قالت صحيفة The New York Times الأمريكية، إن ناشطاً حقوقياً مسلماً صدَرَ ضدَّه حكمٌ، الإثنين 18 مارس/آذار 2019، من محكمة روسية، بالسجن أربع سنوات في مستوطنة عقابية بتهم متعلقة بحيازة المخدرات، وهي التهم التي يُنظَر إليها باعتبارها مُختلَقة لفرض مزيدٍ من القمع على المعارضين في جمهورية الشيشان.
وكان الناشط أيوب تيتييف (61 عاماً) قد عمل لسنواتٍ في التقصِّي حول مزاعم بوقوع انتهاكات، تتراوح من التعذيب وحتى القتل، في ظلِّ الحكم الاستبدادي المتزايد للزعيم الشيشاني رمضان قديروف.
قاديروف يهاجم ناشطاً حقوقياً مسلماً شيشانياً
وصف قديروف علانيةً تيتييف بأنَّه مدمن للمخدرات، بعد إلقاء القبض عليه في يناير/كانون الثاني 2018.
وقال قديروف على التلفزيون الشيشاني آنذاك: "أُلقي القبض على مدمني مخدرات في الشيشان بالآلاف، ولم يدافع عنهم أحد"، لكن بمجرد إلقاء القبض على تيتييف "هبَّ العالم بأسره".
ويدرج منظّمته الحقوقية على لائحة حكومية للعملاء الأجانب
وأُدرِجَت المنظمة التي كان يعمل بها تيتييف، وهي فرعٌ محلي لـ "المركز التذكاري لحقوق الإنسان"، على لائحةٍ حكومية روسية لـ "العملاء الأجانب" عام 2014.
دنيا مياتوفيتش، مفوضة حقوق الإنسان بالمجلس الأوروبي، قالت في بيانٍ بعد الحكم: إنَّ الحكم أشعرها بالفزع.
وأشارت إلى أنَّ الاتهامات المُوجَّهة لتيتييف "تفتقر إلى المصداقية" منذ البداية، وأنَّ إدانته "ليست إلا أحدث مثال على البيئة العَدَائية والخطرة التي يعمل في ظِلها المدافعون عن حقوق الإنسان في جمهورية الشيشان".
وكان تيتييف تولَّى إدارة فرع المركز التذكاري في الشيشان، الواقعة شمالي منطقة القوقاز، بعدما تعرَّضت زميلته ناتاليا إستيميروفا، التي كانت دائمة الانتقاد لقديروف، للاختطاف، وعُثر عليها بعد ذلك ميتة عام 2009.
الناشط الحقوقي ليس وحده بل هناك صحفي أدين بنفس التهمة
وتعرَّض سياسيٌّ وصحفيٌّ أغضبا قديروف أيضاً للسجن بتهم متعلقة بحيازة المخدرات. وأدَّت حملة تطهير بحقِّ الرجال ذوي الميول الجنسية المثلية في الشيشان إلى إداناتٍ واسعة.
وبحسب المركز التذكاري وصحفيين كانوا في محكمة مدينة شالي، استغرقت القاضية قرابة تسع ساعات لقراءة نصِّ قرارها.
وأفاد موقع Mediazona، أنَّ القاضية قالت إنَّها لم تصدق شهادة تيتييف، لكنَّها تثق بكلام الشرطة. ووفقاً لقضية الادعاء، قالت الشرطة إنَّها عثرت على ما يزيد عن 200 غرام من مخدر الماريغوانا في سيارته.
وحاولت المحكمة إبراز أن الناشط الحقوقي مدمن للمخدرات
قالت إحدى محامِي تيتييف "إلي نوفيكوف"، أثناء سجالات سُمِعَت في قاعة المحكمة يوم 11 مارس/آذار 2019، إنَّ الادعاء كان يبذل جهداً متضافراً ليس فقط لإدانة الناشط بحيازة المخدرات، لكن كذلك لتصويره باعتباره مدمناً للمخدرات.
وأتى تيتييف، أثناء مداخلته الأخيرة في المحكمة اليوم نفسه، على ذكر أسماء ضباط شرطة وشهود بعينهم، قال إنَّهم زيَّفوا الأدلة والشهادة في قضيته، وقارن أفعالهم بتلك الأفعال التي كانت تحدُث في حقبة الزعيم السوفييتي الراحل جوزيف ستالين.
وتحدَّث تيتييف عن جريمة إستيميروفا ومناخ الخوف، ولو أنَّه لم يذكر قديروف بالاسم. فقال: "في بلدٍ ديمقراطي، لن يُسجَن الناس بسبب (كبسة إعجاب) واحدة على الإنترنت، ولن يُختَطفوا من الشوارع، ولن يُزَجَّ بهم خلف القضبان".
"الحكم إساءة لحقوق الإنسان"
ماري ستروثرس، مديرة مكتب أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى بمنظمة العفو الدولية، قالت في بيانٍ إنَّ الحكم يمثل "إساءة إلى حقوق الإنسان، والمنطق، والعدالة"، مضيفة أنَّ السلطات الروسية، بعدم نقلها إجراءات المحاكمة خارج الشيشان، وبعيداً عن الضغط المحلي، تدعم "محاكمة صورية".
وقالت راشيل دينبر، نائبة مديرة قسم أوروبا وآسيا الوسطى بمنظمة هيومان رايتس ووتش، إنَّ "كون هذه القضية، التي لا أساس لها، استمرت حتى الآن يمثل ظلماً مجحفاً بحق تيتييف، وإحراجاً لنظام العدالة الجنائية في روسيا".
هذا، ووقَّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الإثنين، قانوناً من شأنه السماح بفرض غرامات على نشر الأخبار التي تُعتبَر "زائفة"، وكذلك السماح بفرض غرامات ومدد سجن قصيرة على إهانة المسؤولين الحكوميين ورموز الدولة.
ويُنظَر إلى القانون باعتباره أحدث محاولة من جانب الكرملين لتكميم الأصوات المعارضة على الصعيد الوطني، وسط تعالي الغضب الشعبي أكثر، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والخدمات الاجتماعية.