قال تقرير تحليلي صدر في 1 سبتمبر/أيلول 2022، إن الارتفاع "غير المسبوق" في أسعار الغذاء، تزامناً مع أزمة المناخ؛ هيّأ الأجواء المثالية لوقوع اضطرابات مدنية في أكثر من 100 دولة، حسبما نقله موقع Middle East Eye البريطاني.
ويحذر التقرير، الذي أصدرته شركة تحليل المخاطر Verisk Maplecroft من ازدياد حجم الاضطرابات السياسية خلال الأشهر الـ12 المقبلة، إذ تعاني أكثر من 80% من بلدان العالم من ارتفاع حجم التضخم عن 6%، واحتمال استخدام تدابير قمعية لإخماد المعارضة.
يشار إلى أن بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عُرضه لهذه المخاطر أكثر من غيرها، إذ إن ثلاثة، من أكثر عشر دولة مهدَّدة، تقع في هذه المنطقة، حسب التقرير.
وكانت مصر ولبنان وتونس بالفعل في خضم أزمة اقتصادية وسياسية قبل الصدمة الأخيرة التي نتجت عن الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط من هذا العام.
الضرر لن يكون متساوياً
لكن توربيورن سولتفيدت، المحلل الرئيسي في الشركة صاحبة التقرير، قال لموقع "ميدل إيست آي"، إن الضرر لن يكون متساوياً في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث قسّم المنطقة إلى ثلاث فئات مهدَّدة.
وزعم أن "لبنان وتركيا وإيران هي الدول الأكثر هشاشة، وتقع بالفعل في منطقة تضخم مفرط"، مضيفاً أن "الأردن وتونس والجزائر ومصر والعراق والمغرب في الفئة المتوسطة؛ حيث تزيد معدلات البطالة والتضخم المرتفعة من خطر وقوع اضطرابات مدنية".
كما لفت سولتفيدت إلى أن "دول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل فقط هي التي تبدو مجهزة جيداً لتخفيف الضغط الاجتماعي والاقتصادي المتزايد".
في السياق، استفادت دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعتمد على صادرات النفط والغاز مصدراً رئيسياً للدخل، من الارتفاع القياسي في أسعار الطاقة.
كذلك إسرائيل التي تتمتع باقتصاد أكثر تنوعاً، استفادت هي الأخرى أيضاً من ارتفاع أسعار الطاقة، بعد زيادة صادراتها من الغاز إلى أوروبا بدرجة كبيرة.
استخدام القوة لقمع الاحتجاجات
من جانب آخر، قال سولتفيدت لموقع "ميدل إيست آي": "الحكومات التي لا يمكنها الخروج من الأزمة.. سيكون القمع بالقوة طريقتها الرئيسية في الرد على هذه الاضطرابات المتزايدة".
لكن سولتفيدت لفت إلى أن استخدام القوة لقمع الاحتجاجات المتصاعدة "يهدد بتفاقم أزمة شرعية قائمة".
وقال: "كثير من بلدان المنطقة تشترك في أنها لم تعتمد آليات فعالة لتوجيه السخط الشعبي، في وقت يتزايد فيه الاستياء من الوضع الاقتصادي والسياسي الراهن".
بدوره، لفت هاميش كينير، محلل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الشركة ذاتها، إلى أن تونس، التي تُعتبر على نطاق واسع بؤرة الربيع العربي، "أكثر عرضة لمخاطر الاضطرابات المدنية".
وقال كينير: "الفوضى السياسية في تونس تعرقل الجهود المبذولة لتأمين المساعدة الاقتصادية من المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي، رغم أن أي صفقة مع صندوق النقد الدولي ستتطلب، على الأرجح، إجراءات تقشفية تفاقم الاضطرابات المدنية".
ورغم أن مصر أكثر استقراراً- نسبياً- فهي تعاني من مشكلات اقتصادية مماثلة، على حد قول كينير، الذي أضاف أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يمكنه أيضاً "حشد الدعم المالي الخارجي بشكل أسرع، لا سيما من دول الخليج الصديقة".
على صعيد آخر، أشار كينير إلى أنه رغم استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة في المنطقة، فإنه يزيد من فرص الاضطرابات السياسية "فوقوع اضطرابات بحجم اضطرابات الربيع العربي مستبعد، إذ إن معظم الحكومات لا تجد غضاضة في اللجوء إلى الإجراءات القمعية لمنع تنامي الاضطرابات المدنية إلى نطاق لا يمكن السيطرة عليه".