قفزت عملة البيتكوين الإلكترونية بأكثر من 12%، اليوم الإثنين 8 فبراير/شباط 2021، إلى قمة غير مسبوقة، وذلك في أعقاب إعلان شركة "تسلا"، المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية، استثمارها نحو 1.5 مليار دولار في العملة المشفرة الشهر الماضي.
إذ رفع هذا الإعلان البيتكوين لما يصل إلى 43 ألفاً و780 دولاراً بحلول الساعة 1350 بتوقيت غرينتش، وبذلك سجّلت العملة الإلكترونية مستوى قياسياً جديداً في تاريخها.
كانت شركة "تسلا"، التي أسسها رجل الأعمال الأمريكي الشهير، إيلون ماسك، قد كشفت عن الاستثمار بعد عشرة أيام من إضافة ماسك وسم "بيتكوين" إلى حسابه على "تويتر"، وهو ما رفع بيتكوين في ذلك اليوم.
"تسلا" أشارت إلى أن قرارها يأتي في إطار سياستها الاستثمارية الواسعة النطاق كشركة، وأنها تستهدف تنويع وتعظيم عائداتها السائلة، مؤكدة أنها قد تستحوذ على أصول رقمية، وتحتفظ بها من وقت لآخر أو على المدى الطويل.
البيتكوين تتعافى بقوة من ضربات سابقة
يذكر أن عملة البيتكوين تلقت يوم الجمعة 22 يناير/كانون الثاني 2021، ضربة قوية بخسارتها قرابة ثلث قيمتها التي وصلت إليها خلال الشهر الماضي، حيث انحدرت من مستواها القياسي المرتفع البالغ 42 ألف دولار مطلع الشهر ذاته، إلى 28 ألفاً و800 دولار، قبل أن تتعافى قليلاً وتعود إلى قرابة 32 ألفاً.
بحسب تقرير سابق نشرته وكالة رويترز، فقد تذبذبت عملة البيتكوين، صوب أسوأ انخفاض لها منذ سبتمبر/أيلول 2020، بعد أن أدت المخاوف بشأن ارتفاعها الزائد إلى تراجعها عن مستويات قياسية مرتفعة بلغتها في الآونة الأخيرة.
كما أن البيتكوين انخفضت ما يزيد على 20% من مستواها القياسي المرتفع البالغ 42 ألف دولار الذي بلغته في بداية شهر يناير/كانون الثاني 2021، لتتكبد خسائر في ظل تنامي المخاوف من فقاعات الأسعار، وفي الوقت الذي تسترعي فيه العملات المشفرة انتباه الجهات التنظيمية.
حيث ارتفع سعر العملة المشفرة من 10 آلاف و500 دولار في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020، إلى حوالي 14 ألف دولار في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، ثم قفز إلى أكثر من 34 ألف دولار يوم الأحد 3 يناير/كانون الثاني، قبل أن يكسر حاجز 40 ألف دولار في 7 يناير/كانون الثاني، قبل أن ينكسر مرة أخرى ويعود إلى 32 ألفاً يوم 22 يناير/كانون الثاني.
كيف وصلت البيتكوين إلى هذه المحطة؟
انطلقت البيتكوين في يناير/كانون الثاني 2009 بعد أن أطلقها شخص مجهول عرّف نفسه بـ"ساتوشي ناكاموتو"، وفي أول تحويلة لعملة البيتكوين قام بها ناكاموتو كتب رسالة لم يكترَث لها في حينها.
الشطر الأول من الرسالة لإثبات موعد إطلاق شبكة البيتكوين، والثاني اقتباس من مقالة لمجلة The Times البريطانية الصادرة بنفس التاريخ. يقول عنوان المقالة: "المستشار أليستير دارلينغ (وزير الخزانة البريطاني آن ذاك) على وشك الإنقاذ الثاني للبنوك، قد تكون هناك حاجة إلى المليارات مع الضغط الشديد للإقراض". اختيار ناكاموتو هذا العنوان بالذات ليُدلِّل على رفضه لشكل المال التقليدي وضرره البالغ على المجتمع.
تعمل البيتكوين وفق قواعد صارمة تجعلها تحقق أفضل ميزة للمال عرفها البشرية: الندرة. ففي التصميم الأولي لها تم تحديد كميتها بـ21 مليون وحدة بيتكوين فقط. يتم طرحها وفق معادلة متدرجة تبدأ بكميات كبيرة ثم تقل كل أربع سنوات، إلى أن يتم طرح كامل العدد المحدد سلفاً 21 مليون قطعة.
على مدار 11 عاماً منذ إطلاقها، أثبتت البيتكوين كفاءة عالية في الأداء من ناحية، والالتزام بهذه المعادلة من ناحية أخرى، ما جعلها مع الوقت تكتسب زخماً وقبولاً من المستثمرين وعموم الناس على حد سواء. ذكرت بلومبرغ نقلاً عن Fidelity للأبحاث أن ثُلث المؤسسات الاستثمارية الكبيرة تمتلك أصولاً رقمية. هذا يدل على قدرة البيتكوين على جذب أنظار المستثمرين فضلاً عن الأفراد العاديين. ومع ذلك يظل الاستثمار في البيتكوين والأصول الرقمية عالي المخاطر.
لم تُحدث البيتكوين هزة عنيفة في عالم المال فقط بل في تكنولوجيا المعلومات أيضاً. فحلم الوصول لعملة إلكترونية لم يبدأ في 2009 أو قبلها بقليل. بل بدأ قبلها بأكثر من 15 عاماً وتحديداً عام 1993 حينما قام إريك هوز Eric Hughes بإعلان "مانيفستو سايفربنك" A Cypherpunk's Manifesto، والذي دعا فيه إلى إنشاء عملة إلكترونية. وبعدها بدأت محاولات عدة كلها باءت بالفشل إلى أن جاءت البيتكوين.
وأخيراً جاء إعلان شركة "تسلا" عن استثماراتها في العملة المشفرة الأكبر في العالم ليدفع بها إلى القمة.