انتقدت جماعات الإيغور تقريرَ الأمم المتحدة الصادر حديثاً بشأن حالة حقوق الإنسان في إقليم شينجيانغ، متهمين المنظمة الأممية بالإذعان لضغوط الصين، لأنها لم تصنّف انتهاكات الصين بـ"الإبادة الجماعية"؛ حيث خلص التقرير إلى أن بكين مذنبة بارتكاب "جرائم إنسانية"، وفق موقع Middle East Eye البريطاني، الخميس 1 سبتمبر/أيلول 2022.
بدوره، قال صالح حديار، رئيس وزراء حكومة تركستان الشرقية في المنفى، لموقع ميدل إيست آي: "إن التقرير انتصار للصين؛ لأن الإبادة الجماعية المستمرة وجرائم حقوق الإنسان ضد الإيغور وغيرهم من الأقليات التركستانية خُفِّفت لتصبح مجرد (انتهاكات لحقوق الإنسان) لمراضاة الصين، والحيلولة دون تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية رسمياً".
"انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان"
يُذكر أن التقرير صدر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وجاء في 45 صفحة وبعد إعداد استمر نحو العام، وهو يعرض بالتفصيل لما وصفه بانتهاكات متكررة لحقوق الإيغور وغيرهم من الأقليات المسلمة في أقصى غرب الصين.
وقال تقرير الأمم المتحدة إن الصين "ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في شينجيانغ في سياق تطبيق الحكومة لما أسمته استراتيجية مكافحة الإرهاب والتطرف"، وإن "مدى الاعتقالات التعسفية للإيغور وغيرهم من الجماعات ذات الأغلبية المسلمة… جدير بأن يوصف بأنه جرائم دولية، بل جرائم ضد الإنسانية".
كما حثَّ التقرير بكين على الإفراج الفوري عن "جميع المحرومين حريتهم تعسُّفاً" وإجراء "مراجعة كاملة" لقوانينها الخاصة بالأمن الداخلي، وإلغاء جميع القوانين التمييزية.
من جانب آخر، استنكرت الصين هذه المزاعم بشدة، في حين استحسنت الولايات المتحدة التقريرَ وقالت إنه "يعمق قلقنا البالغ بشأن سوء معاملة الإيغور وغيرهم من الأقليات المسلمة في شينجيانغ ويؤكِّده".
لم يصنّف انتهاكات الصين بـ"الإبادة الجماعية"
مع ذلك، فإن تقرير الأمم المتحدة لم يذهب إلى حدِّ وصف تصرفات الصين في شينجيانغ بأنها "إبادة جماعية"، كما تزعم الولايات المتحدة، وبرلمانات عدة دول غربية، منها كندا وبريطانيا وفرنسا.
في السياق، قالت رحيمة محمود، الناشطة الإيغورية ومديرة منظمة "المؤتمر العالمي للإيغور"، لمجلة Politico الأمريكية، إن "التقرير بامتناعه عن ذكر كلمة (إبادة جماعية)، ولو مرة واحدة، يمثل إهانة للناجين من الإيغور. الأمر يدعو للتساؤل عن غاية الأمم المتحدة من إصدار التقرير إن كانت لا تستطيع أن تقرَّ بما هو جليٌّ أمامها".
بينما قال حديار إن "جالية تركستان الشرقية والإيغور في الشتات تشعر بخذلان كبير بسبب ضعف التقرير، ويشتد الغضب خصوصاً من تقاعس التقرير عن الإقرار بالإبادة الجماعية المستمرة لشعبنا. ومع ذلك، نأمل أن يؤدي هذا التقرير إلى اتخاذ إجراءات أقوى من المجتمع الدولي".
ضغوطات صينية
كانت ميشيل باشِليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان التي انتهت ولايتها بعد دقائق من نشر التقرير، قالت إنها تعرضت لضغوط من أطراف متعارضة، فالجماعات الحقوقية حثَّت على إصدار التقرير، والصين ضغطت لمنع إصداره.
وقالت باشِليت لوكالة الأنباء الفرنسية، الخميس 1 سبتمبر/أيلول: "قلت إنني سأنشره قبل انتهاء ولايتي، وقد فعلت ذلك".
وفي معرض انتقاد التقرير، يقول حديار إن ما أورده التقرير لا يكفي لدحض المبررات التي تستخدمها بكين لشن حملتها التي تزعم أنها لمكافحة الإرهاب في شينجيانغ. وهذا أحد أبرز أسباب "ضعف التقرير، وتقصيره في إنصاف شعب تركستان الشرقية".
تقرير "محافظ" في تقييمه
من جانب آخر، وفي تصريحات لصحيفة The Guardian البريطانية، وصفت رَيحان أسات، الناشطة الإيغورية والمحامية الحقوقية، التقريرَ بأنه "محافظ" في تقييمه، لكنه، من جهة أخرى، مفصَّل ويُفسح المجال "لأصوات الضحايا وعائلاتهم".
في ضوء التقرير، حثَّث أكثر من 60 جماعة ومنظمة إيغورية المجتمعَ الدولي على اتخاذ إجراءات ومساندة الشروع في تحقيقات رسمية مستقلة في انتهاكات حقوق الإنسان التي تركبها الصين.
كما أصدرت بياناً يطلب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنشاء لجنة تحقيق في القضية، وطالبت مكتب الأمم المتحدة المعني بالتصدي لجرائم الإبادة الجماعية إلى استقصاء ما يحدث في شينجيانغ.