تسريب جديد لوقائع فساد أبطالها “مستشارو السيسي”: تقاضوا رشاوى بملايين الجنيهات بمشروعات العاصمة الجديدة

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/10 الساعة 09:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/10 الساعة 10:10 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/رويترز

بث الناشط والمدون المصري عبد الله الشريف، مساء الخميس 9 ديسمبر/كانون الأول 2021، تسريباً جديداً قال إنه يخص عدداً من مستشاري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وإنه يكشف جانباً مما وصفه بوقائع الفساد المستشرية خلال فترة حكمه، وهو الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

يزعم هذا التسريب أن بعض "مستشاري السيسي" يقومون بتمرير مشروعات للجيش دون مناقصة، ويتقاضون رشاوى بملايين الجنيهات، وذلك عبر استغلال نفوذهم ومناصبهم بالقصر الرئاسي، وهي الاتهامات التي لم يتسنَّ لنا التأكد من صحتها، كما لم ترد عليها أي جهة حكومية مصرية.

فقد أظهر التسريب محادثات هاتفية بين ضابط كبير برتبة لواء يدعى "فاروق القاضي"، وهو ينسِّق لرشاوى بملايين الجنيهات مع سيدة تدعى "ميرفت محمد علي"، ويتركز حديثهما حول مشاريع للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، يتم من خلالها تمرير عقود بناء محطات ومشاريع للهيئة التي باتت تسيطر على الكثير من المشروعات الاقتصادية في البلاد.

حيث يزعم أن اللواء فاروق القاضي يقوم بمنح 2 مليون جنيه (نحو 127 ألف دولار) لميرفت محمد علي، مقابل كل مشروع تقوم بتمريره له، وفقاً للتسريب الذي يوضح أن هذه المشروعات تُمرر إلى الجيش دون طرحها في مناقصات عامة.

كانت العديد من الجهات الحقوقية المحلية والدولية قد طالبت الحكومة المصرية بالكشف عن المعلومات المالية حول الشركات المملوكة للجيش كجزء من التقارير المطلوبة عن الشركات التي تملكها الدولة، لافتين إلى أن التعاملات المالية للشركات المملوكة للهيئات العسكرية، والتي تنتج في الأساس سلعاً مدنية، محجوبة تماماً عن الرأي العام، ما يجعلها بيئة خصبة للفساد وتقوّض الرقابة المدنية على تمويل الجيش المصري المسؤول عن انتهاكات خطيرة.

"إرهاب المعترضين"

فيما قال اللواء القاضي إنه يتعمد وضع أسماء ضباط ومسؤولين كبار في العقود التي يبرمها، رغم أن هذا التصرف لا قيمة قانونية له؛ وذلك بهدف "إرهاب" المعترضين عليها، موضحاً أنه شريك في مكتب محاماة واستشارات قانونية، بحسب التسريب.

كما أشار التسريب إلى سرقة 160 قطعة أثرية من قِبل ضباط في أعمال حفر وبناء متنزه في مدينة الإسكندرية الساحلية شمالي البلاد.

بخلاف ذلك، أكد اللواء في حديثه إلى ميرفت أنه في حال انتقالها إلى العاصمة الإدارية الجديدة سيتم منحها فيلا سكنية قيمتها 6 ملايين جنيه (382 ألف دولار)، بينما ستدفع هي فقط 750 ألف جنيه (47 ألف دولار) فقط على أقساط، فيما ستتولى الدولة دفع الباقي.

في حين أكد عبد الله الشريف أن "أرقام الرشاوى والفساد في تسريب واحد فقط وصلت إلى 68 مليون جنيه (4.3 ملايين دولار)"، وفق قوله.

بينما لم يتسنَّ لـ"عربي بوست" التحقق من مدى صحة ما ورد في هذا التسريب.

الأكثر تداولاً بموقع "تويتر"

في غضون ذلك، تصدر وسما (هاشتاغ) "#تسريب_مستشاري_السيسي"، و "عبدالله الشريف" قائمة الوسوم الأكثر تداولاً على موقع "تويتر" في مصر، الجمعة.

من جهته، قال الحقوقي والإعلامي المعارض هيثم أبو خليل عبر "تويتر": "ده مش تسريب! ده واقع بشع تحياه مصر منذ 70 سنة، وبالدبابة لازم تخرس وتقتنع بالعافية إننا فقرا قوي، بينما مصر أغنى دولة في العالم، لأنها بتتنهب كل السنين دي ولسه بتعافر. بس خلاص الديون بتضرب في الرمق الأخير منها. ديون علشان يسرقوا كمان، واخد بالك".

كما ذكر مؤسس "تيار الأمة" المعارض، محمود فتحي: "تخيل عدد الفاسدين في (تسريب مستشاري السيسي) من لصوص الجيش والشرطة: خير فاسدي الأرض، ما لفت انتباهي أن ميرفت الفاسدة تسأل اللواء الفاسد: هو محافظ الإسكندرية جيش ولا شرطة؛ يعني الاتنين فاهمين إن المحافظ الفاشل لازم يكون جيش أو شرطة!".

أما أسامة رشدي، مساعد أول رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية، فقد رأى أن هذا التسريب "يكشف للغافلين حقيقة طبقة الفساد والنهب ووضاعة الحاشية الطفيلية التي أحاط بها المنقلب السيسي نفسه، وكيف تُدار مشروعات النظام التي ينفق عليها مليارات القروض التي باتت تُعجِز مصر وتكبِّلها لأجيال قادمة"، مضيفاً: "إنها عصابة استولت على السلطة وجعلت الوطن غنيمة".

كان رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس قد أثار الجدل مؤخراً، حينما قال في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إنه لا يصح أن ينافس الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى القطاع الخاص، وإن هذه المنظومة بها "ازدواجية"، وإن دور الجيش الاقتصادي "يشوّش" على دوره الدفاعي والأمني.

ساويرس لفت إلى أن "تدخل الحكومة في القطاع الخاص سيخلق منافسة غير متكافئة بين الشركات الخاصة والشركات التابعة للدولة أو الجيش"، موضحاً أنه انسحب من مناقصات تجارية عديدة بسبب مشاركة شركات تابعة للحكومة والجيش.

تلك التصريحات أثارت غضباً لدى الإعلاميين المؤيدين للنظام، والذين قاموا بشن حملة هجوم شرسة ضد الملياردير المصري الشهير.

"شفافية ومساءلة غائبة"

تقرير سابق أصدره مركز كارنيغي نوه إلى أن "الجزء الأكبر من القطاع الاقتصادي العسكري الرسمي لا يقع ضمن اختصاص هيئات التدقيق ومكافحة الفساد في مصر، أكان ذلك بحكم القانون أم بحكم الواقع"، منوهاً إلى أن "الأدلة السردية، والروايات الداخلية، وانكشاف الفضائح تشير إلى فساد نمطي وواسع النطاق، على الأقل داخل تلك الأجزاء من قطاع الدفاع المعنية بالمشتريات والتموين، وترخيص الأعمال من جميع الأنواع والمقاولات والخدمات العامة".

يشار إلى أنه لا تتوفر بيانات من جهات رقابية رسمية في مصر بشأن حجم النشاط الاقتصادي للجيش المصري، غير أن السيسي قال في ديسمبر/كانون الأول 2016 إنه "يعادل نحو 2% من حجم اقتصاد مصر".

آنذاك نفى السيسي ما يتردد، في تقارير إعلامية غربية، بشأن سيطرة الجيش على أكثر من 50% من اقتصاد البلاد.

لكن السيسي أصدر في عام 2016، قانوناً يعفي الجيش من دفع الضرائب على السلع والمواد الخام اللازمة للعمل في مجال البناء.

وفق الكثير من المراقبين، توسعت الشركات العسكرية بشكل غير مسبوق منذ استيلاء الجيش على مقاليد السلطة في صيف عام 2013.

فيما تنص المادة 203 من الدستور المصري الحالي على أنه لا ينبغي تفصيل الميزانية العسكرية في ميزانية الدولة لإبقائها سرية، ويجب مناقشتها فقط في مجلس الدفاع الوطني الذي يتكون معظم أفراده من ضباط.

تحميل المزيد