أعلن الانفصاليون المدعومون من روسيا في شرق أوكرانيا، الجمعة 18 فبراير/شباط 2022، بدء إجلاء سكان منطقتهم إلى جنوب شرقي روسيا، في تحرك مثير للدهشة في صراع يعتقد الغرب أن موسكو قد تستخدمه ذريعة لتبرير غزوها لأوكرانيا، وذلك وسط تصاعد عمليات القصف.
حيث قال دينيس بوشيلين، رئيس ما تسمى جمهورية دونيتسك الشعبية، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، إن موسكو وافقت على توفير الإقامة للسكان المغادرين، على أن يتم إجلاء النساء والأطفال وكبار السن أولاً.
بوشلين أضاف: "اعتباراً من اليوم 18 فبراير/شباط، تم تنظيم عمليات إجلاء جماعي للسكان إلى روسيا الاتحادية".
بينما لم يصدر أي تعليق من المسؤولين الروس أو من كييف، وقال شاهد من وكالة رويترز في دونيتسك، إنه لا توجد مؤشرات على الإجلاء حتى الآن.
في السياق ذاته، ذكرت وكالة الإعلام الروسية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر وزير الطوارئ، الجمعة، بالتوجه إلى جنوب شرقي روسيا؛ لتوفير الإعاشة للسكان الذين يغادرون منطقتين تعلنان أنهما جمهوريتان مستقلتان في شرقي أوكرانيا.
إذ نقلت الوكالة عن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، قوله: "أصدر بوتين تعليماته إلى (الوزير) بالتوجه بشكل عاجل إلى منطقة روستوف لتنظيم… العمل لتوفير متطلبات الإعاشة وتقديم وجبات ساخنة وكل شيء تدعو إليه الحاجة وضمن ذلك الرعاية الطبية".
في وقت سابق من يوم الجمعة، شهدت منطقة الصراع بشرق أوكرانيا أعنف قصف مدفعي منذ سنوات، فيما تبادلت الحكومة في كييف والانفصاليون الاتهامات بالمسؤولية. وتقول دول غربية إن القصف، الذي بدأ، الخميس، واحتدم في يومه الثاني الجمعة، يأتي في سياق اختلاق ذريعة للغزو.
يشار إلى أنه يُعتقد أن ملايين المدنيين يعيشون في منطقتين يسيطر عليهما المتمردون بشرق أوكرانيا ومعظمهم ناطقون بالروسية وكثير منهم حاصلون بالفعل على الجنسية الروسية.
إصابات بنيران الانفصاليين
من جهته، أعلنت القوات المسلحة الأوكرانية إصابة جنديَّين بجروح، من جرّاء إطلاق نار من قِبل انفصاليين موالين لروسيا في منطقة "دونباس" شرقي البلاد.
وأوضحت القوات المسلحة في بيان، أن الانفصاليين خرقوا وقف إطلاق النار شرقي البلاد 60 مرة، يوم الخميس 17 فبراير/شباط.
في حين أشارت إلى استهداف الانفصاليين بالنيران مناطق "فوديان" و"لوهانسك" و"سفيتلودارسك" و"مارينكي" و"بسكي" و"أفدييفكا" و"شيروكينو" التابعة لـ"دونباس"، لافتة إلى أن نيران الانفصاليين أسفرت عن إصابة جنديين ومدنيين بجروح.
كما أوضحت القوات المسلحة الأوكرانية أن 43 من الانتهاكات ارتُكبت بأسلحة محظورة بموجب اتفاق "مينسك".
أكبر تعبئة عسكرية
كانت الولايات المتحدة قد أشارت إلى أن روسيا، التي أعلنت بدء سحب قواتها من منطقة الحدود مع أوكرانيا قبل أيام، فعلت النقيض من ذلك تماماً، وأنها زادت القوات التي تهدد جارتها إلى ما بين 169 و190 ألف جندي، ارتفاعاً من 100 ألف في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي.
تعقيباً على ذلك، قال السفير الأمريكي مايكل كاربنتر في اجتماع منظمة الأمن والتعاون بأوروبا ومقرها فيينا: "هذه أكبر تعبئة عسكرية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية".
فيما وصف مصدر دبلوماسي، يملك سنوات من الخبرة المباشرة في هذا الصراع، القصف في شرق أوكرانيا بأنه الأعنف منذ انتهاء القتال هناك بوقف لإطلاق النار في 2015.
قلق روسي
في المقابل، أعربت روسيا عن قلقها بشأن الزيادة الكبيرة في وتيرة القصف في المنطقة المعروفة باسم "دونباس".
فيما نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن مصدر في برلمان الجمهورية المعلنة من جانب واحد، قوله إن مئات الآلاف يخططون لمغادرة جمهورية دونيتسك الشعبية إلى منطقة روستوف الروسية.
كان بوشيلين قد قال قبل أيام، إن "معلوماتنا الاستخباراتية وجميع بياناتنا تشير إلى أن الجانب الأوكراني يحشد على نحو متزايد، الأفراد والمعدات. ومستمر في توريد الأسلحة من الدول الغربية. ولسوء الحظ، كل شيء ساخن، وبناء على ذلك، يجب أن نكون في حالة تأهب قصوى".
جدير بالذكر أن أوكرانيا والانفصاليين الموالين لروسيا تبادلوا الاتهامات بعمليات قصف جديدة في شرقي البلاد، الذي يشهد منذ الخميس، تصعيداً أمنياً على وقع مخاوف من هجوم روسي محتمل.
كانت العلاقات بين كييف وموسكو قد توترت على خلفية ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها بطريقة غير قانونية، ودعمها الانفصاليين الموالين لها في "دونباس".
بينما وجهت الدول الغربية مؤخراً، اتهامات إلى روسيا بشأن حشد قواتها قرب الحدود الأوكرانية، فيما هددت واشنطن بفرض عقوبات على روسيا في حال "شنت هجوماً" على أوكرانيا.