سيقوم الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أكبر رجل دين سني في العالم الإسلامي، بزيارة العراق مطلع الشهر المقبل، هذا ما ذكرته مصادر في الحوزة الدينية بمدينة النجف العراقية لـ"عربي بوست".
فقد قال رجل دين بارز في الحوزة الدينية بمدينة النجف العراقية لـ"عربي بوست" إن مؤسسة الأزهر قامت بالفعل بتأكيد الزيارة، و"نحن الآن نستعد لها".
وبحسب المصدر ذاته، فإنه من المقرر أن أول لقاء لشيخ الأزهر سيكون مع المرجعية الدينية الشيعية العليا، آية الله علي السيستاني، "سيلتقى الإمام الطيب آية الله السيستاني فور وصوله إلى العراق، كما تم التخطيط لعمل جولة في أهم الأضرحة والمزارات الشيعية بمدينتي كربلاء والنجف"، بحسب المصدر.
الصلاة في ضريح الإمام علي بن أبي طالب
يقول مصدر مقرب من آية الله العظمى، علي السيستاني، في حديثه لـ"عربي بوست": "تم تخطيط برنامج دقيق ومحدد للزيارة التي ستكون بدايتها من لقاء السيد السيستاني، ثم الصلاة في ضريح الإمام علي بن أبي طالب"، الإمام الأول لدى المسلمين الشيعة.
ومن المقرر أن يصطحب شيخ الأزهر، أحمد الطيب، وفداً رفيع المستوى من علماء الأزهر في هذه الزيارة، يقول المصدر السابق: "تم تخصيص جدول كامل للقاء شيخ الأزهر ووفده من كبار العلماء الشيعة في الحوزة الدينية بالنجف".
ويضيف المصدر المقرب من آية الله العظمى علي السيستاني، الذي تحدث لـ"عربي بوست"، قائلاً: "هذه الزيارة تاريخية، وطال انتظارها، فمنذ الإطاحة بصدام حسين عام 2003، وكل حكومة عراقية جديدة تقوم بدعوة شيخ الأزهر، لكن لم يتحقق الأمر حينها".
يرجع المصدر المقرب من السيد السيستاني سبب عدم تلبية الطلب فيما سبق إلى الظروف الأمنية والسياسية المضطربة في العراق، فيقول: "الآن العراق أكثر أماناً من ذي قبل، ولا يوجد مانع من زيارة شيخ الأزهر".
تجدر الإشارة إلى أنه في شهر مارس/آذار 2021، قام رئيس ديوان الوقف السني العراقي، سعد كمبش، بزيارة القاهرة ولقاء شيخ الأزهر، الإمام أحمد الطيب، وقام بالنيابة عن الحكومة العراقية بدعوة شيخ الأزهر لزيارة العراق.
الإمارات ودعم الكاظمي السبب
المصادر في الحوزة الدينية في النجف، التي تحدثت لـ"عربي بويت"، أكدت أن الزيارة هدفها الأساسي التفاهم بين المذاهب، ودعوة العالم الإسلامي إلى الحديث، دون الخوض في أي أجندة سياسية لزيارة شيخ الأزهر الإمام الطيب.
لكن مصدراً مقرباً من رئيس الوزراء العراقي الحالي، مصطفى الكاظمي، يقول لـ"عربي بوست"، إن "الكاظمي يسعى إلى تأمين الدعم اللازم لحصوله على ولاية ثانية. والتقارب وإعادة العلاقات بين العراق ومصر، إحدى الوسائل لهذا الهدف".
جدير بالذكر أنه في شهر يونيو/حزيران 2021، زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي العراق، ليصبح أول رئيس مصري يزور العراق منذ أن قطعت العلاقات الثنائية في تسعينات القرن الماضي، بسبب تدهور العلاقات بين مصر والعراق، بسبب غزو صدام حسين للكويت، كما حضر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤتمر قمة بغداد في أغسطس/آب الماضي، والذي دعت إليه بغداد ليكون نقطة تواصل بين بلدان المنطقة.
يقول المصدر المقرب من رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لـ"عربي بوست": "في الآونة الأخيرة، بدأ التوتر في التصاعد فيما يخص مسألة منح الكاظمي ولاية ثانية، خاصة أن جميع المؤشرات تدل على اكتساح التيار الصدري للانتخابات البرلمانية، وفي نفس الوقت السيد الكاظمي ينتابه من حين لآخر بعض الشكوك حيال السيد مقتدى الصدر".
ذهب العراقيون إلى التصويت في أول انتخابات مبكرة منذ عام 2003، لاختيار البرلمان الجديد، ينافس التيار الصدري، بزعامة رجل الدين الشيعي والسياسي البارز مقتدى الصدر، في هذه الانتخابات من خلال ائتلاف سائرون التابع لحزبه السياسي، يتوقع الكثيرون داخل العراق أن يستحوذ تحالف سائرون على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية البالغ عددها 329 مقعداً، مما يؤهله لاختيار رئيس الوزراء الجديد وتشكيل الحكومة وفقاً للدستور العراقي المعد في عام 2005.
في الآونة الأخيرة، تحدثت مصادر سياسية عراقية لـ"عربي بوست"، عن رغبة مقتدى الصدر في تولي الكاظمي فترة ولاية ثانية، من خلال التحالف غير المعلن بين الكاظمي والصدر، لكن في نفس الوقت، وبحسب المصادر المقربة من الكاظمي، فإن هذا التحالف موضع شك من قبل الكاظمي.
في نفس الوقت، يحظى الكاظمي بدعم إقليمي كبير، لم يتمتع به أي من أسلافه، فهو على علاقة وثيقة بولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وقادة دولة الإمارات العربية المتحدة.
مسؤول رفيع المستوى في الحكومة العراقية تحدث لـ"عربي بوست"، قائلاً: "يعتمد الكاظمي على دعم حلفائه الإقليميين كثيراً لتأمين ولاية ثانية، وبعد اقتراب الانتخابات البرلمانية، وعدم اليقين بشأن ما ستسفر عنه، استعان الرجل بحلفائه في الإمارات".
وبحسب المسؤول الحكومي، فإن الإمارات قد طلبت بشكل ودي من أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الموافقة على زيارة العراق، لمنح الكاظمي الكثير من البطاقات التي تعزز موقفه في معركة الحصول على فترة ولاية ثانية.
يقول المسؤول الحكومي لـ"عربي بوست": "زيارة شيخ الأزهر للعراق في مثل هذا التوقيت تعني الكثير للكاظمي بشكل خاص، فهي دليل قوي على أن العراق في عهد أكثر أماناً، وأن دول المنطقة بدأت في التعامل مع العراق على أساس أنها قوة سياسية مستقلة في المحيط".
وأضاف؛ "هذه الزيارة ستثبت للعراقيين في الداخل والقادة في الخارج أن العراق أصبح بلداً مستقلاً يمكنه لعب دور محوري في تفاهمات الشرق الأوسط، وكل هذا بفضل الكاظمي، الذي تمكن من فعل ذلك، بينما لم يفعل أسلافه أي شيء لتعزيز استقلالية ودور العراق".
يذكر أن محمد الحلبوسي، رئيس مجلس النواب العراقي، قد التقى في شهر سبتمبر/أيلول 2021، بشيخ الأزهر، أحمد الطيب، في مدينة القاهرة، مؤكداً رغبة بلاده في موافقة شيخ الأزهر على زيارة العراق. مصدر مقرب من الحلبوسي يقول لـ"عربي بوست": "زيارة شيخ الأزهر تعني الكثير للعراق، هي خطوة مهمة في استكمال خطوات تحسين العلاقة مع مصر".
مستقبل التواصل الشيعي السني
يقول رجل دين بارز في الحوزة الدينية في مدينة النجف العراقية، لـ"عربي بوست": "لا تهمني الأجندة السياسية إن وجدت لزيارة شيخ الأزهر، لكن ما يهمني هو مستقبل التواصل المثمر بين قطبي الإسلام السني والشيعي".
يقول رجل الدين العراقي إن التواصل بين المؤسسات الدينية السنية والشيعية في كل من مصر والعراق، مسألة مهمة تخدم هدف آية الله السيستاني للمشاركة في تعزيز قوة حوزة النجف التي يراها المصدر معتدلة في مواجهة التطرف الشيعي في الحوزات الأخرى، في إشارة ضمنية إلى الحوزة الدينية في مدينة قم الدينية، التي على مدار التاريخ تتنافس مع حوزة النجف في العراق.
يذكر أن شيخ الأزهر الأسبق محمد شلتوت أصدر فتوى تاريخية في عام 1959 تعترف بالإسلام الشيعي، كأحد المذاهب الصالحة للإسلام، مما ساهم في تعزيز التواصل الشيعي السني، بعد أن كان ينظر للمذهب الشيعي على أنه مذهب لا صلة له بالإسلام.
وبالعودة إلى مسألة زيارة شيخ الأزهر، أحمد الطيب، إلى العراق، وبحسب المصادر الدينية في مدينة النجف التي تحدثت لـ"عربي بوست"، سيقوم الإمام الطيب بزيارة كل من الموصل للقاء رجال الدين السنة العراقيين، وأيضاً مخطط له زيارة مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق شبه المستقل.