في مجزرة جديدة تضاف إلى سلسلة المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي سقط نحو 500 شهيد في غزة بعد قصف المستشفى المعمداني في غزة القديمة الذي كان يكتظ بالمدنيين الفارين من القصف المتواصل بلا هوادة على القطاع منذ الـ 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
هذه المجزرة دفعت العديد من رواد منصات التواصل الاجتماعي وخاصة موقع X المعروف سابقاً بتويتر، إلى توجيه أصابع الاتهام إلى شبكة بي بي سي البريطانية بعد نشرها تقريراً قبل أيام تزعم فيه قيام حركة حماس ببناء العديد من الأنفاق أسفل المستشفيات.
التقرير الذي حمل عنوان "تعتبر أنفاق غزة بمثابة متاهة مترامية الأطراف لدرجة أن الجيش الإسرائيلي يطلق عليها اسم "مترو غزة" والذي نشر قبل أيام ذكر الكثير من التفاصيل عن الأنفاق في غزة، ووضعت الشبكة عدداً من الخرائط داخل التقرير لبعض الأماكن التي قالت إنها للأنفاق أغلبها في أماكن مكتظة بالسكان.
ووصف التقرير الذي كتبته ليز دوسيه، كبيرة المراسلين الدوليين لمحطة "بي بي سي" في جنوب إسرائيل الأنفاق "إنها جزء حيوي من عمليات حماس. تُستخدم الأنفاق لنقل البضائع والأشخاص، وتخزين الأسلحة والذخائر، وإيواء مراكز القيادة والسيطرة. ومن المعروف أنها معززة بشكل كبير بالخرسانة وموصولة بالكهرباء. إنها عميقة جداً، حيث يصل عمقها إلى 100 قدم (30 متراً) بحيث يصعب تحديد موقعها على وجه اليقين".
كما أضافت كبيرة المراسلين الدوليين لمحطة "بي بي سي" في جنوب إسرائيل: "لكن مثل هذه الشبكة الواسعة تحت الأرض، على قطعة صغيرة من الأرض، يبدو من المرجح أن تتدفق تحت أحياء مكتظة بالمنازل والمستشفيات والمدارس". "وكانت هناك تقارير تفيد بأن بعض الممرات لها مداخل تقع في الطوابق السفلية من المنازل والمساجد والمدارس والمباني العامة الأخرى للسماح للمسلحين بالتهرب من اكتشافهم".
ورغم أن التقرير نُشر قبل أيام إلا أنه وبعد وقوع المجزرة مساء الثلاثاء 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ألقى عدد كبير من المتابعين باللوم على شبكة بي بي سي فيما ذهب البعض لاتهامها بأنها حرضت على وقوع هذه المجزرة.
فقد كتب المؤرخ المصري خالد فهمي والذي يحاضر في جامعة تافتس الأمريكية أن ما كتبته شبكة بي بي سي قد يعد تحريضاً على وقوع هذه الجريمة وأن المناطق المدنية لم تعد محصنة أمام الهجمات الإسرائيلية.
الباحث السياسي الفلسطيني أدهم أبو سلمية كتب في تغريدة رداً على التقرير: "للتو قصف الجيش الإسرائيلي مستشفى مدنياً وقتل فيه الأطفال، لقد بررتم لهم وقوع هذه الجريمة، فيدكم ملطخة بالدماء".
كما وضع أحد المغردين صورة ملطخة بالدماء على جدران مبنى بي بي سي محملاً إياهم مسؤولية وقوع هذه المجزرة.
الممثل المسرحي اللبناني زياد عيتاني هو الآخر وصف التقرير بالعار وحمل الشبكة البريطانية المسؤولية عن قصف المستشفى.
أما المذيعة في قناة الجزيرة وسيلة عولمي فقد كتب بشكل مستهجن: عمل جيد بي بي سي لقد قتل 500 فلسطيني!
ورداً على المجزرة نددت بيانات عربية ودولية بمجزرة المستشفى المعمداني التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي مساء الثلاثاء 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسط القطاع المحاصر، مما تسبب باستشهاد أكثر من 500 شخص من النازحين جلهم من النساء والأطفال.
إذ أدانت مصر "بأشد العبارات" قصف الاحتلال للمستشفى المعمداني في غزة، مطالبة قوات الاحتلال الإسرائيلي بـ"الوقف الفوري لسياسات العقاب الجماعي واستهداف محيط معبر رفح"، وفق بيان للخارجية.
كما أدان الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، بشدة القصف الإسرائيلي للمستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة، بحسب منشور لأبو الغيط بمنصة "إكس".
بدوره، قال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، إن "مئات الشهداء في المستشفى المعمداني بغزة بفعل "الإجرام الإسرائيلي" والضمير العالمي الساكت عن الظلم والحق، فإلى متى؟".
بينما أدان الأردن "بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة"، وفق بيان للخارجية.
يُذكر أنه رداً على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، أطلقت "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وتواصل مواجهتها مع جيش الاحتلال لليوم الحادي عشر على التوالي.
وحتى مساء الثلاثاء، بلغ عدد ضحايا الفلسطينيين نحو 3 آلاف شهيد و12500 جريح في غزة، و61 قتيلاً و1250 جريحاً في الضفة الغربية، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة الفلسطينية.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي شن غارات مكثفة على غزة، وقطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية عن القطاع؛ ما أثار تحذيرات محلية ودولية من كارثة إنسانية مضاعفة، بموازاة مداهمات واعتقالات إسرائيلية مكثفة في مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة.
بحسب مصادر رسمية إسرائيلية، قتلت "حماس" أكثر من 1300 إسرائيلي وأصابت 4229 وأسرت نحو 200 آخرين، بينهم عسكريون برتب كبيرة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 5 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.
وحتى قبل الحرب الراهنة، يعاني سكان غزة، وهم نحو 2.2 مليون فلسطيني، من أوضاع معيشية متدهورة للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في 2006.