تشكُّ السلطات الألمانية في قصة لقاء الفتاة الإيزيدية بمستعبِدها الداعشي . أشواق حاجي تالو التي أكدت لقاءها بعضو تنظيم "داعش" بالعراق، في جنوبي ألمانيا، حيث كانت تقيم، وأن سردها لما جرى غير كامل على الأقل، كما ذكرت وسائل إعلام ألمانية.
ونقل تلفزيون "إس في إر" وموقع صحيفة "سودفيست بريس" عن مصادر مطلعة، أن والدها لعب دوراً محورياً في القصة، وأن هناك اشتباهاً بأنه أراد ابتزاز حكومة الولاية الألمانية، مطالباً بـ20 تأشيرة قدوم لألمانيا لأقاربه، مهدداً بحملة إعلامية تهدف لتشوية صورة ألمانيا كبلد آمن للإيزيديين، مستخدماً ابنته كأداة ضغط، لكن حكومة الولاية لم ترضخ لمطلبه، فأذعن الأب للأمر الواقع وأعاد تالو لألمانيا.
ونقل موقع "سودفيست بريسه" عن مصدر أمني مطلع -رفض نشر اسمه- قوله إن " أشواق حاجي تالو استُخدمت من قبل جزء من عائلتها كطُعم"، في إشارة إلى استغلالها من قبل عائلتها للحصول على التأشيرات.
وذكر المصدر أن الأب وعائلته حاولوا عبثاً قبل ذلك الهجرة لأستراليا.
والد أشواق حاجي تالو أراد استغلالها؟
وأقرت وزارة الدولة التي يترأسها رئيس وزراء الولاية علناً بوجود محادثات مع الأب عند عودة ابنته لألمانيا، نافية وجود مفاوضات معه. وذكر "إس في إر" أن وزارة الدولة لم ترد يوم الأربعاء تأكيد التهم الجديدة الواردة ضد والد أشواق.
وطلبت الوزارة توجيه الأسئلة حول دور والدها والاشتباه فيه بالابتزاز إلى الادعاء العام الاتحادي، المختص بقضايا الإرهاب وجرائم الحرب، الذي اكتفى بالقول إنه يحقق منذ شهر يونيو/حزيران، ضد مجهول بتهمة انتهاك القانون الجنائي الدولي، في إشارة إلى المدعو الداعشي "أبوهمام" الذي قالت أشواق إنها التقته في ألمانيا، رافضة التعليق على أي شأن آخر فيما يخص هذه القضية، لأنها قد "تشكل خطورة على تحقيقاتهم".
وقالت الوزارة إن أشواق تتواجد مجدداً، منذ نهاية شهر سبتمبر/أيلول، وفقاً لرغبتها في ألمانيا، وتُعالَج نفسياً وجسديا. واستجوب محققو مكتب التحقيقات الجنائي الإقليمي أشواق مجدداً بعد عودتها، علماً أن السلطات لم تُفصح عن مكان إقامتها الحالي.
وأشارت محطة "إس في إر" إلى أنه وفقاً لتقديرات رئيس فريق الاستقصاء لديها، فإن والدها لعب دوراً هاماً في القضية، مستشهدة بتدخله فوراً في المحادثة التي أجروها منذ بعض الوقت مع أشواق.
وكانت أشواق، البالغة من العمر 19 عاماً، قد تعرَّضت للأسر، في الثالث من شهر أغسطس/آب 2014، في الفترة التي شهدت هجوماً كبيراً من التنظيم على المناطق التي يقيم فيها الإيزيديون في كردستان العراق، وتمكنت من الفرار يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، بحسب قولها.
This is Ashwaq, a Yazidi girl who was kidnapped by ISIS in 2014 when the terrorist group attacked Kurdistan-Iraq. After her escape and her migration to Germany, she met the man who had bought her as a slave, walking around freely in Germany. This is unacceptable! pic.twitter.com/rIYYhP9nmQ
— Polla Garmiany (@PollaGarmiany) August 14, 2018
وكانت واحدة من بين قرابة 1000 فتاة وامرأة مصابات بصدمات جراء اختطافهن أو تعرّضهن للاعتداء الجنسي والاستعباد، وصلن إلى ولاية بادن فورتمبرغ الألمانية (مع والدتها وشقيقها الصغير) عبر مبادرة سياسية في عام 2015 من قِبل فينفريد كريتشمان، رئيس وزراء الولاية، فيما بقي جزء من عائلتها بمن فيهم والدها في مخيم شيخان في كردستان العراق.
وتتوقع صحيفة "سودفيست بريسه" أن الفصل بين أفراد العائلة بالقدوم لألمانيا كان المتسبب في هذه القصة.
قصة لقاء الفتاة الإيزيدية بمستعبِدها الداعشي
وكانت العناوين حول قضية أشواق قد تصدَّرت، في شهر أغسطس/آب الماضي، وسائل الإعلام في مختلف دول العالم، بعد أن قالت في فيديو لموقع "بازنيوز" إن رجلاً عراقياً ينتمي إلى "داعش"، كان قد اشتراها واستعبدها جنسياً قبل أعوام، عندما كانت مختطفة لدى التنظيم، التقته لاحقاً في ألمانيا، وإنها عادت إلى كردستان العراق خوفاً، نظراً لتقاعس السلطات في حمايتها منه، وعدم تواصلهم معها بعد تقديمها الشكوى.
وقالت في شريط مصوَّر، انتشر على نطاق واسع على الشبكات الاجتماعية حينها، إنها شاهدت الرجل المنتمي إلى التنظيم في ألمانيا مرتين. أولاهما عام 2016، واعتقدت حينها أنها مخطئة، وأن الذي شاهدته ليس المدعو "أبوهمام" الذي اشتراها عندما كانت مختطفة لدى التنظيم.
وأوضحت أنها رأته يوم 21 فبراير/شباط 2018، للمرة الثانية، في بلدة شفيبيشه غموند، غير البعيدة عن مدينة شتوتغارت.
وقالت إنها كانت خائفة، وعرفت أنه هو الشخص الذي ظلَّت مسجونة لديه 3 أشهر.
وأوضحت أن مستعبِدها السابق تكلم معها بعد ذلك بالعربية، فواظبت على الرد بالألمانية، قائلة إنها لا تتحدث العربية، بل تتحدث التركية والألمانية، متظاهرة بذلك بأنها ألمانية من أصول تركية.
فقال لها إنه يعرف أنها تعيش مع والدتها وشقيقها في ألمانيا منذ 2015، وذكر لها عنوانها، مؤكدة أنه كان يعرف كل شيء عن حياتها.
لا أحد يسمعنا ولا أحد يصدِّقنا
وقالت لوكالة أسوشيتد برس في مخيم شيخان للنازحين في كردستان العراق، في أغسطس/آب الماضي، إنها تعرفت على وجه "أبوهمام" (الذي تقول إن اسمه الحقيقي محمد رشيد) في ذلك اللقاء بألمانيا، بوضوح تام، وإنها بإمكانها التعرف عليه دائماً حيثما تراه.
ولم تعثر السلطات حتى الآن على الشخص المفترض، ولم تستطع وفقاً للتصريحات الرسمية ربطه بأي شخص موجود على الأراضي الألمانية. ونفت النيابة العامة الاتحادية بعد نشر الفيديو اتهامات أشواق للسلطات بالتقاعس. وتمت الإشارة إلى أن الشرطة رسمت صورة تخيلية لمقاتل "داعش" المفترض، وأن استجواباً آخر لأشواق لم يحصل نظراً لغيابها.
وقالت المتحدثة باسم الادعاء العام الاتحادي، في شهر أغسطس/آب الماضي، إن أشواق بدت خلال الاستجواب غير متأكدة تماماً مما إذا كان الرجل هو معذبها السابق.
إلا أن ما دعم رواية أشواق، هو تبليغ فتيات أخريات كن مستعبَدات لدى "داعش"، عن رؤيتهن لأشخاص من التنظيم في ولاية بادن فورتمبرغ.
وقالت أشواق في وقت سابق، إن صديقة لها مقيمة في شتوتغارت تعرفت على سجّانها السابق أيضاً. وأكدت للوكالة الألمانية أن الروايات التي تحكيها هي أو صديقاتها عن لقاءات مماثلة مع مستعبِديهم سابقاً، لا تؤخذ بجدية غالباً، قائلة: "لا أحد يسمعنا، ولا أحد يصدقنا".