبي للطوارئ من أجل إفريقيا"، على أن ينصبّ تركيزه على إرساء الاستقرار، ومعالجة الأسباب العميقة للهجرة غير النظامية، وإدارة الهجرة على نحوٍ أفضل في القارة الإفريقية. 

ورغم تجاوز إجمالي اللاجئين والمهاجرين الواصلين إلى أوروبا عبر البحر للمليون في 2015، إلا أنّ نصف هذا العدد يعود للاجئين السوريين بشكلٍ خاص، كما أن 80% من الوافدين عبر البحر أتوا عبر بحر إيجه من تركيا إلى اليونان. 

ومع ذلك، اختار الاتحاد الأوروبي التركيز على معالجة مسألة الهجرة غير الشرعية القادمة من القارة الإفريقية؛ لأنه وخلافاً للاجئين السوريين، تشكل الهجرات القادمة من إفريقيا "مشكلة طويلة الأمد"، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية أ.ف.ب عن دبلوماسي غربيّ في قمة فاليتا.

كما تبع ذلك، اتفاقية الهجرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 18 مارس/آذار 2016، والتي تتضمن منح الاتحاد الأوروبي مساعدات لأنقرة مقابل التعاون والتصدّي لحركة الهجرة غير الشرعية التي تمرّ عبر تركيا برّاً وبحراً. 

أدّت هذه الاتفاقية لخفض أعداد المهاجرين غير الشرعيين الواصلين من الجهة التركية؛ ليبقى التركيز الأوروبي منصبّاً على شواطئ شمال إفريقيا، المصدر الرئيسي لقوارب الموت والهجرة، ودول جنوب الصحراء، المنبع الأساسي لموجات الهجرة الاقتصادية. 

حصّة شمال إفريقيا

منذ إنشائه، وصل المبلغ المخصص من الصندوق الائتماني الأوروبي للطوارئ من أجل إفريقيا إلى 4917.1 مليون يورو تُوزع على عموم الدول الإفريقية، ودُفِع منها 3741.1 مليون يورو بحلول نهاية عام 2021 وفقاً لتقرير الصندوق السنوي. 

وضمن خطة العمل التفصيلية، وافق الصندوق على صرفِ 907.3 مليون يورو لإقليم شمال إفريقيا، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة في 31 ديسمبر/كانون الأول 2020.

يضم الإقليم بلدان مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، وقد دفع الصندوق لها مجتمعةً 699.3 حتى ذلك التاريخ من الحصّة المخصصة لها. 

ووفقاً لنشرة "تحسين إدارة الهجرة في منطقة شمال إفريقيا" الصادرة عن الصندوق في يونيو/حزيران 2021، خُصص أكثر من نصف الأموال لبرامج الحماية واستقرار المجتمعات والدعم الاجتماعي الاقتصادي في دول الإقليم. 

فيما ذهب ثلث الأموال لإدارة الحدود بشكلٍ خاص، والباقي لبرامج حوكمة الهجرة وهجرة وانتقال العمالة في شمال إفريقيا. 

وكانت منظّمة أوكسفام الدولية قد انتقدت طريقة توزيع الصندوق الائتماني لموارده مقارنةً بالأهداف التي أعلنت في بداية إنشائه، مُعتبرةً أن مساعدات الاتحاد الأوروبي قد "احتُجزت رهينةً" لسياسات الهجرة بصورة عامة، وأولويات الدول الأوروبية في مكافحة الهجرة. 

وحسب تصنيفات المنظمة في ورقتها البحثية المنشورة تحت عنوان "صندوق الاتحاد الأوروبي الاستئماني لإفريقيا: محاصر بين سياسة المساعدة وسياسة الهجرة"، فإن 55% من الأموال المخصصة لشمال إفريقيا في الفترة ما بين نوفمبر 2015 إلى مايو 2019 قد وضعت على مشاريع إدارة الهجرة، بهدف منع المهاجرين من عبور البحر الأبيض المتوسط. 

ليبيا 

تُعدّ ليبيا المستفيد الأكبر من إيرادات الصندوق الأوروبي للطوارئ من بين جاراتها في إقليم شمال إفريقيا. 

وصلت المبالغ المخصصة من الصندوق الائتماني الأوروبي للطّوارئ من أجل إفريقيا لليبيا إلى 455 مليون يورو، وذلك حتى تاريخ يونيو/حزيران 2021. 

ووفقاً لتصنيفات الصندوق، فقد توزعت هذه الأموال بنسبة 52% على البرامج المتعلقة بالحماية ومساعدة الفئات المحتاجة (8 برامج)، و35% على البرامج المتعلقة بتعزيز استقرار المجتمعات (4 برامج)، و13% على إدارة الحدود (2 برامج). 

وقد عمِل الصندوق على 13 مشروعاً وطنياً خاصاً بليبيا لإدارة الهجرة، تكلّفت ما يقارب 310 ملايين يورو، فيما توزعت بقية المبالغ على البرامج الإقليمية المشتركة. 

تُعتبر ليبيا واحدة من المنافذ الرئيسية للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا؛ إذ يعبر منها المهاجرون والفارّون من الحروب والفقر من الجنوب الإفريقي ودول المغرب العربي والشرق الأوسط.

ومن أجل ضبط البوابة الليبية، اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي في قمةٍ عُقدت في مالطا فبراير/شباط 2017 على تبنّي استراتيجيةٍ جديدة للحدّ من دفق المهاجرين القادمين من ليبيا.

نصّت خطة مالطا على تعزيز قدرات قوات خفر السواحل الليبي، وتزويد السلطات الليبية بالمال والتدريب والمعدات لدعم إدارة الحدود.

كما جرى الاتفاق على إعادة السلطات لطالبي اللجوء ممن يتمّ إنقاذهم في البحر المتوسط إلى ليبيا، ووضعهم هناك في معسكراتِ تجميع أقيمت بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين ومنظمة الهجرة الدولية. 

ظهرت آثار هذه الاستراتيجية بوضوح على أرقام الهجرة من إيطاليا؛ إذ بلغ عدد الذين تم اعتراضهم في البحر، ومن ثم أعيدوا إلى ليبيا 82 ألف لاجئ ومهاجر خلال خمس سنين من بدء التعاون الليبي الأوروبي.  

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يكف عن المساعدة في إعادة الأشخاص إلى ظروف أشبه بالجحيم في ليبيا، في الوقت الذي يصادف فيه مرور خمس سنوات من التعاون الرسمي للاتحاد الأوروبي لاعتراض اللاجئين والمهاجرين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط. وقد بلغ عدد الذين تم اعتراضهم في البحر، وأعيدوا إلى ليبيا في السنوات الخمس الماضية، ما يربو على 82000 شخص.

وكانت منظمة العفو الدوليّة قد حذّرت في فبراير/شباط 2022 من آليات تنفيذ هذه الاتفاقيات "الجحيمية"؛ إذ يتعرض المُعادون للاحتجاز التعسفي والتعذيب وظروف الاحتجاز القاسية واللاإنسانية والاغتصاب والعنف الجنسي والابتزاز والسخرة والقتل غير المشروع.

المغرب

يعود التعاون المشترك بين المغرب والاتحاد الأوروبي في حقل الهجرة إلى أكثر من 10 سنين مضت، ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك الأقدم للمغرب على صعيد التعاون التكنولوجي والمالي. 

خصص الصندوق الائتماني الأوروبي للطّوارئ من أجل إفريقيا 238 مليون يورو لأجل معالجة مسألة الهجرة في المغرب، وذلك وفقاً لنشرة الصندوق الصادرة في مايو/أيار 2021، ما يجعل المغرب ثاني أكبر متلقٍّ في إقليم شمال إفريقيا. 

وفقاً لتصنيفات الصندوق، توزّع الدعم بنسبة 190 مليون يورو على برامج إدارة الحدود والدعم المؤسسي، و28.3 مليون يورو على البرامج المتعلقة بالحماية والحقوق، و20.5 مليون يورو على برامج الاندماج الاجتماعي والاقتصادي.

وبالإضافة إلى البرامج الإقليمية العامة، دعم الصندوق 7 مشاريع وطنية خاصّة بالمغرب بكلفة اقتربت من 183 مليون يورو، ذهب منها قرابة 175 مليون يورو على إدارة الهجرة، مع 8 ملايين يورو لتحسين الحوكمة والحماية من الصراع.

يُعدّ المغرب إحدى البوابات الرئيسية لخروج المهاجرين براً وبحراً إلى الأراضي الأوروبية، فقد بدأ نمط الهجرة يتحول به من مجرد بلد منشأ للمهاجرين إلى بلد عبور ووجهة للهجرة أيضاً، وذلك للقادمين من البلدان الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى وسوريا كذلك.

ومنذ 2018، أصبح غرب البحر المتوسط الطريق الرئيسي لتدفقات المهاجرين واللاجئين نحو أوروبا وفقاً للمفوضية السامية للاجئين، وذلك بسبب الوضع الأمني في ليبيا وتشديد القيود في الدول المجاورة. 

ولذلك تستمر الأرقام في التضاعف؛ إذ يذكر تقرير الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) أن عدد المهاجرين غير الشرعيين الخارجين من المغرب تضاعف خمس مرات في 2018، لتكون المغرب نقطة مغادرة رئيسية للمهاجرين غير الشرعيين الواصلين لأوروبا آنذاك. 

كما تضاعف عدد الواصلين إلى إسبانيا في عام 2020 بصورةٍ عامة، ليبلغ 42 ألف شخص تقريباً، فيما ارتفع عدد الواصلين إلى جزر الكناري مقارنةً بسابق الأعوام ليصل إلى 23 ألف شخص. 

بالمقابل، تبين التصريحات الصادرة عن السلطات المغربية تكثيف جهودها لمكافحة حركة الهجرة غير الشرعية عبر البحر والبرّ تجاه أوروبا. 

ومن ذلك، إعلان السلطات المغربية عن إحباطها لأكثر من 63 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية في 2021، مع إحباط 49 عملية اقتحام لسبتة ومليلية، كذلك في 2018 أعلنت وزارة الداخلية إحباطها لأكثر من 89 ألف محاولة بزيادة 37% عن إحصائيات 2017.  

مصر 

يعدّ الاتحاد الأوروبي مصر من البلدان الأساسية له ضمن سياسات الهجرة، وذلك لأنها بلد منشأ وعبور ووجهة للهجرة، ولأنها الدولة العربية الأكثر اكتظاظاً بالسكان.

خصص الصندوق الائتماني الأوروبي للطّوارئ من أجل إفريقيا 91 مليون يورو لمصر، وفقاً للنشرة الصادرة في مايو/أيار 2022. 

وذهبت النسبة الأكبر من الأموال المدفوعة، على هيئة منح بقيمة 60 مليون يورو، خُصصت لتعزيز الاستجابة لتحديات الهجرة في مصر، وجرى الاتفاق عليها عام 2017. 

فيما دُفعت الـ31 مليون يورو المتبقية ضمن البرامج الإقليمية الأخرى.  

يُعتقد أن مصر كانت مسؤولة عن 10% من إجمالي تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا في 2014، ونوّه المتحدث باسم المفوضية السامية للاجئين وليام سبندلر عن الارتفاع المطرد لعمليات اعتراض اللاجئين والمهاجرين الذين يحاولون مغادرة مصر بطرق غير نظامية في كلّ من عامي 2015 و2016. 

يُذكر أنّ حاملي الجنسية المصرية تصدّروا قوائم الهجرة عبر المتوسط في السنتين الأخيرتين، ما سيدفع المفوضية الأوروبية لتخصيص 80 مليون يورو جديدة من أجل "وقف فرار المصريين" وفقاً لصحيفة "إي يو أوبزرفر" الأوروبية. 

وعند مقارنة نسب الهجرة في الأشهر الخمسة الأولى من الأعوام الأخيرة، نجد تضاعفاً في أرقام المهاجرين المصريين الواصلين لشواطئ إيطاليا، بمجموع 3543 مهاجراً مصرياً في 2022، و916 في 2021، مقابل 99 في 2020، وذلك وفقاً لمتابعة "عربي بوست" للبيانات الصادرة دورياً من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. 

تونس

خصص الاتحاد الأوروبي 93.5 مليون يورو لتونس، وفقاً لنشرة الصندوق الائتماني الأوروبي للطّوارئ من أجل إفريقيا الصادرة في مارس/آذار 2022. 

جاءت نسبة المدفوعات الأكبر لبرنامج إدارة الحدود في الإقليم المغربي، وهو برنامج إقليمي، يركز على دعم بلاد الإقليم لإدارة حدودها وتجهيزها بالمعدات اللازمة، وبلغت حصّة تونس منه 34.5 مليون يورو.

ويلي ذلك، 18.5 مليون يورو تُدفع مباشرةً لتونس لمساندتها في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية المعنيّة بالهجرة، وفقاً لبيانات الصندوق المنشورة في فبراير/شباط 2022. 

وكذلك 16 مليون يورو ضمن البرنامج الإقليمي المعني بإدارة هجرة وانتقال العمالة في دول شمال إفريقيا.

وتتوزع بقية المبالغ على برامج إقليمية أخرى معنية بالهجرة، مثل برامج تفكيك الشبكات الإجرامية المنخرطة في تهريب المهاجرين، وحماية المهاجرين ذوي الأوضاع الصعبة، وحوكمة الهجرة وغيرها.  

وتبين السنوات الأخيرة الجهود المكثفة لقوات ضبط الحدود التونسية في منع تدفق المهاجرين نحو أوروبا، فوفقاً للتقرير السنوي الصادر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية اعترضت قوات خفر السواحل التونسية 25657 مهاجراً عام 2021 أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط، بمقابل 13466 اعتراضاً لمهاجر عام 2020- أي تضاعف الرقم تقريباً في 2021- و4177 اعتراضاً لمهاجر في 2019، و4519 اعتراضاً لمهاجر في 2018.

ورغم هذه الجهود، يبقى معدّل الهجرة غير الشرعية الصادرة من شواطئ وأراضي تونس مرتفعاً بالمجمل، مع ملاحظة ارتفاعها الخاص في العامين الأخيرين على وجه التحديد، وفي 2011، فيما سُجّل الرقم الأخفض في 2015 ضمن السنوات العشر الأخيرة. 

وجاءت نسب الهجرة من تونس على الشكل التالي: 16413 مهاجراً في 2021، 13376 مهاجراً في 2020، 3987 مهاجراً في 2019، 6006 مهاجرين في 2018، 6526 مهاجراً في 2017، 1367 مهاجراً في 2016، 1060 مهاجراً في 2015، 1735 مهاجراً في 2014، 1223 مهاجراً في 2013، 1717 مهاجراً في 2012، 28829 مهاجراً في 2011، وذلك ضمن الطرق المختلفة عبر المتوسط وفقاً لبيانات المنتدى التونسي غير الحكومي الصادرة في مارس/آذار 2022. 

وعبّر المتحدث باسم المنتدى رمضان بن عمر عن خشيته من "الضغوط التي قد يمارسها الاتحاد الأوروبي على تونس، لإبرام اتفاقيات من شأنها أن تحوّل البلاد إلى مركز لإيواء المهاجرين غير الشرعيين".

وتُعد تونس بلداً لعبور المهاجرين وليس مُصدّراً فقط، إذ بلغت نسبة المهاجرين التونسيين غير الشرعيين من تونس 44.6%، بمقابل 55.4% للجنسيات الأخرى لعام 2021. 

الجزائر 

يذكر موقع المفوضية الأوروبية تخصيص 8.9 مليون يورو للجزائر من الصندوق الائتماني الأوروبي للطّوارئ من أجل إفريقيا، ضمن تمويلات ثنائية وإقليمية مخصصة لمعالجة شؤون الهجرة. 

ولا يذكر موقع الصندوق أيّ تفاصيل عن مشاريع مخصصة لبلد الجزائر، إلا أن الجزائر تتلقى الدعم في إطار نافذة شمال إفريقيا ضمن برامج إقليمية متعددة، بما في ذلك البرامج المعنيّة بإدارة هجرة وانتقال العمالة، والتعاون التقني المتركز على شؤون الهجرة والحماية، وتفكيك الشبكات الإجرامية المستهدفة للمهاجرين، وغير ذلك.  

ووفقاً لصندوق الطوارئ، تُعدّ الجزائر بلد مقصدٍ للمهاجرين أكثر من كونها بلد منشأ للهجرة غير الشرعية. 

وتعتبر الجزائر مصدراً أساسياً للهجرة القانونية إلى الاتحاد الأوروبي، فيما لا يزال عدد المهاجرين الجزائريين غير النظاميين إلى أوروبا منخفضاً. 

أما المهاجرون من الجنسيات الأخرى الذين يتجهون للجزائر أو يمرّون عبرها يأتي أغلبهم من بلدان جنوب الصحراء الإفريقية، كما تستقبل الجزائر اللاجئين من الفلسطينيين والسوريين وغيرهم من بلدان الحروب والنزاعات. 

ويشيد الصندوق بجهود السلطات الجزائرية واستثمارها بوسائل وسبل تعزيز أمن الحدود، ومكافحة تهريب المهاجرين وعمليات إعادة المهاجرين. 

لكن عند النظر للأرقام الصادرة شهريّاً عن الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)، يتبيّن ارتفاع أعداد المهاجرين من ذوي الجنسية الجزائرية ولا سيما العابرين عبر طريق غرب المتوسط (الممتد عبر البحر بين إسبانيا والمغرب والجزائر). 

تصدّرت الجنسية الجزائرية قائمة العابرين غير النظاميين عبر الطريق الغربي للمتوسط في أول 6 أشهر من عام 2022، فمن 4816 مهاجراً غير نظامي هناك 1918 مهاجراً جزائرياً، ومن ثم 1334 مهاجراً مغربياً، و397 مهاجراً سودانياً. 

ووفقاً لإحصائيات فرونتكس أيضاً، تصدرت الجنسية الجزائرية قوائم المهاجرين غير النظاميين للطريق المتوسطي المغربي في 2021 أيضاً، وكذلك الأمر في 2020 حين تضاعف عدد المهاجرين الجزائريين عبر هذا الطريق 3 مرات تقريباً عن العام الذي سبقه، ليشكّلوا ثلثي المهاجرين المرصودين في ذلك العام. 

يُذكر أن الجنسية المغربية هي التي كانت مُتصدّرة في عام 2018، وذلك للعابرين غير النظاميين لكلّ من الطرق البرية والبحرية في المسار المتوسطي المغربي. 

وسجلت أرقام الجزائرين الواصلين عبر البحر إلى أوروبا من الطريق المتوسطي المغربي تحديداً مستويات قياسية في آخر عامين، إذ بلغت 11659 مهاجراً غير نظاميّ في 2021، و11195 في 2020، بينما كانت تتراوح الأرقام سابقاً بين الخمسمئة إلى أربعة آلاف مهاجر غير نظامي في العام بشكل عام. 

هل تغيرت معدلات الهجرة عبر المتوسط؟

عند النظر لمعدّل وصول المهاجرين السنوي عبر طرق المتوسط، تبدو الأرقام في انخفاضٍ عام مقارنةً بعام 2015 الذي كان عاماً استثنائياً على صعيد الهجرة واللجوء إلى أوروبا تحديداً. 

وهذه الأرقام السنوية لأعداد المهاجرين غير النظاميين الواصلين إلى أوروبا عبر طرق المتوسط، وفقاً لإحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: 

  • 2021: وصول 123.318 – وفاة وفقدان 3.231 
  • 2020: وصول 95.774 – وفاة وفقدان 1.881 
  • 2019: وصول 123.663 – وفاة وفقدان 1.510
  • 2018: وصول 141.472 – وفاة وفقدان 2.277
  • 2017: وصول 185.139 – وفاة وفقدان 3.139
  • 2016: وصول 373.652 – وفاة وفقدان 5.096
  • 2015: وصول 1.032.408 – وفاة وفقدان 3.771
  • 2014: وصول 225.455 – وفاة وفقدان 3.538 

إلا أن هذه الأرقام تشمل جميع طرق الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، ويعني ذلك بالمجمل الوافدين عن طريق البحر إلى إيطاليا وقبرص ومالطا، وكذلك القادمين بحراً وبراً إلى اليونان وإسبانيا، بما في ذلك الواصلون إلى أرخبيل جزر الكناري الواقع في المحيط الأطلسي قبالة سواحل المغرب، التابع لإسبانيا. 

وبالنسبة للرقم التاريخي الذي تجاوز المليون في عام 2015، فإن 80% منه يعود للاجئين والمهاجرين الذين عبروا بحر إيجه من تركيا إلى اليونان في ذلك العام (أكثر من 800 ألف).  

وبالتالي لا يمكن الاعتماد على هذا المؤشر العامّ لاستنباط مدى اختلاف معدلات الهجرة من دول شمال إفريقيا على وجه التحديد. 

ولذلك لجأنا إلى رصد الأرقام المعنيّة بالطرق الفرعيّة (ولا سيما الطرق الوسطى والغربية عبر البحر المتوسط)، وكذلك أرقام الهجرة غير الشرعية بالنسبة للبلدين الأوروبيين الأكثر استقبالاً للوافدين من إفريقيا، أي إيطاليا وإسبانيا. 

عند جمع أعداد الواصلين إلى إيطاليا عبر البحر وإلى إسبانيا برّاً وبحراً، نلاحظ انخفاضاً عاماً لأرقام الهجرة غير الشرعية الواصلة عبر المتوسط ابتداءً من عام 2017 على نحوٍ تدريجي.

وكانت سنة 2019 هي السنة الأكثر انخفاضاً منذ إطلاق الصندوق الإفريقي، ومن ثم عودة مؤشّر الهجرة غير الشرعية إلى الارتفاع مجدداً في العامين الأخيرين، مع التنويه لتعدّد العوامل المتداخلة مع تغير ظاهرة الهجرة عبر المتوسط من عامٍ إلى عام.

وهذه هي أرقام الهجرة عبر المتوسط إلى إيطاليا وإسبانيا في السنوات الأخيرة: 

  • 2021: 110492
  • 2020: 76015
  • 2019: 43984
  • 2018: 88753
  • 2017: 147718
  • 2016: 196041
  • 2015: 170418

إيطاليا

انخفضت معدّلات المهاجرين غير النظاميين الواصلين عبر البحر إلى إيطاليا بشكلٍ عام بعد 2016، وأتى هذا الانخفاض بصورةٍ تدريجية من قرابة 181 ألف مهاجر في 2016، إلى 119 ألفاً في 2017، ومن ثم 23 ألفاً في 2018، وأكثر من 11 ألفاً في 2019، ليكون العام ذا الرقم الأدنى ضمن السنوات الأخيرة.

إلا أن الأرقام عادت للارتفاع التدريجي في السنتين الأخيرتين، مسجّلة 34 ألفاً في 2020، وأكثر من 67 ألفاً في 2021، وذلك وفقاً للبيانات التي تصدرها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة. 

وفي عام 2021، انطلق معظم المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا من ليبيا بنسبة 47% (31.556 مهاجراً غير نظامي)، وبعدها 30% من تونس (20.218)، ومن ثم 19% من تركيا (12.916)، و2% من الجزائر (1.549)، والبقية من اليونان ومصر ولبنان والجبل الأسود وألبانيا.  

وكان التونسيون هم أصحاب الجنسية الأعلى رقماً ضمن الواصلين إلى إيطاليا عبر البحر في 2021 بنسبة 23% من كامل الحالات المُسجّلة، وبعدهم المصريين بنسبة 13%، ومن ثم 12% من بنغلادش، و6% من إيران (أغلبهم جاءوا من تركيا تقريباً)، وتأتي بعدها جنسيات مختلفة من ساحل العاج والعراق وغينيا وإريتريا وسوريا والمغرب. 

ويلاحظ اختلاف الجنسيات المهاجرة من عامٍ إلى عام، فقد كانت الغلبة في عام 2015 للواصلين إلى إيطاليا من إريتريا (25.5%)، ومن ثم نيجيريا والصومال والسودان وغامبيا وسوريا والسنغال ومالي على التتالي. 

Ver pantalla completa

إسبانيا

يصل المهاجرون غير النظاميين إلى حدود الأراضي الإسبانية عبر 4 طرق رئيسية، طريق المضيق المغربي، طريق البُران ويربط السواحل المغربية- من الحسيمة إلى الناظور- بالسواحل الإسبانية ويتضمن هذا الطريق المعسكرات الإسبانية المتبقية في شمال إفريقيا ومنها سبتة ومليلة الشهيرتان، وهو الطريق الأكثر نشاطاً، وأيضاً الطريق الجزائري، والطريق الواصل إلى جزر الكناري. 

عند النظر إلى إحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نلاحظ انخفاضاً كبيراً في عدد الواصلين إلى إسبانياً برّاً، فقد انخفض من 11 ألفاً وأكثر من 600 مهاجر غير نظامي في 2015، إلى 6443 في 2016، وحافظ على هذا المعدّل تقريباً في السنوات التالية، لينخفض مجدداً في العامين الأخيرين بمعدّل 1535 في 2020، و1218 في 2021. 

لكن ترتفع معدلات الواصلين إلى إسبانيا عبر البحر من عامٍ إلى عام، فمن 5312 في 2015، إلى أكثر من 58 ألفاً في 2018، ومن ثم هبوط نسبي في 2019، يتبعه ارتفاع عام في السنتين الأخيرتين. 

إلا أنّ هذا الارتفاع الأخير يساهم به طريق جزر الكناري بنسبةٍ كبيرة، إذ سجّل الأرخبيل وحده 22316 مهاجراً غير نظامي في 2021، و23271 في 2020، فيما كانت الأرقام السابقة أقل شأناً، بمعدّل 2698 في 2019، و1307 في 2018، و425 فقط في 2017.

ملخّص 

صدمت أرقام الهجرة غير الشرعية في عام 2015 قارة أوروبا، إذ وجدت نفسها تستقبل أكثر من مليون لاجئ ومهاجر عبر الطرق البرية والبحرية. 

جاء 80% من المهاجرين ذلك العام عبر بحر إيجه من تركيا إلى اليونان. 

استنفر الزعماء الأوروبيون لمواجهة "الأزمة"، عبر وضع استراتيجيات متعددة وعقد اتفاقيات مع بلدان الجوار. 

عُقدت قمة فاليتا حول الهجرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وعلى إثرها أطلق الاتحاد الأوروبي صندوقاً خاصاً لمعالجة الأسباب العميقة للهجرة في إفريقيا. 

وقعت تركيا والاتحاد الأوروبي في 18 مارس/آذار 2016 اتفاقية الهجرة، التي تكفّلت بتعاون تركيا لصدّ الهجرة غير الشرعية، وبقي التركيز الأعمق على صدّ الهجرة القادمة من شواطئ شمال إفريقيا. 

خصص صندوق الطوارئ قرابة خمسة مليارات يورو لعموم القارة الإفريقية، وحتى آخر 2020، كان الصندوق قد وافق على صرف 907 ملايين يورو منها لبلدان شمال إفريقيا. 

نجحت التدابير المتخذة من الدول المعنيّة بخفضِ أرقام الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط من بعد 2015 عموماً.

تُظهر الأرقام السنوية انخفاضاً مستمراً وتدريجياً مقارنة بعام "الأزمة"، لكن لا تزال معدّلات الهجرة مرتفعة نسبياً، مع ملاحظة ازدياد عدد ضحايا المهاجرين ممن لم يتمكنوا من الوصول. 

عند النظر لأرقام الهجرة إلى إيطاليا وإسبانيا حصراً، يصبح التباين في الأرقام أقلّ حدةً، حيث ترتفع الأرقام في 2016 و2017، ومن ثم تتحسن من 2018 حتى 2020، لتعاود الارتفاع في 2021 من جديد، في وقت تزداد فيه الأزمات الاقتصادية التي تضرب العالم عموماً ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خصوصاً.

تحميل المزيد