أعلنت منظمة مراقبة دولية تخفيض تصنيف تونس إلى "دولة قمعية"، بسبب ما شهدته البلاد من تدهور سريع ومتزايد في حرية التجمع السلمي والتعبير وتكوين الجمعيات، حسبما أفاد موقع Middle East Eye البريطاني.
وكشفت منصة سيفيكوس مونيتور المعنية بتعقُّب أوضاع المجتمع المدني وتتبع أحوال الحريات المدنية في 197 دولة، عن تراجع تصنيف تونس من "دولة معرقلة" إلى "دولة قمعية"، في تقريره الأخير الصادر في مارس/آذار 2023.
"خطر" على حرية التعبير والصحافة
يأتي ذلك في ظل ما تتعرض له تونس من أزمات سياسية واقتصادية متواصلة منذ يوليو/تموز 2021، بعد أن جمَّد الرئيس قيس سعيّد عملَ البرلمان من جانب واحد، وحلَّ الحكومة، في خطوات وصفها كثيرون بـ"الانقلاب الدستوري" الذي انتكست خلاله كثير من المكاسب الديمقراطية التي حازتها تونس منذ انتفاضة الربيع العربي عام 2011.
وقد حكم سعيّد بعد ذلك بمرسوم، ثم أصدر دستوراً جديداً لتكريس حكمه الفردي.
وفي الوقت ذاته، شنَّت السلطات التونسية حملة قمع على معارضيها، ففي فبراير/شباط الماضي، داهمت الشرطة منزل نور الدين البحيري، أحد كبار المسؤولين في حزب النهضة المعارض، واعتقلته، كما استهدفت كذلك نشطاء ومحامين وصحفيين.
وقالت منصة سيفيكوس: إن "حرية التعبير والصحافة تتعرضان لهجوم خطير بعد اعتقال العديد من الصحفيين، وإصدار مرسوم جديد يهدف إلى كبت حرية التعبير بالبلاد".
"تسقط الدولة البوليسية"
كان سعيّد قد أثار جدلاً كبيراً بخطاب ألقاه في فبراير/شباط الماضي واستدعى إدانة واسعة النطاق لما احتواه من مضامين وُصفت بالعنصرية، بعد أن زعم وجود "خطة إجرامية" لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس من خلال توطين المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء في البلاد.
ودفع هذا الخطاب البنكَ الدولي إلى تعليق تعاونه مع الحكومة التونسية بعد تعرض المهاجرين الأفارقة لهجمات متفرقة، فيما قالت الخارجية الأمريكية أيضاً إنها "قلقة للغاية" من تصريحات سعيّد.
في غضون ذلك، تزايدت عدوانية سعيّد حيال المسؤولين الغربيين، فقد أمرَ في فبراير/شباط الماضي، بطرد إستر لينش، أكبر مسؤولة نقابية في أوروبا، بسبب خطاب ألقته ووصفه مكتب الرئيس التونسي بأنه "تدخل صارخ" في الشؤون الداخلية للبلاد.
وأجرت تونس العام الماضي انتخابات برلمانية وصفتها جماعات حقوقية وخصوم سعيّد السياسيون بأنها صورية، إذ لم تتجاوز نسبة المشاركين فيها 11% من إجمالي الناخبين المؤهلين للإدلاء بأصواتهم، وغلب على الرأي العام عدم الاكتراث بها، ومُنعت الأحزاب السياسية من المشاركة.
وفضلاً عن الاضطرابات السياسية، فإن تونس واقعة في أزمة اقتصادية، وعاجزة عن تأمين اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض صارت في أشد الحاجة إليه.
في الأسابيع الأخيرة، تحدى التونسيون الحظر المفروض على التظاهر، ونزلوا إلى الشوارع للاحتجاج على انفراد سعيّد بالسلطة، ورفعوا شعار "حرية، حرية، تسقط الدولة البوليسية"، وطالبوا كذلك بالعمل على "كبح انتشار الفقر" في البلاد.