قبل ساعات من تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، تحوّلت واشنطن العاصمة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية والحصن المنيع، وسط شكوك حول وجود تهديدات داخلية من قِبل عناصر الحرس الوطني المنتشرين في واشنطن؛ من أجل تأمين مراسم تنصيب بايدن، إضافة إلى المخاوف من اندلاع مظاهرات مسلحة لبعض أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.
حيث أعلن وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة، كريستوفر ميلر، مساء الإثنين 18 يناير/كانون الثاني 2021، أن سلطات إنفاذ القانون تقوم بإجراء فحص أمني لعناصر الحرس الوطني المنتشرين في العاصمة واشنطن؛ من أجل تأمين مراسم تنصيب بايدن.
ميلر قال في بيان نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إنه لا توجد معلومات استخباراتية تشير إلى وجود تهديد من الداخل.
من المقرر أن تنشر سلطات العاصمة الاتحادية ما لا يقل عن 25 ألفاً من عناصر الحرس الوطني؛ لتأمين مراسم التنصيب، التي ستقام وسط غياب ترامب، في سابقة تحدث للمرة الأولى منذ أكثر من قرن ونصف القرن.
"مخاوف من تهديدات محتملة"
لكن عكس ميلر، عبّر مسؤولون في "البنتاغون" عن قلقهم من احتمالات حدوث "هجوم من الداخل" من قِبل بعض أفراد الحرس الوطني؛ فقد يشكّل بعض الأشخاص الذين تم تكليفهم بحماية مراسم التنصيب، تهديداً مباشراً للرئيس ولكبار الشخصيات التي ستحضر حفل التنصيب.
حيث أكدت وسائل إعلام أمريكية، الإثنين 18 يناير/كانون الثاني 2021، أن هناك مخاوف من "تهديد داخلي" لدى مسؤولين بوزارة الدفاع، إذ يخشى هؤلاء أن يشنّ بعض أفراد القوات النظامية هجمات في أثناء تنصيب بايدن.
هذا القلق دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" إلى فحص جميع قوات الحرس الوطني، طبقاً لما أوردته وسائل إعلام أمريكية.
كما أشار وزير الجيش في "البنتاغون"، رايان مكارثي، إلى أن المسؤولين الأمنيين يدركون هذا التهديد المحتمل، وجرى إبلاغ القادة ضرورة أن يكونوا على اطلاع على أي مشكلات داخل صفوفهم.
خاصةً أنه تم توجيه الاتهام لنحو 70 متظاهراً؛ لمشاركتهم في أعمال الشغب والعنف خلال حادثة اقتحام الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021. كما تُجرى تحقيقات بشأن مئات الأشخاص، من بينهم أعضاء بالكونغرس، وعناصر حاليون وسابقون في قوات الأمن، بشأن احتمالات تورطهم في أحداث الكونغرس غير المسبوقة بتاريخ أمريكا.
القائد العام للحرس الوطني في واشنطن، الجنرال ويليام ووكر، صرّح لشبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأمريكية ،بأنهم يريدون التأكد من أنهم ينشرون الأشخاص المناسبين ضمن الفريق الذي سيتولى حماية أمن الرئيس ونائبته.
"مظاهرات مسلحة من قِبل أنصار ترامب"
يشار إلى أن بعض التقارير حذَّرت من احتمالية اندلاع مظاهرات مسلحة من قِبل أنصار ترامب، بالتزامن مع تنصيب خلفه بايدن.
إزاء ذلك، كثفت الولايات الأمريكية الرئيسية الخمسون، خاصةً العاصمة واشنطن، الإجراءات الأمنية ورفعت مستوى التأهب والإجراءات الأمنية إلى مستوى غير مسبوق في البلاد.
إذ قامت السلطات الأمريكية بإغلاق قطاع متنزه "ناشونال مول" الضخم، حيث يتدفّق مئات الآلاف من الأمريكيين كل أربع سنوات لحضور مراسم التنصيب، وبدت الطرق شبه مقفرة صباح الإثنين 18 يناير/كانون الثاني 2021، وهو يوم عطلة، إذ يصادف ذكرى أيقونة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ.
كما حل العسكريون المسلحون والشرطيون المتمركزون قرب عرباتهم المصفحة لالعاصمة واشنطن، بدلاً من الفضوليين والمارة في الطرق المقطوعة بالحواجز الأسمنتية.
تم توقيف مدنيين مسلّحين على الأقل في الأيام الماضية، بمحيط ضمان "منطقة حمراء" شاسعة تمتد من حي كابيتول هيل الواقع ضمن نطاقه مقر الكونغرس وصولاً إلى البيت الأبيض.
"حريق صغير قرب مبنى الكونغرس"
قبل يومين من تنصيب بايدن، أعلنت الشرطة الأمريكية إغلاق مجمع الكونغرس الأمريكي (الكابيتول)، ومنع الدخول إليه أو الخروج منه؛ لوجود تهديد أمني خارجي، أتضح لاحقاً أنه كان بسبب حريق صغير نشب قرب مبنى الكونغرس.
وكالة رويترز نقلت، الإثنين 18 يناير/كانون الثاني 2021، عن أحد شهود العيان قوله إنه تم إغلاق مبنى الكونغرس؛ نظراً إلى وجود تهديد خارجي، وتم إدخال كل المشاركين في التدريب على مراسم تنصيب بايدن، والذين كانوا خارج مبنى الكونغرس، إلى داخل المبنى، حيث كانوا يجرون تحضيرات للحفل الذي سيقام الأربعاء 20 يناير/كانون الثاني 2021.
لكن مسؤولين أمريكيين استبعدوا وجود أي تهديد أمني، من جرّاء حريق صغير نشب قرب مبنى الكونغرس، بحسب ما نقله موقع قناة "الحرة" الأمريكية، الذي أضاف أنه طُلب من أفراد الأمن أخذ مواقعهم بالكونغرس، فيما انتشر جنود الحرس الوطني وأفراد الشرطة في المنطقة المحيطة بالمبنى.
كما أوضح جهاز الخدمة السرية الأمريكي، على "تويتر"، أن الإغلاق مؤقت، ولا وجود لتهديد على الجمهور.
كانت قوات الأمن في العاصمة واشنطن، الإثنين، قد أجْلت فريق تحضيرات حفل التنصيب، بسبب "تهديد أمني".
إلا أن السلطات الأمريكية أكدت أنه تمت السيطرة على الحريق "الصغير" الذي اندلع في خيمة مجاورة للمبنى، بعد أن شوهدت سحب دخان تتصاعد على مسافة من مبنى الكونغرس.
الشرطة المُكلفة بحراسة الكونغرس أشارت، في بيان، إلى أنه تم إغلاق المبنى بشكل مؤقت، وأنه تم نُصح أعضاء الكونغرس وموظفيه بالتزام أماكنهم، بينما يجري تحري الأمر.
من جهتها، قالت إدارة الإطفاء الأمريكية، على "تويتر"، إن فرقها أخمدت حريقاً في مكان مفتوح قرب مجمع الكابيتول، منوهة إلى عدم وجود إصابات، لكن كان هناك دخان رآه كثيرون.
فيما نقلت وكالة أسوشييتد برس عن مسؤولين محليين تأكيدهم أن حريقاً اندلع في عدة مبانٍ، وتم إخلاء مبنى الكونغرس بدافع الحرص والحذر.
"لن يكون حفلاً اعتيادياً"
بسبب فيروس كورونا والمخاوف الأمنية من تكرار حشود مؤيدي دونالد ترامب أمام الكونغرس، فإنَّ حفل تنصيب بايدن، المقرر ظهر يوم 20 يناير/كانون الثاني 2021، ليصبح الرئيس الـ46 للولايات المتحدة، لن يكون حفلاً اعتيادياً.
حيث فرضت المخاوف من مؤيدي ترامب بعض التغييرات على ما يُعتبر يوماً تاريخياً في أمريكا، فسوف تُعقد معظم مراسم حفل تنصيب بايدن افتراضياً، حيث كان يُفترض أن يذهب بايدن إلى واشنطن بالطريقة نفسها التي يذهب بها إليها منذ عقود وهو عضو في مجلس الشيوخ، عن طريق استخدام قطار أمتراك، لكنه تراجع عن ذلك بسبب المخاوف الأمنية، وفق تقرير نشرته صحيفة USA Today الأمريكية، 14 يناير/كانون الثاني 2021.