حذّر مسؤولون من بريطانيا ومن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الثلاثاء 3 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بأن الذخيرة التي يمكن للجيوش الغربية تقديمها لأوكرانيا قد أوشكت على النفاد، وحثوا دول الكتلة على زيادة الإنتاج "لتتمكن أوكرانيا من مواصلة القتال في مواجهة الغزاة الروس"، بحسب موقع CNN International الأمريكي.
وتأتي أنباء القصور المحتمل في الذخيرة بعد أن أقرَّ الكونغرس الأمريكي هذا الأسبوع مشروع قانون للإنفاق المؤقت- لتجنب إغلاق وكالات الحكومة الفيدرالية- دون أن يتضمن الأموال المخصصة لشراء أسلحة لأوكرانيا.
وزاد الشك في مستقبل المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، بعد أن أزاح النواب الجمهوريون زميلهم كيفن مكارثي، الثلاثاء، والذي كان مؤيداً لدعم أوكرانيا، من رئاسة مجلس النواب الأمريكي.
وأثارت هذه التطورات مخاوف أوكرانيا في وقت دخلت فيه الحرب مع روسيا شهرها العشرين، وقال بعض الخبراء إن ما يحدث قد يُشعر موسكو بأنها قادرة على الصمود بعد تراجع الوعود الغربية.
"لقد وصلنا إلى الحد الأدنى"
في سياق الحديث عن مخزون الغرب من الذخيرة، قال الأدميرال الهولندي روب باور، رئيس اللجنة العسكرية في الناتو وأكبر مسؤول عسكري في الحلف، في جلسة عقدها منتدى وارسو الأمني، الثلاثاء: "لقد وصلنا إلى الحد الأدنى".
وأوضح باور: "إنه أمر عظيم أن نمنح أوكرانيا الأسلحة والذخيرة، ولكننا لا نفعل ذلك ومستودعاتنا كاملة، بل نعطي السلاح والذخائر من مستودعات كانت في الأصل نصف ممتلئة، وبعضها في أوروبا أقل من ذلك"، ومن ثم فإن "هذه المستودعات بدأت تنفد من الذخائر الآن".
من جانبه، قال جيمس هيبي، وزير القوات المسلحة البريطاني، خلال حديثه في الجلسة نفسها، إن المساعدات الموجهة لكييف يجب أن تستمر، حتى إذا كانت المخزونات ضئيلة، لذا يتعين على الدول الغربية أن ترفع قدراتها لإنتاج المزيد من الذخيرة.
أضاف هيبي: "علينا أن نبقي أوكرانيا صامدة في المعركة الليلة وغداً، وبعد غد، وما بعد ذلك"، ويعني ذلك "الاستمرار في إمدادها بالذخيرة يوماً بعد يوم، وإعادة بناء مخزوننا".
"ترسانة الديمقراطية" الأمريكية
في الوقت نفسه، شدد محللون على أن "ترسانة الديمقراطية" الأمريكية يجب أن تشرع في العمل على قدم وساق، وإلا فإن الإمدادات الحربية في أوكرانيا قد تتعرض لمأزق حرج.
وتشير ترسانة الديمقراطية إلى الجهود الصناعية الأمريكية في دعم حلفاء الولايات المتحدة، وتشمل إنتاج كبرى مصانع الأسلحة والذخيرة في المراكز الصناعية الأمريكية، مثل ديترويت وكليفلاند وفيلادلفيا، وغيرها.
في سياق متصل، كتب توماس واريك، الزميل البارز غير المقيم في المجلس الأطلسي، الأسبوع الماضي: "الولايات المتحدة وحلفاؤها يرسلون إلى أوكرانيا الكثير من الذخائر المتنوعة، لكن الإنتاج والتسليم لا يجريان بالسرعة المطلوبة".
وكتب واريك أنه في الوقت الذي أخَّرت أوكرانيا فيه بدء الهجوم الصيفي لتوصيل المزيد من الذخيرة والمعدات إلى الخطوط الأمامية، فإن روسيا تمكنت من بناء دفاعات أقوى أعاقت التقدم الأوكراني إلى حد بعيد، و"لقد أثبتت القوات الأوكرانية مرونتها وقدرتها على التكيف، لكنها تحتاج إلى ما يكفيها من الذخيرة والأسلحة".
ومع ذلك، فإن ما يجري في واشنطن يضع الإمدادات- ومن ثم قدرات أوكرانيا في ساحة المعركة- موضع شك، وفق سي إن إن.
46.6 مليار دولار قيمة الدعم الأمريكي لأوكرانيا
وفي رسالة موجهة إلى قيادة الكونغرس، الجمعة 29 سبتمبر/أيلول المنصرم، خلال مفاوضات مشروع قانون الإنفاق، كتب وكيل وزارة الدفاع الأمريكية، مايكل ماكورد: "إن العجز عن إتمام مشتريات الأسلحة والذخائر وتسليمها في الوقت المناسب يمكن أن يقوض العمليات الأوكرانية الأساسية لاستعادة السيطرة على أراض إضافية، فضلاً عن تدابير الدفاع في مواجهة الهجمات الروسية المحتملة في المستقبل".
وقال ماكورد: "إن لم نحصل على تمويل إضافي، سيتعين علينا تأخير المساعدات المخصصة لتلبية الاحتياجات العاجلة لأوكرانيا أو تقليصها، والتي تشمل في الوقت الراهن أنظمة الدفاع الجوي والذخيرة الشديدة الأهمية والعاجلة، لا سيما أن روسيا تستعد لشنِّ هجوم شتوي، وعازمة على مواصلة قصفها للمدن الأوكرانية".
جدير بالذكر أن المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا بلغت حداً مذهلاً، إذ تشير بيانات مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إلى أنها وصلت إلى 46.6 مليار دولار منذ بداية الحرب، في فبراير/شباط 2022 حتى 31 يوليو/تموز 2023، في حين أسهم حلفاء الناتو بمليارات أخرى.
ومع ذلك، يشير القادة العسكريون إلى أن الذخيرة خصوصاً تستهلك بمعدلات هائلة في ساحات القتال في أوكرانيا، إذ قال مسؤول دفاعي أمريكي لشبكة CNN، في يوليو/تموز الماضي، إن القوات الأوكرانية تطلق على القوات الروسية ما بين ألفين إلى 3 آلاف قذيفة مدفعية يومياً.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، في يوليو/تموز الماضي، إنها زودت أوكرانيا بأكثر من مليوني قذيفة مدفعية حتى الآن.
كما قال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إنها "معركة مكثفة بالمدفعية"، وقد "شهدنا استخدام كميات كبيرة من المدفعية على جانبي الجبهة. وهذا ضغط كبير على الإمدادات الدولية من ذخائر القذائف والمدفعية".
في أعقاب ذلك، انخفضت إمدادات واشنطن من قذائف المدفعية عيار 155 ملم للناتو إلى حدٍّ جعل الولايات المتحدة تقرر تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية المثيرة للجدل.