في خطوة غير متوقعة، حدد القاضي طارق البيطار، القاضي المكلف بالتحقيقات في انفجار مرفأ بيروت عام 2020، جلسات استجواب الوزراء السابقين والنواب الحاليين، علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، المدّعى عليهم بجريمة تفجير المرفأ.
يأتي هذا رداً على رسالة التهديد التي وصلت إلى القاضي من قبل قيادة في حزب الله بأنه قد يفقد منصبه.
ويستفيد البيطار في عملية الاستدعاء هذه من انتهاء ما يسمى العقد الاستثنائي للبرلمان وما يتبعه من سقوط الحصانات النيابية تلقائياً، بانتظار انطلاق العقد العادي منتصف أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
لذا، حدد القاضي يوم الخميس 30 سبتمبر/أيلول الجاري موعداً لاستجواب علي حسن خليل، والأول من أكتوبر/تشرين الأول موعدين لاستجواب زعيتر والمشنوق.
حزب الله يهدد القاضي طارق البيطار
وأكدت مصادر قضائية مطلعة لـ"عربي بوست" أن رسالة تهديد وصلت إلى القاضي طارق البيطار من مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا.
وفحوى الرسالة يقول: "منزعجون منك بشكل كبير ولا يحتمل، وسنسير معك للنهاية في المسار القضائي، وإن لم تصل لشيء ستطير من منصبك"، ليرد البيطار بالقول إن "الحاج يمون كيف ما كانت التطييرة".
فيما تؤكد مصادر قضائية مطلعة لـ"عربي بوست" أن النائب العام لدى محكمة التمييز، القاضي غسان عويدات، طلب من المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار إعداد تقرير حول الرسالة الشفهية التي وصلته عبر وسيط من القيادي في حزب الله الحاج وفيق صفا.
وتؤكد المصادر نفسها أنّ صفا زار قصر عدل بيروت يوم الإثنين 20 سبتمبر/أيلول، والتقى مجموعة من القضاة والمدعين العامين وجرى نقاش مفتوح ومستفيض حول إجراءات البيطار باستدعاء النواب والوزراء؛ بداية من يوسف فينيانوس وانتهاء بالاستدعاء بحق النائب علي حسن خليل- المستشار السياسي للرئيس نبيه بري- ولاحقاً استدعاء للنواب غازي زعيتر- عضو كتلة حركة أمل- والنائب نهاد المشنوق- وزير الداخلية السابق.
ويؤكد المصدر أن البيطار وبتحديد موعد للتحقيق مع النواب المدعى عليهم بجريمة المرفأ يكون قد وجّه رسالة قاسية لحزب الله والقوى السياسية التي تختبئ خلفه، أنه مستمرّ في تحقيقاته وفي المسار الذي اختاره، بعيداً عن أي تهديد أو وعيد.
البحث عن عزل قاضي التحقيق
فيما أكد مصدر سياسي مطلع لـ"عربي بوست" أن حزب الله ومعه قوى سياسية أخرى على رأسها الوزير السابق سليمان فرنجية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، منزعجون بشكل كبير من أداء القاضي بيطار.
وأضاف المصدر أن هؤلاء يتدارسون طريقة لعزل البيطار من منصبه خلال أيام، وقبيل موعد التحقيق مع الوزراء والنواب المتهمين والذين يرفضون المثول أمامه للاستجواب في القضية.
وبحسب المصدر، فإن هذه الخطوة تترافق مع إجراءات ستنفذها دول أوروبية خلال أيام مرتبطة بسحب التأشيرة بحق بعض المسؤولين المتهمين بجريمة انفجار المرفأ.
ويؤكد المصدر أن اجتماعاً جرى بين حزب الله وحركة أمل وتيار المردة منذ أيام عقب مذكرة التوقيف التي أصدرها البيطار بحق وزير الأشغال العامة السابق يوسف فينيانوس.
وناقش المجتمعون- وفقاً للمصدر- إجراءات قانونية لعزل البيطار من منصبه، كما جرى مع القاضي السابق في الجريمة فادي صوان بدعوى الارتياب العام من سير التحقيق في الجريمة.
القضاء يتجرّأ على السياسيين
وكان القضاء في عهد قاضي التحقيق العدلي السابق فادي صوان قد قام في 10 يناير/كانون الثاني 2021، باستدعاء رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، ووزيري الأشغال السّابقين يوسف فينيانوس وغازي زعيتر، الذين فوجئوا بهذه الاستدعاءات ورفضوا المثول أمام المحكمة.
وسارع حينها رئيس الحكومة السّابق سعد الحريري إلى مقرّ رئاسة الحكومة وحث دياب للتأكيد على أن موقع رئاسة الحكومة مقدّس ولا يحق لأحد المساس به، واتفقت الطبقة السياسية من خلال أذرعها القضائية على إقالة القاضي صوّان بحجة أن منزله تضرر من انفجار المرفأ وبالتالي لن يكون منصفاً أثناء التحقيق.
وفي 19 يناير/كانون الثاني 2021، تم تعيين القاضي طارق البيطار لمتابعة قضية انفجار المرفأ، والذي سار على خطى صوّان في الاستدعاءات، كما أنه وسّع رقعة الاستدعاءات لتطال مدير الأمن العام اللبناني اللّواء عباس إبراهيم ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، بالإضافة للمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا.
لكن هذه الاستدعاءات اصطدمت برفض إعطاء تصاريح ملاحقة القادة الأمنيين ورفع الحصانة عن النواب نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر.
فيما يحاول المسؤولون من وزراء ونوّاب وكبار الموظّفين في الدولة اللبنانيّة المشتبه بهم في قضية المرفأ، الالتفاف على قضية رفع الحصانات، فقانونياً، تتفرّع الحصانات إلى 4 أجزاء.
ويوضح المحامي أيمن رعد لـ"عربي بوست" أن الحصانة النقابية هي للوزراء المحامين الذين إذا شغلوا منصب الوزارة يجب ألا يعملوا في مهنة المحاماة حتى انتهاء ولايتهمـ مثال غازي زعيتر ويوسف فنيانوسـ إلا أن حلول التمسّك بهذه الحصانة كحجّة للهروب من التحقيق لم تعد مجدية، فقد أعلنت نقابة المحامين قبل أسبوع تقريباً رفع الحصانة عنهما.
وأشار المحامي إلى أن المجلس النيابي اليوم في حالة انعقاد دائم بسبب وجود حكومة مستقيلة، ومتى تشكّلت الحكومة يعود المجلس النيابي إلى عمله التشريعي الطبيعي فترفع الحصانات عن النواب تلقائيّاً.