دعا أمين عام الاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، الجمعة، 27 يناير/كانون الثاني 2023 إلى "التوجه نحو خيارات وطنية لمواجهة ما تعيشه البلاد من انهيار في عدة قطاعات" وذلك في اجتماعه بمنظمات تونسية أخرى لمناقشة حلول تساعد في حل تأزم الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
الاجتماع التنسيقي الذي جاءت على هامشه تصريحات نور الدين الطبوبي، عقده الاتحاد العام للشغل مع شركائه في "مبادرة الإنقاذ في تونس" التي قدمها نهاية عام 2022، وهم: الهيئة الوطنية للمحامين، ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان (مستقلة)، حسب مراسلة الأناضول.
مطالب بحوار وطني تونسي
كان الاتحاد العام للشغل في تونس قد أطلق "مبادرة الإنقاذ"، في تونس، أواخر ديسمبر/كانون الأول 2022، بهدف "بلورة خارطة طريق لإنقاذ البلاد من الانهيار" بالتعاون مع مكونات المجتمع المدني بعيداً عن التجاذبات السياسية.
من جانبه قال الطبوبي إن "علينا اليوم التوجه نحو خيارات وطنية أمام ما تعيشه البلاد من انهيار لعدة قطاعات كالصحة والتعليم (..) السيادة الوطنية ليست مجرد شعارات"، دون مزيد من التفاصيل حول هذه الخيارات. وأضاف: "تونس تمر بمنعرجات خطيرة منذ 12 عاماً، ومن الضروري اليوم الالتقاء على طاولة الحوار لإيجاد حلول لها".
الطبوبي تابع أن "مبادرة الإنقاذ جاءت بعد التشاور لصياغة برنامج متكامل بهدف النظر في كيفية إنقاذ تونس من الوضع الصعب الذي تمر به على مختلف الأصعدة".
انعدام الرؤى السياسية في تونس!
من جانبه، قال حاتم المزيو، رئيس الهيئة الوطنية للمحامين، إن "هذه المبادرة الوطنية جاءت بعد أن وصل الأمر إلى مرحلة الخطر أمام انعدام أي رؤية سياسية أو اقتصادية واجتماعية لإنقاذ البلاد وإيجاد حلول للأزمة".
اعتبر المزيو أن "التجارب الفاشلة أنهكت تونس"، ودعا إلى أن "تكون للمبادرة منهجية وخارطة طريق واضحة حتى تنجح"، مضيفاً: "المسؤولية تاريخية أمامنا".
من جهته، قال بسام الطريفي، رئيس رابطة حقوق الإنسان: "لسنا دعاة حكم، وهذه المبادرة تتنزل في إطار إيجاد حلول جدية للخروج ببلادنا من الأزمة". وشدد الطريفي على ضرورة أن تكون المبادرة ممنهجة ومرتبطة بسقف زمني.
في سياق موازٍ تعاني تونس أزمة اقتصادية ومالية تفاقمت حدّتها جرّاء تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، إضافة إلى عدم استقرار سياسي تعيشه البلاد منذ بدء الرئيس قيس سعيد فرض إجراءات استثنائية في 25 يوليو/تموز 2021.
فيما تعتبر قوى تونسية إجراءات سعيد الاستثنائية "تكريساً لحكم فردي مطلق"، بينما ترى فيها قوى أخرى "تصحيحاً لمسار ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس حينها زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011).
أما سعيد الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، فقال إن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة التونسية من "انهيار شامل".
احتجاجات تونسية في العاصمة
يتزامن ذلك مع مظاهرات شارك فيها العشرات من التونسيين، الجمعة، بالعاصمة تونس تضامناً مع القيادية في جبهة "الخلاص الوطني" شيماء عيسى، ورفضا لمحاكمتها عسكرياً.
ردد المشاركون في الوقفة الاحتجاجية التي تم تنظيمها أمام مقر المحكمة العسكرية في العاصمة تونس، هتافات منددة بمحاكمة شيماء عيسى أمام القضاء العسكري، ورفضاً لما وصفوه بـ"الانقلاب".
قال عبد الرزاق الكيلاني، العضو بهيئة الدفاع عن شيماء عيسى، في تصريحات إعلامية خلال الوقفة، إن "القضاء العسكري سيصبح حلبة لتصفية الحسابات السّياسية، ويجب التنبيه إلى خطورة هذه المسألة".
كما أضاف: "جميعنا يعلم أن القضاء العسكري هو الجيش، وبحسب دستور 2014 فإن جيشنا جمهوري ولا يمكن أن يتدخل في القضايا السياسية، بل هو يقف على المسافة نفسها من الجميع". وتابع أن شيماء عيسى "مارست حقها المقدس الدستوري في التعبير عن الرأي، ولا يمكن أن يكون ذلك الحق محل مساءلة أو محاكمة".
في حين لم يصدر تعليق فوري من السلطات التونسية حول الوقفة وهذه الاتهامات، إلا أنها عادةً ما تنفيها وتؤكد التزامها باستقلالية القضاء و"تطهيره من الفساد".
يذكر أنه وفي تصريحات سابقة لها، أفادت شيماء عيسى بأن وزير الداخلية توفيق شرف الدين، هو من كان وراء تقديم الشكاية ضدها، بعد حوار لها بإذاعة "إي أف أم" التونسية الخاصة، منذ ديسمبر/كانون الأول 2022.
تتعلق التهم الموجهة إلى عيسى بـ"تحريض العسكريين على عدم إطاعة الأمر، وإتيان أمر موحش ضد رئيس الدولة، وترويج ونشر أخبار وإشاعات كاذبة عبر الشبكات وأنظمة المعلومات والاتصال، بهدف الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني".