قال شخصان مطلعان على التحقيقات بشأن محاولة الانقلاب التي شهدتها ألمانيا مؤخراً، إن الأمير الألماني هاينريش الثالث عشر، المتهم بتنظيم مؤامرة الإطاحة بالحكومة، التقى مرة واحدة "على الأقل" بدبلوماسيين روس يعملون في قنصلية روسية في مدينة لايبزيغ بشرق البلاد، وفق صحيفة New York Times الأمريكية.
وقال الأشخاص المطلعون على التحقيق إن الأمير هاينريش الثالث عشر، الذي حُدِّدَ أنه القائد المعين لحكومة الظل التي شكلها المتآمرون، زار مرتين القنصلية الروسية في لايبزيغ، حيث التقى بدبلوماسيين روس. وقال أحد المشرعين إن إحدى الزيارات جرت في العيد الوطني لروسيا في يونيو/حزيران.
هل اشتركت روسيا في "المؤامرة"؟
لم ترد القنصلية الروسية في لايبزيغ على طلبات التعليق، بحسب "نيويورك تايمز"، لكن المسؤولين الروس نفوا الأسبوع الماضي أي تورط مع المتآمرين، ووصفوا الأمر بأنه شأن ألماني محلي. وحتى الآن، قال المحققون إنهم لم يعثروا على دليل على استجابة المسؤولين الروس لتواصل المجموعة، بحسب الصحيفة الأمريكية.
ويبحث المحققون في اللقاء المذكور من أجل تحديد مدى محاولة الأمير إشراك موسكو في المؤامرة على نحوٍ عدواني. في حين ذكر الشخصان أيضاً تفاصيل جديدة مذهلة حول المؤامرة، وقدما صورة دراماتيكية لمقدار التخطيط الذي استثمرته الشبكة في جهودها.
حسب "بي بي سي" البريطانية، يُزعم أن ما يقدر بنحو 50 رجلاً وامرأة كانوا جزءاً من المجموعة التي قيل إنها تآمرت للإطاحة بالجمهورية واستبدالها بدولة جديدة على غرار ألمانيا عام 1871، مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري.
البحث عن مخابئ للأسلحة!
في السياق، قال محققون للمشرعين إنهم صادروا حوالي 40 سلاحاً نارياً في سياق المداهمات التي استهدفت الجماعة، والتي استهدفت 150 موقعاً في جميع أنحاء البلاد. لكنهم عثروا أيضاً على آلاف الرصاص لأسلحة أخرى لم يكتشفوها بعد، مما جعل الشرطة تبحث عن مخابئ للأسلحة.
وناقش ثلاثة أشخاص مطلعين على التحقيق -مشرع ومساعد كبير لمشرع آخر ومسؤول ألماني آخر- تفاصيل التحقيق بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، لأنهم غير مخولين بالتحدث عن القضية علناً. وأُطلِعَ المشرعون في بعض اللجان البرلمانية على التحقيق ليلة الإثنين.
وقال اثنان من هؤلاء الأشخاص إن المداهمات أسفرت أيضاً عن أكثر من 100 اتفاقية عدم إفشاء، أقسم الموقعون عليها على السرية بشأن خطط الجماعة، التي تضمنت اقتحام البرلمان الألماني واعتقال أعضائه، فضلاً عن قتل المستشار. وحتى الآن، ألقت الشرطة القبض على 23 مشتبهاً بهم وتحقق مع 31 شخصاً آخرين.
وقال النائب ومساعده إن العديد من هذه الاتفاقات وُقِّعَت مع إقرار بأن كسر الصمت يجب أن يعاقب بالإعدام.
وقال المشرعون إنهم منزعجون بنفس القدر من الصلات المحتملة بين الأمير المتهم بكونه زعيم مؤامرة وقنصلية روسية في مدينة لايبزيغ بشرق البلاد.
مؤامرة "مواطني الرايخ"
أثار المؤامرة التي دبرها المتآمرون، الذين كانوا من أتباع مجموعة مؤامرة ألمانية تُعرف باسم Reichsbürger-مواطني الرايخ، جدلاً في ألمانيا، حيث تحاول البلاد التعامل مع مدى خطورة التهديد على ديمقراطيتها.
تؤمن جماعة مواطني الرايخ بنظرية المؤامرة التي اكتسبت زخماً في دوائر اليمين المتطرف، والتي تفيد بأن جمهورية ألمانيا ما بعد الحرب ليست دولة ذات سيادة ولكنها شركة أنشأها الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية.
كان بعض الأشخاص الذين يدعمون هاينريش الثالث عشر أعضاءً نشطين في الجيش أو الشرطة، بينما تلقى آخرون تدريبات على الأسلحة. لكن لا يزال من غير الواضح مدى قدرة المتآمرين على تنفيذ خططهم فعلياً، أو مدى قربهم من العمل. وقد خططوا للهجوم مرتين بالفعل لكنهم لم ينطلقوا فيه.
حكومة الظل
وقال النواب إن المحققين أبلغوا الإفادة البرلمانية بوجود خلافات مستمرة بين كبار المتآمرين بشأن المناصب الوزارية في حكومة الظل التي يتطلعون لتشكيلها.
لكن المشرعين قالوا إن ما كان واضحاً هو إلى أي مدى خططت الجماعة بشكل شامل لمؤامرتها، وأنه كان من الممكن أن تكون مؤامرةً قاتلة.
وعثر المحققون على صور على الهواتف المحمولة لأحد المتهمين بالتآمر توثق الحواجز المختلفة في أحد المباني التي تضم مكاتب أعضاء البرلمان، كما لو كانت لأغراض استكشافية. وأخبر المحققون المشرعين أنهم عثروا على نقود فضية وذهبية في حوزة المتآمرين المشتبه بهم تبلغ قيمتها مئات الآلاف من اليورو.
ومن بين الأسئلة المفتوحة ليس فقط مخابئ الأسلحة التي يحتمل أن تكون غير مكتشفة، ولكن أيضاً الآثار المترتبة على العديد من القوائم التي عُثِرَ عليها بأسماء الأشخاص فيها، ورفض المحققون الكشف عن الأسماء أو ذكر ما قد تعنيه القوائم، متعللين بالتحقيق الجاري.