قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الأربعاء 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إن مسؤولاً إماراتياً أكد لها أن السلطات في أبوظبي، تستعد لتسليم القاهرة ضابطاً مصرياً يحمل الجنسية الأمريكية، بعدما قُبض عليه مؤخراً في أثناء زيارة للإمارات.
الصحيفة أشارت إلى أن شريف عثمان مصري أمريكي مزدوج الجنسية، وكان واحداً من المصريين في الخارج الذين يحثون الناس على تنظيم مظاهرات خلال قمة المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بمدينة شرم الشيخ الساحلية وحضرها قادة العالم ومن ضمنهم الرئيس الأمريكي جو بايدن.
في الوقت ذاته، نقلت الصحيفة عن مسؤول إماراتي، قوله إن عثمان البالغ من العمر 46 عاماً، اعتقل في 6 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بناءً على طلب مقدم من إحدى دول الجامعة العربية، لافتاً إلى أن بلاده تعمل على تأمين الوثائق القانونية المطلوبة من أجل إنهاء عملية التسليم.
في حين نقلت الصحيفة عن شخص مطلع على القضية قوله إنّ طلب التسليم صادر من مصر، وهو ما أكدته أيضاً خطيبة المعتقل "سايجا فيرتا"، التي بينت أن السفارة الأمريكية والسلطات الإماراتية وخطيبها أخبروها جميعاً بالمعلومة ذاتها.
في المقابل، لم يرد متحدث باسم الحكومة المصرية على طلبات أرسلتها الصحيفة للتعليق. لكنها لفتت إلى أن متحدثاً باسم السفارة الأمريكية في الإمارات قال إن واشنطن على علم باعتقال عثمان، مضيفاً أن مسؤولين في القنصلية تحدثوا معه في العاشر من الشهر الماضي.
كما كشفت الصحيفة أن عثمان كان في زيارة لدبي من أجل ترتيب لقاء بين خطيبته وشقيقته ووالدته، اللتين كانتا من المقرر أن تسافرا من مصر في وقت سابق، ولكن تمت إعادتهما في مطار القاهرة من دون إعطاء أي تفسير.
يُذكر أن عثمان وسايجا أعلنا خطوبتهما في مايو/أيار الماضي، بولاية تكساس الأمريكية، بعدما حصل المواطن المصري مزدوج الجنسية على شهادة في التمويل والمحاسبة في عام 2019، ويعيشان بولاية ماساتشوستس، حيث يدير شركة صغيرة لزراعة الماريجوانا بصورة قانونية.
وفي رحلة في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، إلى دبي لتقديم خطيبته الجديدة لعائلته، اقترب منه رجال شرطة في ثياب مدنية في الشارع وأمسكوا به واندفعوا به إلى الحجز، بعد يوم واحد فقط من منع السلطات المصرية والدته من مغادرة البلاد دون تفسير.
بينما قالت خطيبته، التي كانت برفقته حينها، إن رجلين يرتديان ملابس مدنية تحدثا معه قبل أن يطلبا منه ركوب سيارة لا تحمل أي علامات. وأكدت أيضاً أن عثمان أخبرها بأنه لم يتعرض لسوء المعاملة في أثناء الاعتقال، لكنه لم يتمكن من التحدث لمحامٍ لفترة طويلة.
تحذيرات من تسليمه
ويواجه عثمان مخاطر تسليمه للسلطات المصرية، حيث تحذّر رادها ستيرلنغ، المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لجماعة "محتجزون في دبي"، من أنهم سيسجنونه ويعذبونه ويقتلونه في النهاية، بسبب تشويه سمعته للحكومة.
وأوضحت ستيرلنغ قائلة: "هناك نحو 60 ألف سجين سياسي محتجز بمصر حالياً، ويموت المئات منهم في أماكن الاحتجاز كل عام. ويذكر النزلاء أنهم يُحتجزون في زنازين قذرة ومكتظة، ويُحرَمون من الأدوية المنقذة للحياة، ويتعرضون للتعذيب بشكل متكرر..".
أضافت: "حتى من دون عنف من قبل الشرطة، فإن ظروف السجون المصرية نفسها تهدد الحياة، فضلاً عن الظروف اللاإنسانية والتعذيب الممنهج الموجود في سجون الإمارات. ورغم أن شريف يُعامَل بشكل جيدٍ الآن، باتت حياته في خطر بدبي، وإذا سمحت الولايات المتحدة بتسليمه، نخشى أن يحسم مصيره".
كما أشارت إلى أن "الإمارات والسعودية موَّلتا حكومة السيسي منذ انقلاب 2013. ومنذ ذلك الحين، تربط مصر والإمارات علاقة تكافلية سياسياً واقتصادياً. تسليم شريف مؤكدٌ ما لم تتخذ الولايات المتحدة موقفاً.. هذا تقريباً إعادة لمقتل السعودي جمال خاشقجي في تركيا، باستثناء أن شريف لا يزال على قيد الحياة، ولدى الولايات المتحدة فرصة للتدخل قبل فوات الأوان".
مطالبات بتدخل أمريكا
وتعهدت ستيرلنغ بأن تقوم منظمتها بالتواصل مع السفارة الأمريكية في الإمارات ومناشدة ممثلي عثمان بالكونغرس؛ لضمان قيام كل منهم بدوره في إعادة عثمان إلى الولايات المتحدة.
وقالت: "لا أساس قانونياً لاحتجازه ولا مبرر لتسليمه. لا يحق للحكومة المصرية معاقبة الأمريكيين لمجرد أنهم لا يحبون ما نقوله".
تنص قواعد الإنتربول على أن النشرات الحمراء لا يمكن أن تكون ذات دوافع سياسية، وأن الدول ليس لها الحق في تسليم المعارضين السياسيين.
وأضافت ستيرلنغ: "مصر والإمارات تسيئان مرة أخرى استخدام نظام الإنتربول لتوسيع نطاق صلاحياتهما، مما يخلق نوعاً من المحور الاستبدادي. الرئيس الحالي للإنتربول، أحمد ناصر الريسي، هو نفسه مسؤول إماراتي سابق رفيع المستوى متهم بالتعذيب. لذا، فإن التدخل الفوري والقوي من قبل حكومة الولايات المتحدة هو الأمل الوحيد لدى شريف لاستعادة حريته".