أبدت أوساط رسمية في إسرائيل خشيتها من إصدار محكمة العدل الدولية في لاهاي خلال أيام رأيًا استشاريًا ينص على عدم شرعية احتلال تل أبيب لأراض فلسطينية، بما فيها القدس الشرقية.
كانت المحكمة قد أعلنت قبل أيام أنها ستصدر، الجمعة، رأيها الاستشاري الذي طلبته منها الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل نحو عام ونصف العام، دون أن توضح سبب التأخر في الرد على الطلب.
انتهاك إسرائيل لحق الفلسطينيين في تقرير المصير
في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2022، تبنت الجمعية الأممية قرارًا يطلب من محكمة العدل إصدار فتوى بشأن مسألتين، الأولى هي "الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، واحتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واستيطانها وضمها لها".
وتتعلق المسألة الثانية بـ"تأثير سياسات إسرائيل وممارساتها على الوضع القانوني للاحتلال، والآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة".
وردًا على الإعلان الأخير من محكمة العدل بهذا الخصوص، توقع وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، عبر بيان أصدرته الإثنين، أن تصدر المحكمة "قرارًا يقضي بأن ما تُسميه (الاحتلال) غير قانوني".
كما توقع سموتريتش بأن "تقدم المحكمة رأيًا استشاريًا إلى الجمعية العامة يفيد بأن المشروع الاستيطاني في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) غير قانوني، وأنه يجب على إسرائيل الانسحاب منها ومن منطقة غور الأردن". واعتبر أن "الهدف هو إجبار إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية".
وزعم الوزير الإسرائيلي أن "الوطن في يهودا والسامرة هو مهد الأمة الإسرائيلية، وهو جزء لا يتجزأ من وطننا التاريخي".
وواصل الوزير الإسرائيلي مزاعمه قائلاً: "هذه أرضنا من حيث القانون الدولي (…) لن يغير أي قرار من جهة منافقة ومعادية للسامية هذه الحقيقة".
رفض دولي للمستوطنات في الضفة
ترفض قرارات الأمم المتحدة الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية وتصفه بـ"الاحتلال"، وقامت دول عديدة بمنع استيراد المنتجات التي تأتي من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة باعتبارها "غير قانونية".
سموتريتش دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى مواجهة القرار المتوقع لمحكمة العدل بالرد عليه عبر بسط ما أسماه بـ"السيادة" على ما زعم أنها "أراضي الوطن".
وتابع: "في هذه الأثناء، وإلى حين تطبيق السيادة (المزعومة) سأواصل طريقي للعمل على تطوير الاستيطان وتطبيق السيادة الفعلية وإحباط قيام الدولة الفلسطينية من خلال البناء الضخم وتوسيع المستوطنات".
تداعيات القرار المرتقب
من جهتها، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية الخاصة، الإثنين: "تستعد إسرائيل لإصدار رأي استشاري من محكمة العدل الدولية، الجمعة، بشأن شرعية الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية".
وأضافت: "من بين النتائج المحتملة لهذه الخطوة هي الحكم بأن الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير قانوني بسبب التغيرات الديموغرافية وجهود الضم الفعلية التي تبذلها إسرائيل".
وتابعت: "في مثل هذه الحالة، يمكن للمحكمة أن تطالب إسرائيل بالانسحاب من هذه الأراضي".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي مطلع على الأمر، لم تسمه، وصفه القرار المحتمل لمحكمة العدل بأنه "سيء للغاية وكارثي".
وقالت: "تعرب وزارتا العدل والخارجية عن تشاؤمهما قبل إصدار الرأي الاستشاري؛ خوفًا من أن يزيد من تعقيد موقف إسرائيل الدولي، إذ ربما يؤدي إلى فرض عقوبات إضافية تتجاوز تلك التي فرضت في الأشهر الأخيرة ضد المستوطنين العنيفين".
وأضافت: "يجوز للمحكمة أن تقرر أن القانون الدولي يحظر على الدول التعاون مع إسرائيل فيما يسمى احتلالها أو يفرض بذل الجهود لإنهاء هذا الاحتلال".
وحذرت من أن "مثل هذا الحكم يمكن أن يدفع العديد من الدول في جميع أنحاء العالم إلى اتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل".
وتابعت: "أحد المخاوف في إسرائيل هو أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ستتلقى الرأي الاستشاري بعد قرار محكمة العدل الدولية، قد تحيل الأمر إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان الذي سعى في السابق إلى إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة".
وأردفت الصحيفة: "في هذا السيناريو، قد يفكر خان في محاكمة المسؤولين عن الأنشطة الاستيطانية سواء داخل الحكومة أو في مؤسسة الدفاع".
وتابعت: "الاحتمال الآخر هو أن الفتوى يمكن أن تحدد أن إسرائيل تمارس الفصل العنصري في الضفة الغربية، وهي جريمة ضد الإنسانية، والتي ستكون لها أيضًا عواقب وخيمة".
واستطردت: "مثل هذا القرار لن يترك للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أي خيار آخر سوى التحقيق مع إسرائيل كجزء من الشكاوى التي يدرسها".
في حين يشهد الاستيطان في الضفة، بما فيها القدس الشرقية، ارتفاعًا ملحوظًا منذ وصول الحكومة اليمينية الراهنة، برئاسة نتنياهو، إلى الحكم في ديسمبر/ كانون الأول 2022، وتكثف تل أبيب هذه الأنشطة منذ اندلاع حربها على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.