اعتقلت الشرطة عشرات المحتجين المؤيدين للفلسطينيين في جامعتي ييل في كونيتيكت، ونيويورك في مانهاتن، الإثنين 22 أبريل/نيسان 2024، مع استمرار تردد صدى الحرب على غزة في حُرم الجامعات الأمريكية.
جاءت الاعتقالات بعد ساعات من إلغاء جامعة كولومبيا حضور الطلاب لتهدئة التوتر في حرمها الجامعي بنيويورك بعد أن سمحت إدارة الجامعة للشرطة بإخلاء مخيم نصبه طلاب احتجاجاً على الإجراءات الإسرائيلية في غزة.
وأظهرت مقاطع مصورة بثتها مواقع للتواصل الاجتماعي محتجين أوقفوا، مساء الإثنين، حركة المرور في حرم جامعة ييل في نيو هيفن بكونيتيكت، مطالبين الجامعة بسحب استثماراتها من الشركات المصنعة للأسلحة العسكرية.
الشرطة تعتقل العشرات
في السياق، أفاد موقع "ييل ديلي نيوز" الإخباري الذي يديره طلاب بأن الشرطة اعتقلت أكثر من 45 محتجاً.
وفي نيويورك، تحرك الضباط لتفريق حشد جامعة نيويورك بعد وقت قصير من حلول الظلام، حيث تحدى مئات المتظاهرين لساعات تحذيرات الجامعة بأنهم سيواجهون عواقب إذا لم يخلوا الساحة التي تجمعوا فيها.
وأظهر مقطع مصور نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي الشرطة وهي تزيل الخيام في مخيم المتظاهرين، بينما اشتبك المتظاهرون مع الضباط وهتفوا قائلين: "لن نتوقف، لن نهدأ. اسحبوا الاستثمارات".
بدوره، قال متحدث باسم شرطة نيويورك إن الاعتقالات تمت بعد أن طلبت الجامعة من الشرطة فرض مخالفات التعدي على ممتلكات الغير، لكن العدد الإجمالي للاعتقالات سيظل مجهولاً حتى وقت لاحق.
وبدأت الاحتجاجات في مقار جامعات ييل وكولومبيا ونيويورك وغيرهم في أنحاء الولايات المتحدة رداً على أحدث تصعيد للحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأشار مدافعون عن حقوق الإنسان إلى تصاعد عام في التحيز والكراهية للعرب والمسلمين واليهود منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
رئيسة الجامعة تدعو الشرطة للتدخل
في السياق، قالت نعمت مينوش شفيق، رئيسة جامعة كولومبيا مصرية الأصل، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى موظفي وطلاب الجامعة، إن الجامعة ألغت حضور الطلبة وانتقلت إلى التدريس عبر الإنترنت "لتخفيف الضغينة ومنحنا جميعاً فرصة للنظر في الخطوات التالية".
وفي خطوة استثنائية استنكرها بعض أعضاء هيئة التدريس، استدعت شفيق الأسبوع الماضي شرطة نيويورك لإخلاء خيام أقامها محتجون في الحديقة الرئيسية لمطالبة الجامعة بسحب الاستثمارات المتعلقة بأنشطة إسرائيل.
وقالت الجامعة إن إقامة الخيام "تنتهك القواعد"، في حين اعتقلت الشرطة أكثر من 100 طالب من كولومبيا وبرنارد كوليدج المجاورة لاتهامهم بالتعدي على ممتلكات الغير، وأوقفت كولومبيا وبرنارد عشرات الطلاب المشاركين في الاحتجاجات عن الدراسة مؤقتا.
وقالت شفيق التي أدلت بشهادة الأسبوع الماضي أمام لجنة بمجلس النواب الأمريكي دافعت فيها عن رد الجامعة على معاداة السامية المزعومة "تم استغلال هذا التوتر وتضخيمه من أفراد لا ينتمون إلى جامعة كولومبيا جاووا إلى الحرم الجامعي لتحقيق قائمة أولوياتهم… نريد إعادة الأمور لنصابها".
في المقابل، طالب الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ، بالإضافة إلى عضو ديمقراطي واحد على الأقل في مجلس الشيوخ، باستقالة شفيق في رسائل وبيانات الإثنين.
مدرّسون ينضمون للطلاب المحتجين
ونشرت إدارة شرطة نيويورك عشرات من أفرادها في شوارع مانهاتن المزدحمة حول حرم جامعة كولومبيا بعد نشوب مواجهات غاضبة بين المؤيدين للفلسطينيين والمؤيدين لإسرائيل.
وقال طارق شابارد، كبير المتحدثين باسم الشرطة، في مؤتمر صحفي، الإثنين، أمام الحرم الجامعي: "تلقينا تقارير تفيد بأن طلاباَ إسرائيليين كانوا يسيرون في الحرم الجامعي تم انتزاع أعلامهم منهم، وخطفها من أيديهم… لكننا لم نتلق أي تقارير عن إلحاق أي أذى بدني بأي طالب".
وأمضى الطلاب المحتجون بضع ليال نائمين في العراء على العشب، ونصبوا خياماً مرة أخرى. وأقام الطلاب صلوات الإسلام واليهودية في المخيم، وألقى بعضهم خطابات تشجب إسرائيل والصهيونية وتشيد بالمقاومة الفلسطينية المسلحة.
وأقيمت مخيمات مماثلة مؤيدة للفلسطينيين في إيمرسون كوليدج في بوسطن ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج المجاورة.
كما انضم أكثر من 100 من أعضاء هيئة التدريس بجامعة كولومبيا إلى الطلاب أمس تضامناً في المخيم، حيث من المقرر إقامة مأدبة في الهواء الطلق للاحتفال باليوم الأول من عطلة عيد الفصح اليهودي.
طالبة يهودية ترد على بايدن
في سياق متصل، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في بيان، الأحد 21 أبريل/نيسان، إن إدارته تضع كامل قوة الحكومة الاتحادية في خدمة حماية الجالية اليهودية.
أضاف: "حتى في الأيام القليلة الماضية، شهدنا مضايقات ودعوات للعنف ضد اليهود. معاداة السامية الصارخة هذه تستحق الشجب وأمر خطير، ولا مكان لها بالمرة في الحرم الجامعي، أو أي مكان في بلدنا" وفق تعبيره.
كذلك قال رئيس بلدية نيويورك إريك آدامز، الأحد، إنه "يشعر بالفزع والاشمئزاز من معاداة السامية التي يتفوهون بها في حرم جامعة كولومبيا وحولها".
لكن في المقابل، انتقد منظمو تحركات الطلاب من مخيم جامعة كولومبيا تصريحات بايدن وآدامز وادعاءاتهما بمعاداة السامية، قائلين إن بعض المنظمين يهود وإن وسائل الإعلام ركزت على "المثيرين للتوتر وهم لا يمثلوننا".
وقالوا في بيان: "نرفض بحزم أي شكل من أشكال الكراهية أو التعصب ونتوخى الحذر ممن ليسوا طلاباً ويحاولون العصف بالتضامن الذي يتشكل بين الطلاب، من زملاء ورفاق فصول فلسطينيين ومسلمين وعرب ويهود وسود ومؤيدين للفلسطينيين".
بدورها، قالت ليا سالم، وهي طالبة في السنة الثانية بجامعة برنارد، إنها كانت واحدة من 15 طالباً يهودياَ اعتُقلوا في حديقة كولومبيا الأسبوع الماضي، "من الواضح للغاية بالنسبة لنا أن الناس في الخارج لا يفهمون معنى هذا المخيم".
أضافت أن انتقاد إسرائيل ليس معاداة للسامية. وأردفت أن الطلاب "ينددون بشدة بهؤلاء المتعصبين" الذين ضايقوا الطلاب اليهود في الشوارع العامة حول الحرم الجامعي.
وقال نشطاء طلابيون إنهم يطالبون الجامعة بسحب استثماراتها من الشركات التي تستفيد من الأعمال الإسرائيلية في غزة، وبالشفافية في الاستثمارات المالية للجامعة، وبالعفو عن الطلاب الخاضعين للتأديب من الجامعة بسبب دعواتهم لتحرير فلسطين.