بينما تصطف طوابير ضخمة من المُعزّين لتقديم الوداع الأخير للملكة إليزابيث الثانية، حدث مشهد درامي داخل قاعة وستمنستر لأحد الحرس الملكي المنوط بهم حماية نعش الملكة الأطول خدمة في تاريخ بريطانيا.
إذ أُغمي على الحارس وفقد وعيه، فسقط على المنصة، بينما هرع بعض الحراس الآخرين لنجدته واستبداله بجندي آخر لكي يقف في موقعه.
وفي مقطع الفيديو الذي نشرته شبكة BBC البريطانية، شوهد حارس ملكي كان يقظاً بجوار نعش الملكة يرتجف قبل أن يغمى عليه ويسقط على وجهه على الأرض مع اندفاع الحراس الملكيين لمساعدته.
الموقف أعاد إلى الأذهان نمط الالتزام المشدد الذي يشتهر به الحراس الملكيون الذين يخدمون ضمن القوات العسكرية للجيش البريطاني، عند أداء المراسم والمناسبات الرسمية في المملكة.
إذ يستلزم العمل درجات عالية من الإجهاد البدني والالتزام بالصمت والعبوس والجدية، والوقوف بوضعية الانتباه العسكرية، حتى وإن كانوا على وشك الإغماء من الإرهاق.
فيما يلي نستعرض أبرز المعلومات المثيرة للاهتمام عن الحرس الملكي في بريطانيا، وما قد تستدعيه متطلبات العمل منهم.
حقيقة القبعة الأيقونية الغريبة
يبلغ الحد الأقصى القياسي لقبعة جلد الدب التي يرتديها الحرس الملكي 18 بوصة، أي ما يقل عن 50 سم، ومع ذلك فهي تزن أقل من كيلوغرام.
ويرجع ذلك إلى أنه يتم استخدام جلد الدببة فوق إطار يشبه السلة يتم إرفاقه بغطاء رأس جلدي قابل للتعديل، وحزام ذقن ذهبي لتثبيت القبعة بشكل آمن.
يقول مرتدو القبعات إنها مريحة على عكس ما قد يعتقده الكثيرون. ومع ذلك، يقولون إن حزام الذقن يجب أن يكون مشدوداً إلى حد ما، ويحتاج إلى بعض الاعتياد والحرص عن الحديث لكي لا تقع من فوق رؤوسهم.
تبلغ تكلفة كل قبعة من جلد الدببة حوالي 650 جنيهاً إسترلينياً، أي أكثر من 740 دولاراً أمريكياً للقبعة الواحدة. وهي تظل قابلة للاستخدام لمدة 80 عاماً أو أكثر.
وقد حاولت السلطات البريطانية استخدام العديد من البدائل الاصطناعية لهذه الجلود في تصنيع قبعات الحرس الملكي الأيقونية، ولكن حتى اليوم تفقد قبعات الفراء الاصطناعي شكلها الرسمي بسبب الرياح، وتغرق في الأمطار الغزيرة.
ويعود شكل القبعات في الأصل إلى أن كل مدفعي أو جندي في الجيش البريطاني والجيش الفرنسي كانوا يرتدون قبعات من جلد الدببة لجعلها أطول وأكثر ترويعاً وإثارة للخوف، لأن هذه القوات كانت المسؤولة عن القتال وجهاً لوجه في ساحات المعركة.
لا يمكنهم الابتسام أو قضاء حاجتهم أثناء العمل
يحب زوار قصر باكنغهام استفزاز الحراس الملكيين، في محاولة لجعلهم يبتسمون بأي ثمن كان، لكن في الحالات العظمى تبوء محاولاتهم بالفشل.
وبغض النظر عن محاولات الجماهير، فإن تعبير الحرس الملكي الكئيب لن ينكسر أبداً، إذ يلتزمون بوجه جدي عابس طوال ساعات العمل.
وعلى الرغم من كونه مشهداً شائعاً للسياح في بريطانيا، الذين يرغبون في مراقبة الحرس أثناء قيامهم بأداء تغييرات القوات، فإن هؤلاء الحراس في الخدمة الفعلية يجب أن يتحملوا ساعات طويلة بأقصى قدر من الانضباط.
كذلك يتحمل حراس الملكة الكثير من أجل مناصبهم، لدرجة أنهم لا يستطيعون حتى ترك نقطة حراستهم لقضاء فترة راحة في المرحاض أثناء نوبة عملهم.
في المقابل، إذا احتاجوا إلى الذهاب إلى المرحاض خلال نوبات عملهم التي تستغرق 6 ساعات متصلة بدون راحة، يُطلب منهم القيام بـ"الضرورة" دون مغادرة مكانهم.
بمعنى أنه في الضرورة القصوى يمكن للحارس أن يقضي حاجته وهو واقف في موقعه، لأن سراويلهم الصوفية السميكة "داكنة بما يكفي لتغطية إحراجهم"، كما صرح الحارس شون مارسدن، لموقع The UI Junkie.
يمكن للحرس الملكي كسر صمتهم في بعض الظروف
على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن حراس الملكة قد تعهدوا بالصمت أثناء وجودهم في المنصب ومواقعهم، فإنهم يستطيعون التحدث في بعض المناسبات المحددة.
ورغم أنه لا يوصى باستفزازهم أبداً، فإنهم يمكنهم التحدث (أو الصراخ لكي نكون أكثر دقة) إذا اقترب الزوار منهم أو تصرف أحد معهم بعدوانية.
وتُعد العبارة الأكثر شهرة لهم عندما يصرخون "أفسحوا الطريق لحارس الملكة!"، وذلك إذا ما توقف أحد السياح أمام الجندي أثناء سيره العسكري. كما يُتاج للجندي أن يطرح الشخص أرضاً لإفساح المجال لمشيته المستقيمة دون أي تعديل في المسار.
يتم تدريبهم على فقدان الوعي بوضعية الانتباه العسكرية!
لا يمكن للحرس الملكي في بريطانيا أن يفقدوا الوعي بتلك البساطة، إذ عليهم أن يفعلوا ذلك بأناقة وبطريقة تبدو رسمية مثلها مثل الوقفة العسكرية التي يلتزمون بها أثناء حراستهم.
إذ يتم تدريب الحراس الملكيين على "إغماءة الانتباه"، بمعنى أن يسقطوا أثناء الإغماء مع الحفاظ على تركيزهم ووضعية الانتباه الخاصة بالحراسة.
هذا هو السبب في أن الإغماء الذي صادف توثيقه لأي من الحراس الملكيين يبدو فيه الجنود مغشياً عليهم بشكل رأسي تماماً ومنتصب، كما ينتهي بهم المطاف إلى السقوط على وجوههم معظم الوقت دون أن يقوموا بحماية رؤوسهم بأيديهم، أو السقوط على جنوبهم.