تضغط جماعات مؤيدة لإسرائيل على الكونغرس الأمريكي للتحقيق في مظاهرات حاشدة داعمة لفلسطين، خرج فيها مئات الآلاف من الأشخاص للشوارع، احتجاجاً ضد الحرب على غزة، فيما لو كانت "مدعومة من الخارج"، وفق ما نقلت شبكة NBC News الأمريكية.
الشبكة لفتت إلى أن مئات الآلاف من المحتجين ضد الحرب على غزة خرجوا في مدن مختلفة بالولايات المتحدة، ما تسبب بإغلاق الطرق السريعة، وتأخير القطارات، وإغلاق أجزاء من الحرم الجامعي.
وتضغط الجماعات المؤيدة للاحتلال على الكونغرس ووكالات إنفاذ القانون الفيدرالية؛ للتحقيق فيما إذا كانت أي من هذه الاحتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة "تحصل على أموال من الخارج"، وما إذا كان قادتها لهم علاقات بحماس أو غيرها من الجماعات التي تصنفها الولايات المتحدة وإسرائيل "إرهابية"، وفق الشبكة الأمريكية.
اتهامات بدون أدلة
الشبكة أفادت بأنها راجعت الإقرارات الضريبية ومنشورات الشبكات الاجتماعية للمنظمات التي تقف وراء المظاهرات البارزة، بالإضافة إلى الملفات القضائية والتقارير الحكومية وجلسات الاستماع في الكونغرس المتعلقة بالحركة المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا.
وعلى الرغم من الاتهامات التي وجهتها بعض الجماعات المؤيدة لإسرائيل ومسؤولين حكوميين أمريكيين وإسرائيليين سابقين، بوجود روابط محتملة بين منظمي الاحتجاج وجماعات أجنبية، فإنَّ السجلات العامة "لا تُظهر أي دليل واضح يربط مالياً بين حماس أو أية حكومات أجنبية والاحتجاجات الأمريكية"، بحسب الشبكة.
وأفادت "إن بي سي نيوز" بأنه تبين لها وجود شبكة واسعة تضم جمعيات خيرية أمريكية ذات ميول يسارية تبلغ قيمتها مليارات الدولار، وتتعاون مع منظمة أجنبية واحدة على الأقل، حظرتها ألمانيا وإسرائيل بزعم العمل مع حماس أو دعمها.
لكنها أكدت أن الحركة الاحتجاجية المؤيدة للفلسطينيين عموماً هي "على مستوى القاعدة الشعبية"، مع جهود محلية تُنسَّق بالأساس من خلال الشبكات الاجتماعية باستخدام تطبيقات مثل تليغرام وواتساب وإنستغرام وإكس.
وتعتبر نردين كسواني (29 عاماً) أحد رموز الحركة، حيث أسست مجموعة "خلال حياتنا -Within Our Lifetime" منذ ما يقرب من عقد من الزمن لبناء مجتمع للشباب الذين يرغبون في رفع مستوى الوعي بالقضية الفلسطينية.
ومن خلال منشوراتها على الشبكات الاجتماعية، تستطيع كسواني، الناشطة الأمريكية الفلسطينية التي نشأت في نيويورك، جذب الآلاف من سكان المدينة لسد مناطق التسوق ومراكز النقل، وحتى الطرق المؤدية إلى المطار – وإيقافها.
"لدينا الحق في المقاومة"
وقالت كسواني: "كل ما أفعله هو دعم الشعب الفلسطيني ككل، وأعتقد أنَّ لدينا الحق في المقاومة. وإذا كانوا غاضبين من ذلك، فيمكنهم التحدث إلى بايدن وإدارته، اللذين يواصلان تمويل الحروب في الخارج، وتمويل الموت والقتل باسمنا وبأموال ضرائبنا"، وفق ما نقلت الشبكة الأمريكية.
ويقول منظمو الاحتجاج إنَّ أهدافهم بسيطة، لكنها ذات تأثير كبير؛ وهي دفع المُشرِّعين إلى التوقف عن تقديم الأموال والأسلحة لإسرائيل مع إقناع الناخبين الديمقراطيين بمقاطعة الرئيس جو بايدن في انتقام سياسي لدعمه لإسرائيل في ظل مقتل أعداد كبيرة من سكان غزة.
من جانبه، قال حاتم أبودية، الرئيس الوطني لشبكة الجالية الفلسطينية الأمريكية، التي نظمت احتجاجات في الشوارع في مدن شيكاغو وكليفلاند وديترويت، إنَّ الهدف من المظاهرات هو "جعل الديمقراطيين يشعرون بالانزعاج من الاحتجاجات الحاشدة، ليس فقط من الاحتجاجات الجماهيرية، لكن أيضاً من الأشخاص الذين يتعطَّلون في الشوارع، والذين لا يتمكنون من الوصول للعمل في الوقت المحدد".
تتبُّع الأموال
من جانب آخر، أفادت الشبكة أن مجموعات أخرى تحظى بدعم من المؤسسات الأمريكية الكبرى، حيث حصلت منظمة IfNotNow، وهي منظمة هدفها المُعلَّن هو "إنهاء الدعم الأمريكي لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي"، على 100 ألف دولار خلال السنوات الخمس الماضية من منظمة Rockefeller Brothers الخيرية.
والأخيرة هي منظمة عمرها عقود من الزمن ومقرها في نيويورك، وقد منح الصندوق ما يقرب من نصف مليون دولار خلال نفس الفترة لمنظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام"، التي نظمت أيضاً احتجاجات مؤيدة لحقوق الفلسطينيين.
في السياق، قال ستيفن هاينتز، الرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة Rockefeller Brothers: "أعتقد أنَّ حركات الاحتجاج والعصيان المدني أداة فعالة، ما دامت غير عنيفة؛ ولهذا السبب ندعم بعض المجموعات التي تستخدم هذه الأداة".
ونفى حاتم بازيان، المحاضر منذ سنوات طويلة في جامعة كاليفورنيا بيركلي، صحة الاتهامات بوجود روابط بين منظمي الاحتجاجات وحركة حماس أو حكومات أجنبية.
وأسس بازيان الفرع الوطني لمنظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" للتركيز على النشاط داخل الحرم الجامعي، ثم أطلق لاحقاً مجموعة "مسلمين أمريكيين من أجل فلسطين".
وتدعو المجموعتان الإدارة الأمريكية إلى إنهاء دعمها لإسرائيل، وقال بازيان: "أنت مذنب إذا مررت بجانب شخص كان يأكل شاورما، وهو مرتبط بشخص يعيش في غزة، ويعرف شخصاً قد يكون عضواً في حماس. ببساطة، هذا هو الوضع الذي نحن فيه الآن".