قُتل 12 شخصاً على الأقل، الإثنين 29 أغسطس/آب 2022، بالمنطقة الخضراء في بغداد وأصيب 85 آخرون، بحسب حصيلة جديدة أدلت بها مصادر طبية لوكالة فرانس برس، وسط حالة من الفوضى عقب إعلان زعيم التيار الصدري اعتزاله نهائياً العمل السياسي.
في الوقت نفسه أصدرت القيادة العسكرية العراقية قراراً بفرض حظر تجول في عموم البلاد، بينما دعت بعثة الأمم المتحدة بالعراق إلى ضبط النفس، في بلد يبدو فيه أن المأزق السياسي الناتج من الانتخابات التشريعية في أكتوبر/تشرين الأول 2021، يأخذ منعطفاً جديداً.
في حين قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في بيان رسمي نقلته قناة "الجزيرة" القطرية، إن السلطات مسؤولة عن حماية المتظاهرين، موجهاً تعليماته لفتح التحقيق في أحداث المنطقة الخضراء.
فوضى وتظاهرات في العراق
فيما نشبت فوضى عقب إعلان الزعيم الشيعي اعتزاله العمل السياسي؛ مما دفع مئات من أنصاره إلى اقتحام القصر الحكومي.
من جهة أخرى فقد تعمقت الأزمة بالعراق، الذي يعيش في مأزق سياسي منذ انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2021 التشريعية مع تدهور الوضع في وسط العاصمة العراقية، إثر اقتحام مئات من أنصار التيار الصدري مقر رئاسة الوزراء، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس، بعد إعلان مقتدى الصدر، أحد أهم الفاعلين في السياسة العراقية، بصورة مفاجئة، اعتزاله العمل السياسي بشكل "نهائي".
إطلاق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين
من ناحية أخرى فقد قال مصدر أمني لوكالة فرانس برس، إن قوات الأمن تدخلت وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين عند مداخل المنطقة الخضراء، فيما اجتاح أنصار الصدر غرف المكاتب وجلسوا على الأرائك أو قفزوا في المسبح، أو راحوا يلتقطون صور "سيلفي".
في حين ذكرت فرانس برس أنّ فرض الجيش حظر التجول في بغداد، اعتباراً من الثالثة والنصف بعد الظهر، ومن ثم بجميع أنحاء العراق في السابعة مساء، لم يغير من الوضع شيئاً، وذكرت أن دوريات للشرطة انتشرت في العاصمة، وعمت الفوضى المنطقة الخضراء المحصنة.
كانت قيادة العمليات المشتركة في العراق، الإثنين 29 أغسطس/آب 2022، قد أعلنت فرض حظر تجوال شامل بجميع محافظات البلاد، في ظل توترات أمنية بالمنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد.
حظر تجوال في العراق
حيث ذكرت القيادة في بيان، أنها "تعلن حظر التجوال الشامل في جميع محافظات العراق اعتباراً من الساعة السابعة من مساء اليوم الإثنين (17:00 ت.غ) إلى إشعار آخر"، بحسب وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
في الوقت نفسه حذَّرت السفارة الأمريكية في بغداد من العنف وتعريض "أمن واستقرار وسيادة" العراق للخطر، ودعت إلى الحوار لحل الخلافات.
في المقابل أطلقت قوات الأمن، الإثنين، النار بكثافة وأبعدت المتظاهرين من أنصار التيار الصدري عن محيط القصر الحكومي بالمنطقة الخضراء وسيطرت عليه بالكامل، وفق وسائل إعلام محلية.
اجتماع وزاري لبحث التطورات
في حين ترأس رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، اجتماعاً طارئاً للقيادات الأمنية في مقر العمليات المشتركة؛ لمناقشة اقتحام المتظاهرين لمؤسسات حكومية.
عقب الاجتماع، دعا الكاظمي في بيان، المتظاهرين إلى "الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء، وعدم إرباك الوضع العام في البلاد، وتعريض السلم المجتمعي للخطر".
فيما أكد رئيس الجمهورية برهم صالح، الإثنين، أن تطورات الأحداث تفرض على القوى الوطنية الترفع عن الخلافات. وتابع عبر بيان، أن "الظرف العصيب الذي يمر ببلدنا يستدعي من الجميع التزام التهدئة وضبط النفس ومنع التصعيد وضمان عدم انزلاق الأوضاع نحو متاهات مجهولة وخطيرة يكون الجميع خاسراً فيها".
كما حذَّر صالح من أن "تعطيل مؤسسات الدولة أمر خطير يضع البلد ومصالح المواطنين أمام مخاطر جسيمة". ودعا المتظاهرين إلى "الانسحاب من المؤسسات الرسمية، وفسح المجال أمام القوات الأمنية في القيام بواجبها في حفظ الأمن والنظام والممتلكات العامة".
اعتزال مقتدى الصدر العمل السياسي
جاء اقتحام المتظاهرين لمؤسسات حكومية إثر إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الإثنين، اعتزاله العمل السياسي نهائياً، في ظل أزمة سياسية مستمرة بالعراق منذ أكثر من عشرة أشهر.
وسبق أن اقترح الصدر تنحي جميع الأحزاب السياسية لوضع حد للأزمة، حسب بيان نقله عنه صالح محمد العراقي المعروف بـ"وزير الصدر".
يذكر أن العراق يشهد أزمة سياسية زادت حدتها منذ 30 يوليو/تموز 2022، حيث بدأ أتباع التيار الصدري اعتصاماً ما زال متواصلاً داخل المنطقة الخضراء، رفضاً لترشيح تحالف "الإطار التنسيقي" (مقر من إيران) محمد السوداني لمنصب رئاسة الوزراء، ومطالبةً بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة.
فيما حالت الخلافات بين القوى السياسية، لا سيما الشيعية منها، دون تشكيل حكومة جديدة منذ الانتخابات الأخيرة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021.