تناولت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير لها الخميس 5 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ازدياد حجم المعارضة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع اقتراب موعد الانتخابات التي من المقرر أن تشهدها البلاد في ديسمبر/كانون الأول المقبل، مشيرة إلى أن الاحتجاجات ضده "تزداد زخماً".
وأفادت الصحيفة بأن السلطات المصرية قبيل الموعد النهائي للترشح للانتخابات (في 14 أكتوبر/تشرين الأول الحالي) تستخدم أساليب قمعية تشمل اعتقال أنصار أشهر منافس له وضربهم قبل أن يتمكنوا من تقديم التزكيات التي يحتاجها المرشحون لدخول السباق رسمياً، كما نظمت الحكومة مهرجانات في جميع أنحاء مصر لدعم حملة السيسي.
"ارحل يا سيسي"
لكن احتفالاً داعماً للسيسي، الأسبوع الجاري، في مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط بمصر، انحرف عن المسار وفقاً لمقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي وصاحب محل محلي شاهد المهرجان، بحسب المصدر ذاته.
حيث قام شابان برمي زجاجات مياه بلاستيكية نحو مطرب شعبي على المسرح كان يقدم التحيات للسيسي، ليصرخ الشابان: "ارحل يا سيسي"، وفق رواية صاحب المحل الذي لم يكشف عن اسمه؛ خوفاً من الاعتقال.
وتسلق البعض المسرح فقط ليطاردهم ضباط الأمن، وأظهرت مقاطع الفيديو المتظاهرين وهم يمزقون اللافتات ويحرقونها.
كما انتشر بعض الشبان في الشوارع الجانبية وهم يرددون اسم أشهر منافس للسيسي، أحمد الطنطاوي، وردد آخرون في الحشد المتظاهر، الذي قدره صاحب المحل بمئات، الشعار الشهير لثورة الربيع العربي في مصر عام 2011؛ "الشعب يريد إسقاط النظام".
وأوضحت الصحيفة أن أغاني الثناء على الجيش المصري كانت تعلو واللافتات المطبوع عليها وجه السيسي ترفرف عندما صعد المطرب خشبة المسرح في المهرجان الحكومي الذي حضره مسؤولون محليون وما يقول نشطاء حقوقيون إنهم مصريون تم نقلهم للمناسبة.
وعادةً ما يكون مجال المطرب هو الأعراس، لكن هذه المرة، كان يقدم التحية للسيسي الذي أعلن مطلع الأسبوع الجاري، أنه سيترشح لولاية ثالثة في انتخابات الرئاسة، التي تبدو اقتراعاً من المؤكد، على الأرجح أنه سيفوز به، رغم هبوط شعبيته بشكل حاد.
كما لفتت الصحيفة إلى أن السيسي بعد عقد من اعتقال المنتقدين، وتكميم الإعلام، وخنق الاحتجاجات، لديه أكثر من طريقة لتعويض تراجع الدعم والتأييد.
تهديد قبضة السيسي على السلطة
على الرغم من العديد من الوعود، لا تظهر مصر سوى علامات قليلة على القيام بالتغييرات الجادة التي يقول الخبراء إنها ضرورية لإنعاش اقتصاد مصر، ومن المرجح أن يفوز السيسي في ديسمبر/كانون الأول، ليترأس بلداً بدون المال الكافي لسداد ديونه أو لاستيراد السلع الأساسية، وهي حالة يقول المحللون إنها يمكن أن تهدد قبضته على السلطة قريباً، وفق الصحيفة.
ونقلت عن ماجد نور، وهو محلل سياسي مصري كتب كتاباً سينشر قريباً عن حكم السيسي، قوله: "الانتخابات القادمة ليست النهاية، ولكنها قد تكون بداية النهاية".
حتى الأصوات الموالية للحكومة حذرت من أن مصر تواجه عواقب وخيمة واضطرابات اجتماعية إذا لم تتحسن الأوضاع، فقد أدت تخفيضات العملة السابقة إلى تقليص قيمة الجنيه المصري بنسبة النصف منذ مارس/آذار 2022، بعد هروب المستثمرين الأجانب من مصر في حالة ذعر إثر غزو روسيا لأوكرانيا، تاركةً مصر بقليل من الدولارات لتغطية واردات القمح والوقود المتزايدة التكلفة.
وضرب التضخم البلاد مراراً وتكراراً بمستويات قياسية تتجاوز 30%، مما اضطر الأثرياء إلى التقشف كما لم يحدث من قبل تقريباً، والطبقة المتوسطة إلى نقل أطفالهم إلى مدارس أرخص، بينما اضطر الفقراء، في كثير من الأحيان، إلى الاستغناء عن الوجبات.
على الرغم من أن الاقتصاديين يقولون إن نقاط الضعف الاقتصادية الأساسية في مصر وعبء الديون الضخم هي الأسباب الحقيقية للأزمة والعوامل الخارجية مجرد مشعل لها، إلا أن السيسي يلقي اللوم بإصرار، على الحرب في أوكرانيا، من بين أمور أخرى، كما بدأ يتجاهل الألم ويصفه بالتافه مقارنةً بإنجازات حكمه.
وقال السيسي عند إعلان ترشحه يوم الإثنين: "أقسم بالله العظيم، إذا كان ثمن الازدهار والتقدم لأمة ما، هو ألا تأكل ولا تشرب، فإننا لا نأكل ولا نشرب"، واقترح على المصريين الذين يبحثون عن مال إضافي، في الخطاب نفسه، أن يبدأوا في التبرع بالدم مرة أو مرتين في الأسبوع لتحصيل الأموال.
قمع وتضييق على المعارضة
ولم تأتِ مثل هذه التصريحات بنتائج سوى تعميق المزاج الوطني المتشائم بالفعل تجاه السيسي، في حين توجّه البعض لأحد منافسيه المحتملين، أحمد الطنطاوي، وهو عضو سابق في البرلمان، والذي ردّ على تصريحات السيسي بشأن الجوع والعطش مطلع الأسبوع بمنشور على إكس: "لقد جاع المصريون أثناء حكمك بسبب إدارتك".
ودعا الطنطاوي، في مقابلة معه هذا العام، السلطات إلى احترام حق المصريين في اختيار قائدهم، وقال: "لو كان للنظام الحالي الشعبية التي يدّعي وجودها، فما الضرر في أن يخضعوا أنفسهم لتصويت الشعب المصري وأن يتم حماية هذا التصويت؟".
عند سؤاله عما إذا كان لديه أي أمل في النجاح، بالنظر إلى تاريخ الحكومة في استخدام أساليب قمعية خلال العملية الانتخابية، قال الطنطاوي إن لدى أجهزة الأمن "حيلاً قليلة جداً" بمجرد تجاوز الناس خوفهم من المشاركة.
لكن هناك علامات على أنه قد لا يصل إلى صندوق الاقتراع، فقد قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الأسبوع الماضي، إن ما لا يقل عن ثلاثة وسبعين مؤيداً للطنطاوي من محافظات مصرية عدة تم اعتقالهم، بعضهم بعد ملء استمارات للتسجيل كمتطوعين في حملته، والبعض الآخر بعد مجرد إعجابهم بصفحة الحملة على فيسبوك.
ويتعين على المرشحين حتى الرابع عشر من أكتوبر/تشرين الأول، جمع إقرارات دعم كافية من جميع أنحاء البلاد أو ترشيحات من أعضاء البرلمان للتأهل للاقتراع، وهناك بالفعل سياسيان مؤهلان، لكن حملة الطنطاوي والسياسيين المعارضين الآخرين قالوا إنه عندما ذهب مؤيدوه إلى مكاتب الشهر العقاري لتأييده، واجهوا العديد من العقبات.