حتى ديسمبر/كانون الأول 2019، كانت شوي سون هوي إحدى أقوى الشخصيات في كوريا الشمالية، وأقوى امرأةٍ فيها بلا شك.
كان منصبها، النائبة الأولى لوزير الخارجية، جزءاً ضئيلاً من الحكاية. تسلقت شوي، البالغة من العمر 55 عاماً، سُلم السياسة في بيونغ يانغ بصفتها مترجمةً ودبلوماسيةً ومفاوِضةً، مُثيرةً إعجاب الأجانب الذين تعاملوا معها بلُغتها الإنجليزية البليغة، وشخصيتها القوية، وإرادتها الحديدية.
وفق تقرير صحيفة The Times البريطانية، فقد كان كل من قابلها يدرك أنها مفضلةٌ بشكلٍ شخصيٍّ لدى كيم جونغ أون، زعيم البلاد. حتى إنها صحِبته حين كان يُعطي توجيهاته الارتجالية لرعاياه.
ثم اختفت فجأةً من المشهد، لتحل محلها امرأةٌ بارزةٌ أخرى في حياة كيم، وهي شقيقته الصغرى كيم يو جونغ.
يظل مصير شوي مجهولاً، ولا يوجد دليلٌ على إعفائها. لكن غياب أي إشارةٍ إليها بوسائل الإعلام الرسمية يشير إلى أنها وقعت ضحية إحدى التعديلات الوزارية المفاجئة لكيم جونغ أون.
لم تكن هناك أية تحذيراتٍ، أو أية تحذيراتٍ مرصودةٍ من الخارج على الأقل. في نوفمبر/تشرين الثاني، قابلت شوي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في زيارةٍ رسميةٍ لموسكو. وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول، وصفت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وسائل الإعلام الرسمية، بأنه "مُخرِّف". ثم أتى الذكر التالي لترامب في يناير/كانون الثاني، والذي كان أكثر تأدباً، على لسان مسؤولٍ مختلف.
هذا الشهر (مارس/آذار)، أُوكلت مهمة تقريع كوريا الجنوبية إلى شقيقة الزعيم، كيم يو جونغ، البالغة من العمر 30 عاماً، والتي أدلت بتصريحٍ آخر باسمها الأسبوع الماضي. ولم يُعلن شيءٌ بعد، لكن يبدو أن مسيرة شوي المهنية المذهلة قد انتهت.
يطرح مراقبو الأوضاع في بيونغ يانغ أن ذلك جزءٌ من ميلٍ عامٍ تنحرف فيه القوة في الشؤون الدولية عن وزارة الخارجية باتجاه إدارة الجبهة المتحدة، الإدارة المسؤولة عن العلاقات والتجسس على كوريا الجنوبية في حزب العمال الكوري الشمالي. ضحيةٌ أُخرى لذلك الميل كان ري يونغ هو، وزير خارجية كوريا الشمالية السابق، الدبلوماسي المخضرم والسفير السابق في لندن.
حل محله ري سون غوون، الضابط السابق بالجيش، والمعروف بضيق خُلقه.
كتب الصحفي الكوري الشمالي وانغ سون تايك على موقع NK News: "إن الاختفاء المفاجئ لشوي لا بد أن يُفسَّر على أنه إشارةٌ إلى أنها فقدت الثقة، وأحد أبرز التطورات خلال فترة أفول نجمها هو تضاؤل حضورها في وزارة الخارجية نفسها".
يشير ذلك أيضاً إلى الطموح المتنامي لكيم يو جونغ، الابنة الصغرى للراحل كيم جونغ لي، الزعيم الثاني لكوريا الشمالية. مثل شقيقها كيم جونغ أون، تلقت كيم يو جونغ تعليمها في سويسرا وبيونغ يانغ. وقد ظهرت للعلن مراتٍ قليلة قبل جنازة والدها في 2011، حين ظهرت واقفةً بجانب نعشه. منذ ذلك الحين كانت تظهر عادةً بصحبة شقيقها البالغ من العمر 36 عاماً، وهو يجوب أرجاء البلاد.
تشغل في اللجنة المركزية منصب نائب وزير الدعاية، متوليةً مسؤولية الصورة العامة لشقيقها. وخلال اجتماعه الأول مع الرئيس الأمريكي ترامب في سنغافورة، جلست كيم يو جونغ قرب شقيقها. ولم تعزز محاولاتها الاختباء من الصحفيين إلا من حضورها بجانب شقيقها.