فجَّر العديد من عائلات ضحايا "كرايستشيرش" الذين قضوا في هجوم إرهابي على مسجدين في نيوزيلندا، غضبهم أمام قاضي المحكمة، وأدلوا بشهادات مؤثرة تناقلتها وسائل الإعلام عبر العالم، ففي اليوم الأول، بدا العديد ممن جاءوا للشهادة ضد الإرهابي بالمحكمة مترددين، وفي اليوم التالي، بدت الأجواء متغيرة، وبحلول اليوم الثالث -الأربعاء 26 أغسطس/آب- فُتحت الأبواب على مصراعيها.
وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 26 أغسطس/آب 2020، فقد أنكر تارانت بدايةً التهم التي واجهها، 51 جريمة قتل، وعشرات من محاولات القتل، وتهمة الإرهاب، وفي مارس/آذار، اعترف فجأة بجميع التهم. كل ما تبقى، هذا الأسبوع، هو أن يقرر القاضي ما إذا كان تارانت سيصبح أول شخص في نيوزيلندا -بموجب القوانين الحالية- يُواجه حكماً بالسجن مدى الحياة، دون فرصة للإفراج المشروط.
شهادات مؤثرة: ولكن قبل ذلك، يجب أن يجلس على بُعد أمتار من أولئك الثكالى والجرحى بسبب أفعاله، إذ سجَّل المزيد منهم للتحدث يوم الأربعاء، في وقت كان متوقعاً أن تنتهي الشهادات.
كانت من بينهم سارة قاسم، البالغة من العمر 25 عاماً، والتي قالت: "أنا ابنة بطل ورجل عظيم، تذكَّر اسمه"، وكررت على مسامع المسلح: "عبدالفتاح قاسم".
طويلاً وبثبات، مع شعر طويل داكن، نظرت المعلمة الصغيرة بقسوة في عيني المسلح أثناء حديثها، قالت: "كل ما تريده أي ابنةٍ هو والدها، أريد الذهاب في المزيد من الرحلات البرية معه، وأريد أن أشم رائحة طبخه وعطره".
وأوضحت لتارانت: "فلتعرف أن هذه الدموع ليست لك".
وأضافت أنها أرادت سماع صوت والدها. وقالت: "لم أعرف حقاً معنى كسرة القلب قبل ذلك الحين".
تحدَّث آخرون عن الأطفال الذين فُقدوا. تحدَّث عدن ديري إلى المحكمة عن ابنه، مسعد إبراهيم، الذي كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات عندما أطلق المسلح النار عليه مرتين.
قال: "لن أنسى أبداً كيف كان يلعب في المسجد ويكوّن صداقات مع كل مُصلٍّ، سواء كان صغيراً أو كبيراً". كان مسعد مصدر سعادة البيت، وكان محبوباً في روضته.
سينتصر الحب دائماً: وقال قبل أن يعود إلى مقعده، إنه لن يغفر له أبداً. أومأ تارانت بينما كان ينظر إلى أعين مخاطبيه، وجلس شاحباً وهادئاً في قفص الاتهام، مُقراً بين الحين والآخر بكلمات ضحاياه، خاصة عندما تُوجَّه إليه مباشرة.
عندما تنتهي إفادات الضحايا -وهو أمر متوقعٌ يوم الأربعاء- سوف يستمع القاضي إلى المدعين والمسلح -الذي يمثل نفسه- حول المدة التي يجب أن تكون عليها عقوبة السجن. ومن المتوقع أن يُصدر القاضي كاميرون ماندر عقوبته يوم الخميس.
تتطلب قواعد التباعد الجسدي الصارمة، بسبب عودة ظهور فيروس كورونا في نيوزيلندا، أعداداً محدودة في قاعة المحكمة رقم 12، حيث يجلس المسلح، لكن هناك سبع قاعات إضافية مليئة بالعائلات التي تشاهد الإجراءات عبر الفيديو.
قالت سارة قاسم في نهاية كلمتها: "أخيراً، سينتصر الحب دائماً". وبنهاية حديثها، كان كثيرون في القاعة يذرفون الدموع، ومن ضمنهم مسؤولون وصحفيون.