لا يخفى على من له أدنى ممارسة بسياسة بنغلاديش أنها تواجه منذ أربعة عقود حالةً من عدم الاستقرار السياسي، من انقلابات عسكرية، وحكومات مؤقتة، وتنافُس شرس بين الأحزاب السياسية، ما يؤدي أحياناً إلى مقتل المعارضين وسجنهم، إلا أنَّ السنوات القليلة الماضية، وتحديداً منذ الانتخابات الأخيرة التي جرت في 30 ديسمبر/كانون الأول 2018، شهدت البلاد استقراراً سياسياً، وذلك لضعف المعارضة وعدم نشاطها في الساحة السياسة.
ونتيجة لذلك تواجه البلاد في هذه الأيام غياب الأمن وتدهوراً اقتصادياً كبيراً وهروب الاستثمارات وغير ذلك، حتى إن بعض التحليلات بدأت تتحدث عن احتمالية انهيار الدولة إذا لم يتم احتواء تلك الأزمات.
منذ استقلال بنغلاديش ارتبط أكثر الصراعات السياسية بالحزبين الرئيسيين، وهما رابطة عوامي، وحزب بنغلاديش الوطني. أما الحزب الثالث الذي أسّسه حسين محمد إرشاد فقد استولى على عرش السلطة لمرة الواحدة، وذلك من خلال انقلاب عسكري عامّ في 24 مارس/آذار 1982.
وهناك حزب آخر باسم الجماعة الإسلامية بنغلاديش، وهذا الحزب أيضاً مهم في سياسة بنغلاديش، لكونه شريكاً سياسياً أحياناً لرابطة عوامي، وأحياناً لحزب بنغلاديش الوطني.
ولكن منذ أن تولى حزب الحكومة الحالية عرش السلطة حدث صراع أيديولوجي بين الحكومة والجماعة الإسلامية، وإن كانت الجماعة الإسلامية شاركت في الانتخابات بالتحالف مع هذا الحزب. فأيديولوجيا جبهة عوامي هي جبهة ذات توجهات علمانية اشتراكية، بينما تتبنى الجماعة الإسلامية الإسلام السياسي، وتحاول إقامة الخلافة الإسلامية، كما كان هناك خلاف سياسي ارتبط بموقف الطرفين أثناء حرب الاستقلال عن باكستان، حيث وقفت الجماعة الإسلامية إلى جانب الحكومة الباكستانية في مواجهة القوى الداعمة للاستقلال بزعامة رابطة عوامي، وارتكبت الجماعة مجازر إنسانية وجرائم حرب، كما اتهمت رابطة عوامي الجماعة الإسلامية باغتيال مجيب الرحمن، زعيم رابطة عوامي في السبعينيات.
إليك الأحزاب الأربعة ببعض التفاصيل:
1- رابطة عوامي (Bangladesh Awami League)
هو حزب سياسي يساري، أسَّسه الشيخ مجيب الرحمن مؤسس دولة بنغلاديش سنة 1946م في باكستان الشرقية، ولم يكن معروفاً حتى سنة 1971 حين كان منافساً لحزب الشعب الباكستاني. ثم بعد استقلال بنغلاديش بدأ الحزب يشارك في السياسة البنغلاديشية، ولكنه لعب دوراً بارزاً في المدافعة عن حقوق أهل بنغلاديش قبل استقلال بنغلاديش.
الاستقلال
بعد فشل المفاوضات بين حزب الشعب الباكستاني الحاكم بقيادة ذو الفقار بوتو، الذي كان رئيس باكستان ورابطة عوامي، انتهى الأمر بالانفصال وإعلان الاستقلال عن طريق رئيس الرابطة آنذاك، الشيخ مجيب الرحمن.
الانتقاد
رغم أن الحزب لعب دوراً فعالاً في إقامة الدولة والمدافعة عن حقوق أهل بنغلاديش فإنه أداة وذراع للهند، التي دعمته في تدمير الوحدة الإسلامية مع باكستان، وهو بقايا للاستعمار والهيمنة البريطانية على المسلمين.
شارك في انتخابات برلمانية تاسعة، انعقدت في 29 ديسمبر/كانون الأول عام 2008، وحصل على الأغلبية الساحقة، ما أتاح له الفرصة لتشكيل الحكومة في 6 يناير/كانون الثاني 2009، والسنوات التي تلته حتى اليوم.
وفي 5 يناير/كانون الثاني عام 2014، حصل على الأغلبية الساحقة من خلال مشاركته في انتخابات برلمانية عاشرة أيضاً، واستطاع تشكيل الحكومة للمرة الثالثة.
وكذلك فاز الحزب بالأغلبية الساحقة في انتخابات حادية عشرة، انعقدت في 29 ديسمبر/كانون الأول 2018. وشكّلت الحكومة للمرة الرابعة.
2- حزب بنغلاديش الوطني (Bangladesh Nationalist Party)
حزب بنغلاديش الوطني (BNP) هو واحد من الأحزاب السياسية الرئيسية في بنغلاديش، تأسّس في 1 سبتمبر/أيلول 1978، من قِبل رئيس بنغلاديش السابق ضياء الرحمن، من خلال المشاركة في الانتخابات الرئاسية عام 1978، بهدف توحيد الشعب مع الفكر القومي للبلاد. ومنذ ذلك الحين، فاز الحزب الوطني بالانتخابات الوطنية الثانية عام 1979، من خلال الحصول على 207 مقاعد من 298 مقعداً، والخامسة في 27 فبراير/شباط عام 1991م، والسادسة 15 فبراير/شباط 1996، والثامنة 2001، من خلال الحصول على 210 مقاعد، وفي انتخابين رئاسيين في 1978 و1981.
لديه حالياً 9 نواب في البرلمان بعد الانتخابات الوطنية لعام 2018.
3- الحزب الوطني البنغلاديشي (إرشاد) (Bangladesh Jatiya Party)
حزب يميني قومي محافظ، أسسه حسين محمد إرشاد، الذي كان رئيساً للجيش البنغلاديشي، وذلك في 1 يناير/كانون الثاني 1986. وقد خدم إرشاد الإسلام كثيراً، حتى أدخل "بسم الله الرحمن الرحيم" في الدستور، وأعلن الإسلام ديناً رسمياً للبلاد، وقام بتوزيع الكهرباء على مساجد البلاد بدون رسوم، وما إلى ذلك.
وقد استولى على السلطة من خلال انقلاب عسكري، في 24 مارس/آذار 1982.
4- الجماعة الإسلامية بنغلاديش (Bangladesh Jamaat-e-Islami)
الجماعة الإسلامية البنغالية هي حركة إسلامية تنشط في بنغلاديش، وهي امتداد للجماعة الإسلامية الباكستانية التي أسسها أبو الأعلى المودودي سنة 1941 أيام الانتداب البريطاني للهند، وهي محظورة في بنغلاديش منذ أغسطس/آب 2013، بعد اتّهامها بارتكاب مجازر في حق البنغال الهندوس أيام حرب الانفصال عن باكستان في السبعينات، وحكم على الكثير من قادتها بالإعدام والسجن المؤبد، مثل الزعيم السابق غلام أعظم، ونفذ حكم الإعدام مؤخراً بزعيم الجماعة مطيع الرحمن نظامي.
الانتخابات
أول انتخابات دخلتها الجماعة سنة 1978، ولم يُسمح لها بالمشاركة، وبعدها في انتخابات 1986 حصلت على 6 مقاعد وفي انتخابات 1991 فازت بـ18 مقعداً، وفي 1996 فازت بـ3 مقاعد، وفي 2001 بـ17 مقعداً، منافسة لحزب رابطة عوامي الحاكم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.