أظهرت لقطات مصوّرة، الثلاثاء 18 أغسطس/آب 2020، بمحيط مقر إقامة الرئيس المالي إبراهيم كيتا، بالعاصمة المالية باماكو، لحظة اعتقال عناصر متمردة من الجيش المالي لرئيس البلاد، بمعية كل من رئيس وزراء الحكومة، بالإضافة إلى ابن الرئيس، الذي يشغل في الآن نفسه مهمة نائب برلماني.
يظهر في الشريط الذي تم تداوله بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قيام عدد من عناصر الجيش بإخرج الرئيس المالي ومَن معه من مقر إقامته، عبر سيارة رباعية الدفع، قبل أن يتم اقتياده إلى معسكر للجيش خارج العاصمة المالية، متبوعاً بسيارات عسكرية على متنها العشرات من الجنود.
أمام المقر الرئاسي، احتشد الآلاف من الماليين الغاضبين والرافضين للرئيس كيتا، مردّدين شعارات تطالب باعتقاله، وأخرى ممجدة للجيش.
اعتقال الرئيس المالي: أفاد مراسل الأناضول أنه تم اقتياد رئيس مالي ورئيس الحكومة إلى معسكر "كاتي" القريب من العاصمة باماكو، بعد توقيفهما.
بدورها، نقلت وكالة أسوشيتد برس، عن شهود عيان، أنَّ جنوداً متمردين حاصروا المقر الخاص برئيس مالي، وأطلقوا أعيرة نارية في الهواء.
جاء ذلك بعد أن تمرّد جنود في قاعدة كاتي العسكرية خارج باماكو، وألقوا القبض على عدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.
توترات في مالي: يُذكر أنه قد اندلعت التوترات في مالي عام 2012، بعد محاولة انقلاب فاشلة وتمرد جماعة عرقية، ما سمح لجماعات مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة بالسيطرة على النصف الشمالي من البلاد، قبل أن تتدخل فرنسا عسكرياً في 2013، للقضاء على تلك الجماعات.
أما في 2015، فقد وقعت الحكومة المالية وبعض الجماعات المسلحة اتفاقاً للسلام، إلا أن الخلافات السياسية والمجتمعية لا تزال تغذّي الصراعات شمالي مالي، ما يقوّض جدوى الاتفاق على أرض الواقع.
نجاح الانقلاب العسكري: كانت وكالة "سبوتنيك" الروسية، أعلنت نجاح الانقلاب العسكري في البلاد.
إذ أكد مصدر عسكري للوكالة الروسية "نجاح الانقلاب العسكري في مالي، بعد أن تم اعتقال الرئيس كيتا ورئيس الوزراء سيسي من قِبل الجيش". المصدر نفسه قال لوكالة "سبوتنيك": إن "الموكب يتجه نحو قاعدة كاتي التي انطلق منها التمرد".
كما أكدت أيضاً أنه "يجوب الآن عسكريون وسط العاصمة لتحية حشود المتظاهرين، فيما تواصل الإذاعة والتلفزيون برامجهما الاعتيادية".
وكالة الأناضول قالت إن إطلاقاً للنار وقع خارج الجيش في العاصمة المالي، متحدثة عن أنباء عن اعتقال عسكريين، وأضافت أن هناك "إطلاق نار في محيط منزل رئيس وزراء مالي، وأنباء عن اعتقال عدد من الوزراء".
تأتي الأنباء عن الانقلاب بعد أيام من اتهام خبراء في الأمم المتحدة مسؤولين في جيش وجهاز استخبارات مالي بأنهم "يعرّضون للخطر" تطبيق اتفاق السلام الموقّع في الجزائر، على الرغم من دعوات الأسرة الدولية إلى تسوية الأزمة.
جاء هذا التقرير بينما تشهد مالي منذ أشهر احتجاجات سياسية كبيرة، وقد تم تسليمه إلى مجلس الأمن الدولي، في السابع من أغسطس/آب، واطَّلعت وكالة الأنباء الفرنسية عليه. ويطالب تحالف من المعارضين ورجال الدين وشخصيات المجتمع المدني، منذ يونيو/حزيران، باستقالة الرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا، ويتهم التحالف الرئيس أبوبكر كيتا والمحيطين به بالفساد والمحسوبية.
بحسب أرقام للأمم المتحدة، فإن 14 شخصاً قُتلوا في يونيو/حزيران، في الاضطرابات، ويتحدث التقرير بالتفصيل عن "عدم الثقة" و"الالتباس" الناجمين عن قيام مسؤولين كبار بعرقلة تطبيق اتفاق السلام، الموقّع في 2015 بين باماكو والمجموعات المسلحة.
دعوات للمحاسبة: كان من المفترض أن يشكّل هذا الاتفاق خارطة طريق لتسوية الأزمة الأمنية العميقة، التي بدأت في 2012، مع تمرد مجموعات استقلالية مسلحة من الطوارق، ثم مجموعات جهادية في شمالي البلاد.
من جهتهم، أكد خبراء الأمم المتحدة في تقريرهم، أن المسؤولين الماليين الذين "هدّدوا وأخّروا" تطبيق الاتفاق يجب أن "يُحاسَبوا" من قِبَل لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة.
ذكر التقرير أن من هؤلاء رئيس أركان القوات البرية السابق (2019-2020)، الجنرال كيبا سانغاري، المتهم "باتخاذ قرارات بشكل يثير الشك"، خلال نشر عناصر من الجيش المالي في شمالي البلاد، في نهاية 2019.
يواجه سانغاري انتقادات أيضاً، لدوره خلال هجوم وقع في فبراير/شباط، في قرية أوغوساغو التي تقطنها قبائل الفولاني في وسط مالي، في 2019، وأسفر عن سقوط 160 قتيلاً.
كما واجه الجيش المالي، الذي تم نشره في أوغوساغو بعد الهجوم الأول انتقادات واسعة من قِبَل المنظمات غير الحكومية، لأنه غادر المكان قبل ساعات قليلة من هجوم ثانٍ وقع في 14 فبراير/شباط 2020.