على الرغم من الغموض الذي تحيطه بمخططاتها المستقبلية، إلا أن تقريراً لشبكة Deutsche Welle الألمانية، الإثنين 27 سبتمبر/أيلول 2021، كشف عن بعض ملامح رغبات المستشارة والمشرعة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تستعد لتوديع منصبها والتقاعد بعد أن خدمت لـ16 سنة، كواحدة من أبرز القادة الأوروبيين.
كما كشف التقرير أيضاً عن التعويضات المالية التي ستتلقاها ميركل بعد مغادرتها لمنصبها، سواء على المدى القريب، بينما تسلم السلطة للمستشار الجديد، أو عندما تحال على التقاعد.
بعد الانتخابات، لن تكون المستشارة قد انتهت بأي حال من الأحوال من مهامها، وستبقى في السلطة في منصب تصريف الأعمال حتى تشكيل الحكومة الجديدة، لكن السؤال الذي ما زال يطرحه العديد من المهتمين بأمر المستشارة الألمانية، هو: كيف ستقضي حياتها بعد التقاعد؟
القليل من النوم والقراءة
خلال زيارة إلى واشنطن العاصمة في يوليو/تموز، سُئلت أنجيلا ميركل عن تصورها لتقاعدها، وعلى الرغم من أنها راوغت في الإجابة على هذا السؤال في مناسبات أخرى، لكنها كشفت هذه المرة أنها ستأخذ قسطاً من الراحة ولن تقبل أي دعوات.
في وقت فراغها المكتشف حديثاً، قالت إنها تريد التفكير في "ما يثير اهتمامي حقاً".
بابتسامة عابثة، أضافت المستشارة، التي كانت قد حصلت لتوها على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة جونز هوبكنز: "بعد ذلك، ربما سأحاول قراءة شيء ما، ثم تبدأ عيناي بالانغلاق لأنني متعبة، وآخذ قيلولة صغيرة، وبعد ذلك سنرى ما يحدث".
معاشها مؤمّن
هل يمكن لشخص كانت أيامه جميعها تسير وفق خطط من الصباح الباكر حتى وقت متأخر من المساء ويتحمل مسؤوليات ضخمة، التحول إلى عيش كل يوم بيومه؟ قالت أنجيلا ميركل مؤخراً عن هذا الموضوع في برلين: "لا تدرك ما ستفتقده إلا عندما لا يصبح لديك".
بلغت أنجيلا ميركل 67 عاماً في 17 يوليو/تموز. وليس عليها القلق بشأن المال؛ فبصفتها مستشارة، تحصل على 25000 يورو (29000 دولار) في الشهر.
علاوة على ذلك، تكسب حوالي 10000 يورو (11700 دولار تقريباً) مقابل عضويتها في البوندستاغ (البرلمان الألماني)، وهي وظيفة تمارسها منذ أكثر من 30 عاماً.
عندما تتوقف ميركل عن العمل، ستستمر في تلقي راتبها الكامل لمدة ثلاثة أشهر، ثم بدلاً انتقالياً بنصف أجرها لمدة أقصاها 21 شهراً.
15 ألف يورو شهرياً
بالنسبة لمعاشها التقاعدي اللاحق، ستُعوِّض المستحقات المختلفة عن عملها في مناصب مستشارة ووزيرة حكومية وعضوة في البوندستاغ مع بعضها البعض عن دخلها السابق.
تستفيد ميركل من حقيقة أنها خدمت لفترة طويلة جداً، ويمكن العثور على الصيغ الدقيقة للأرقام التي ستحصل عليها في ما يسمى بالقانون الوزاري الفيدرالي لعام 1953.
إذ بعد أربع سنوات على الأقل في المنصب، يحق للمستشارين الحصول على 27.74% من أرباحهم السابقة، ومع كل سنة إضافية في المنصب، يزيد استحقاقهم بنسبة 2.39167% حتى 71.75% كحد أقصى.
نتيجة لذلك، يمكن أن تعتمد أنجيلا ميركل على معاش تقاعدي يبلغ حوالي 15000 يورو (17559 دولار) شهرياً، بالإضافة إلى أنها مؤهلة للحصول على أمن شخصي وسيارة رسمية مع سائق لبقية حياتها.
كما يحق لها الحصول على مكتب في مبنى البوندستاغ في برلين، بما في ذلك إدارة ومستشاران، وسكرتيرة.
لا يستبعد وظيفة أخرى
المسؤولون الحكوميون السابقون ملزمون بالسرية بموجب القانون، لكن حتى لو لم يُسمح لهم بالكشف عن أية أسرار، فإنهم يظلون مشهورين في عالم الأعمال بصفتهم مستشارين؛ لأسباب ليس أقلها اتصالاتهم السياسية الواسعة.
فقد انتقل عدد قليل من أسلاف أنجيلا ميركل إلى القطاع الخاص، على سبيل المثال، بعدما ترك هيلموت شميدت المستشارية في عام 1982، أصبح ناشراً مشاركاً لصحيفة Die Zeit الأسبوعية وكان متحدثاً شهيراً، وفي مقابلة عام 2012، قال: "لقد جعلت من عدم إلقاء محاضرة بأقل من 15000 دولار قاعدة لنفسي".
بطريقة أفضل بكثير مما استطاع شميدت، عرف المستشاران السابقان هيلموت كول وجيرهارد شرودر كيف يحولان ماضيهما السياسي وشهرتهما إلى أموال، فقد أسس كول شركة للاستشارات السياسية والاستراتيجية وحصل على أموال جيدة للغاية مقابل المشاركة في جماعات الضغط وتقديم الاستشارات.
قضية شرودر
تسبب جيرهارد شرودر في الكثير من المتاعب في عام 2005، عندما عيّنته شركة خطوط أنابيب الغاز "نورد ستريم"، وهي شركة تابعة لشركة غازبروم الروسية، بعد أشهر قليلة من مغادرته المستشارية.
وكان شرودر قد دافع عن مد خط الأنابيب هذا عندما كان مستشاراً لألمانيا.
في غضون ذلك، سنَّت السلطات الألمانية قانوناً يقضي بأنه قبل التحول إلى الشركات الخاصة، يجب على المسؤولين الحكوميين السابقين أن يسألوا المستشارية عما إذا كان عملهم "يضر بالمصلحة العامة".
فيما تقدم لجنة الأخلاقيات النصح للحكومة في هذا الشأن، ويمكنها أن تفرض فترة انتظار تصل إلى 18 شهراً في حالة الشك.
زوج ميركل سيبقى في برلين.. على الأقل لفترة
هل تسعى أنجيلا ميركل إلى وظيفة جديدة أم منصب فخري؟ حتى الآن، لم تقل كلمة واحدة حول هذا الموضوع، لكن من المحتمل على الأقل أنها ستبقى في برلين للوقت الحالي.
أما زوجها، العالم في الكيمياء الكمية يواكيم سوير، لم يفكر بعد في إيقاف عمله، فعلى الرغم من أنه أستاذ فخري في جامعة هومبولت في برلين، فقد مدد الرجل البالغ من العمر 72 عاماً عقد عمله باحثاً أول، على الأقل حتى العام المقبل.