علّق القضاء العراقي أعماله، الثلاثاء 23 أغسطس/آب 2022، عقب انتشار كبير لأنصار الزعيم السياسي ورجل الدين الشيعي مقتدى الصدر؛ بهدف الضغط على مجلس القضاء لحل البرلمان، في واحدة من أسوأ الأزمات السياسية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة.
إلى جانب مجلس القضاء، أعلنت المحاكم التابعة له والمحكمة الاتحادية العليا تعليق أعمالها، احتجاجاً على اعتصام متظاهري التيار الصدري أمام مقرها في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد للمطالبة بحل مجلس النواب.
واتهم المجلس، في بيان، متظاهري التيار الصدري "بالضغط على المحكمة الاتحادية العليا لإصدار القرار بالأمر الولائي بحل مجلس النواب وإرسال رسائل تهديد للضغط على المحكمة". كما حمّل "الحكومة والجهة السياسية التي تقف خلف هذا الاعتصام المسؤولية القانونية إزاء النتائج المترتبة على هذا التصرف".
في السياق، ساعد الصدر في تأجيج التوترات بالعراق في الأسابيع الأخيرة، من خلال إصدار الأوامر لآلاف من أنصاره لاقتحام البرلمان واحتلاله، الأمر الذي يمنع تشكيل حكومة بعد نحو 10 أشهر من الانتخابات، حسب رويترز.
الكاظمي يقطع زيارته لمصر ويحذر
بدوره، حث رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي قطع زيارة لمصر للتصدي للأزمة، جميع الأطراف على التزام الهدوء، وجدد الدعوة للحوار الوطني. وقال في بيان: إن "تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرض البلد إلى مخاطر حقيقية".
وقال مكتب الكاظمي في بيان، إن رئيس الوزراء "قطع زيارته إلى جمهورية مصر العربية، وعاد إلى بغداد إثر تطورات الأحداث الجارية في البلد، ولأجل المتابعة المباشرة لأداء واجبات القوات الأمنية في حماية مؤسسات القضاء والدولة".
كما حذر الكاظمي من أن "تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرض البلد إلى مخاطر حقيقية"، مؤكداً أن "حق التظاهر مكفول وفق الدستور، مع ضرورة احترام مؤسسات الدولة للاستمرار بأعمالها في خدمة الشعب".
وطالب "جميع القوى السياسية بالتهدئة، واستثمار فرصة الحوار الوطني للخروج بالبلد من أزمته الحالية"، داعياً إلى "اجتماع فوري لقيادات القوى السياسية من أجل تفعيل إجراءات الحوار الوطني، ونزع فتيل الأزمة".
احتجاجات أنصار الصدر
في وقت سابق الثلاثاء، بدأ أتباع الصدر التجمع للاحتجاج خارج مقر مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا في بغداد. بينما قالت السلطة القضائية في بيان إن أنصار الصدر أرسلوا تهديدات عبر الهاتف.
وأضاف البيان: "قرر المجتمعون تعليق عمل مجلس القضاء الأعلى والمحاكم التابعة له والمحكمة الاتحادية العليا، احتجاجاً على هذه التصرفات غير الدستورية المخالفة للقانون، وتحميل الحكومة والجهة السياسية الداعمة التي تقف خلف هذا الاعتصام المسؤولية القانونية إزاء النتائج المترتبة على هذا التصرف".
ودعا الصدر، الذي حارب القوات الأمريكية، وأصبح واحداً ممن يختارون صناع القرار في السياسة العراقية، إلى انتخابات مبكرة وإجراء تعديلات غير محددة على الدستور، بعد انسحاب نوابه من البرلمان في يونيو/حزيران الماضي.
الإطار التنسيقي يرفض الحوار
في المقابل رفض خصوم الصدر السياسيون، ومعظمهم من الشيعة المدعومين من إيران، الاستجابة لمطالبه، ما أثار مخاوف من تجدد الاضطرابات والعنف في العراق المنهك من الصراعات.
وتعقيباً على اعتصام أنصار التيار الصدري أمام المجلس الأعلى للقضاء، أعلن الإطار التنسيقي، وهو الخصم المنافس للصدر، في بيان، رفضه أي حوار مع التيار إلا بعد تراجعه عما سماه "احتلال" مؤسسات الدولة الدستورية.
وقال إنه "يعلن رفضه استقبال أي رسالة من التيار الصدري أو أية دعوة للحوار المباشر إلا بعد أن يعلن عن تراجعه عن احتلال مؤسسات الدولة الدستورية، والعودة إلى صف القوى التي تؤمن بالحلول السلمية الديمقراطية".
وحمل الإطار التنسيقي "الحكومة كامل المسؤولية للحفاظ على ممتلكات الدولة وأرواح الموظفين والمسؤولين، خصوصاً السلطة القضائية التي تعتبر الصمام الوحيد الذي بقي للعراق، نتيجة تسلط قوى خارجة عن الدولة على المؤسسات، وفرض إرادتها خارج سلطان الدولة".
كما دعا "الشعب العراقي بكامل شرائحه إلى الاستعداد العالي والجهوزية التامة للخطوة المقبلة التي يجب أن يقول الشعب فيها قوله ضد مختطفي الدولة لاستعادة هيبتها وسلطانها".
مطالب مقتدى الصدر وأنصاره
من جانب آخر، نقلت "رويترز" عن أحد المحتجين المتشحين بالعلم العراقي قوله إن "الناس يطالبون بحل البرلمان والتشكيل الفوري لحكومة مؤقتة". بينما قال محتج لآخر: "ساعدونا، ساندونا، لا تخافوا من أحد".
وتعدُّ فترة المواجهة المستمرة منذ 10 أشهر في العراق منذ الانتخابات هي أطول فترة للعراق دون حكومة تمارس مهامها بالكامل خلال ما يقرب من عقدين، منذ الإطاحة بصدام حسين في حملة بقيادة الولايات المتحدة في عام 2003.
وكان الصدر هو الفائز الأكبر في انتخابات العام الماضي، لكنه لم يتمكن من تشكيل حكومة مع الأحزاب الكردية والعربية السنية دون مشاركة منافسيه الشيعة المدعومين من إيران.
ويستطيع الزعيم الشاب، الذي يملك نفوذاً لا مثيل له في العراق، حشد مئات الآلاف من أنصاره لتنظيم احتجاجات وشل المشهد السياسي في البلاد.