تشهد إيران منذ صباح الجمعة 1 مارس/آذار 2024، عملية اقتراع في انتخابات مجلس الشورى (البرلمان)، حيث دُعي أكثر من 61 مليون إيراني للإدلاء بأصواتهم في نحو 60 ألف مركز اقتراع لاختيار أعضاء مجلس الشورى ومجلس خبراء القيادة المسؤول عن تعيين المرشد الأعلى، وهو أعلى سلطة في الجمهورية الإسلامية.
والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي هو عادة أول من يدلي بصوته في الثامنة صباحاً، بعدما حثّ الإيرانيين مجدداً أمس الأربعاء، في اليوم الأخير من الحملة الانتخابية على الاقتراع بكثافة.
وأشار أحدث استطلاع للرأي نشره التلفزيون الحكومي إلى أنّ 41% ممن شملهم الاستطلاع سيشاركون في عملية التصويت "بلا شك"، وفق ما نقلت "فرانس 24".
اختبار لشعبية الحكّام الدينيين
تضع انتخابات إيران اليوم شعبية الحكام الدينيين أمام اختبار في وقت يتصاعد فيه السخط العام، على خلفية مشاكل اقتصادية وقيود على الحريات السياسية والاجتماعية، مما يجعل الكثير من الإيرانيين يرفضون المشاركة في التصويت.
ومع بقاء المعتدلين وأصحاب الثقل من المحافظين خارج السباق ووصف الإصلاحيين له بأنه "انتخابات غير حرة وغير عادلة"، فإن التصويت سيضع المتشددين والمحافظين الأقل ثقلاً في مواجهة بعضهم البعض، وجميعهم يعلنون الولاء للمثل الثورية الإسلامية في إيران.
وسيكون التصويت أول مقياس رسمي للرأي العام، بعد أن تحولت احتجاجات مناهضة للحكومة في 2022 و2023 إلى سلسلة من أكبر الاضطرابات السياسية منذ الثورة الإسلامية في 1979.
في السياق، قال الطالب الجامعي مهران (22 عاماً) في مدينة أصفهان بوسط البلاد: "أسعى إلى تغيير النظام، وقررت عدم التصويت؛ لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز قبضة الجمهورية الإسلامية.. أريد أن أعيش بحرية"، وفق ما نقلت وكالة رويترز.
فيما قالت زهرة، وهي ربة منزل في طهران تبلغ من العمر 26 عاماً، إنها ستصوت لأن "العالم سيفهم أننا ندعم زعيمنا (خامنئي). وهو قال إن التصويت واجب علينا".
صعوبات أمنية واقتصادية
ولا يزال الكثير من الإيرانيين المؤيدين للإصلاح لديهم ذكريات مؤلمة عن طريقة التعامل مع الاضطرابات التي شهدتها البلاد، والتي أثارتها وفاة مهسا أميني في 2022، وهي احتجاجات تمّ قمعها في حملة عنيفة قامت بها الدولة شملت اعتقالات جماعية وحتى عمليات إعدام.
وتشكل الصعوبات الاقتصادية تحدياً آخر، إذ يقول كثير من المحللين إن أعداداً كبيرة من الإيرانيين فقدوا الثقة في قدرة الحكام الحاليين في إيران على حل الأزمة الاقتصادية الناجمة عن مزيج من العقوبات الأمريكية وسوء الإدارة والفساد.
وفي حين من المرجح أن يصوت أنصار النظام لصالح المرشحين المتشددين، فإن الغضب الشعبي الواسع النطاق من تدهور مستويات المعيشة وانتشار الكسب غير المشروع قد يجعل الكثير من الإيرانيين يفضلون عدم التصويت من الأساس.
ويعكف نشطاء إيرانيون وجماعات معارضة على نشر وسوم على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي للدعوة إلى عدم التصويت؛ بحجة أن نسبة المشاركة العالية ستعزز طابع الشرعية للنظام الحالي.
التصويت "واجب ديني"
من جانبه، وصف المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي التصويت بأنه واجب ديني. واتهم "أعداء" البلاد، وهو المصطلح الذي يستخدمه عادة للإشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، بمحاولة خلق اليأس بين الناخبين الإيرانيين.
في حين اعتبر الحرس الثوري الإيراني أن "المشاركة القوية" من شأنها أن تمنع "التدخلات الأجنبية" المحتملة في سياق الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية المدعومة من إيران.
وشبّه قائد الحرس الثوري حسين سلامي "كل ورقة اقتراع" بـ"صاروخ يُطلق في قلب أعدائنا"، بحسب ما نقلت عنه وكالة "تسنيم" الإيرانية.
وقالت وزارة الداخلية إن 15200 مرشح سيتنافسون على مقاعد البرلمان البالغ عددها 290، وهو ما ليس له تأثير يذكر على السياسة الخارجية الإيرانية والخلاف النووي مع الغرب؛ لأن خامنئي هو الذي يحدد ذلك.
وتتزامن انتخابات إيران البرلمانية مع اختيار مجلس الخبراء المؤلف من 88 مقعداً، وهو مجلس له تأثير يتولى مهمة اختيار خليفة خامنئي البالغ من العمر 84 عاماً.