أثار البيان الصحفي الذي صدر الخميس، عن كتائب شهداء الأقصى- الذراع العسكرية لحركة "فتح"، الذي تعلن فيه عن توحيد مجموعاتها وذراعها العسكرية في غزة تحت نفس الاسم- تساؤلات حول الجهة التي تقف وراء البيان، وحقيقة الخطوة، والدافع وراء الإعلان في هذا التوقيت.
وجاء في البيان: "بحمد الله وتوفيقه تعلن كتائب شهداء الأقصى عن توحيد جميع مجموعاتها وذراعها العسكرية تحت اسم كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، ويأتي ذلك ضمن إطار توحيد الجهود ورصّ الصفوف لمواجهة كافة التحديات والمخاطر التي تحيط بالوطن وشعبنا الصامد، المرابط فوق ثرى هذه الأرض الطاهرة المباركة، وإنها لثورة حتى النصر، حتى النصر، حتى النصر".
وقد تم التوقيع بشعار "كتائب الأقصى- الإعلام الحربي".
بيان التوحيد.. بعد جهود لحماس مؤخراً
مصدر من حركة "حماس" أكد لـ"عربي بوست" أن هذه الخطوة "جدّية"، وتأتي بعد جهود قامت بها ذراع الحركة العسكرية، كتائب "القسّام"، في الفترة الأخيرة، لتوحيد المجموعات العسكرية الصغيرة والمتناثرة، لكن يجمعها قاسم مشترك وهو "المقاومة".
وكشف المصدر أنه تم بالأشهر الأخيرة الشروع بشكل عملي بهذا التوحيد، لتعزيز المقاومة، خاصة أن لدى حركة "فتح" في قطاع غزة العديد من المجموعات المسلحة المتناثرة بأسماء متعددة ومرجعيات مختلفة.
وأضاف أنه تم الإعلان عن ذلك في هذا التوقيت ارتباطاً بعملية نفق "الحرية"، وما يجري من وحدة عسكرية في مخيم جنين، لإعلان وحدة المقاومة وتعزيز صفوفها في كل مكان من الأرض الفلسطينية.
بيدَ أنّ المصدر الحمساوي أوضح أنّ التوحيد تم فقط لبعض المجموعات العسكرية لـ"فتح"، ذات التوجه المشترك.
توحيد تشكيلات فتح.. كي تُمثَّل بالغرفة المشتركة
بدوره، أكد الكاتب المقرب من حركة "حماس" مصطفى الصواف لـ"عربي بوست"، أن هناك إدراكاً من حماس في الآونة الأخيرة لضرورة دمج المجموعات المسلحة لفتح تحت مسمى واحد، بما يمكنها من تمثيل نفسها في غرفة العمليات المشتركة للمقاومة، وذلك تعزيزاً لها؛ نظراً لوجود مجموعات عديدة لفتح بغزة.
وحول علاقة هذه المجموعات الفتحاوية المسلحة بالقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، أوضح الصواف أن معظمها لا تربطها علاقة بالسلطة الفلسطينية في رام الله، و"هذا ما يجعل علاقتها مفتوحة مع دحلان بطريقة أو بأخرى"، على حد تعبيره.
تشكيلات قبلت "التوحيد" وأخرى رفضت
هذا وتوجد في قطاع غزة نحو 30 إلى 40 تشكيلاً عسكرياً لحركة فتح، بحسب ما قاله مصدر من كتائب الأقصى، المحسوبة على الخط الرسمي في رام الله لـ"عربي بوست".
وأضاف أن الأمن الداخلي التابع لحماس استدعى الكثير من المجموعات والخلايا العسكرية الفتحاوية قبل نحو 10 أشهر، وطلب منهم الانضواء في ثلاث مجموعات رئيسية لـ"فتح" بقطاع غزة، وإلا سيُعتبر من يرفض ذلك محظوراً.
والمجموعات الثلاث التي طلبت حماس أن يتم اختزال كل التشكيلات العسكرية الفتحاوية في إطارها هي مجموعات "أيمن جودة"، ومجموعة "سالم ثابت- جيش العاصفة"، وأيضاً مجموعة "عبد القادر الحسيني".
وهذه المجموعات هي ما شكلت الآن كتائب شهداء الأقصى، ليكون لها تمثيل موحد في غرفة العمليات المشتركة في غزة.
وبحسب المصدر العسكري المقرب من الخط الرسمي لـ"فتح" في رام الله، فإن تشكيلات عسكرية فتحاوية قد قبلت التوحيد والتمثيل بغرفة عمليات مشتركة بقيادة كتائب "القسّام"، بينما رفضت تشكيلات فتحاوية أخرى الأمر، من منطلق أن التنسيق مع حماس يجب أن يكون ندّياً، وليس بطريقة تظهر فيها أجنحة فتح العسكرية تابعة لحماس وتحت إمرتها، حسب رواية المصدر.
وقال المصدر لـ"عربي بوست" إنّ مجموعة "أيمن جودة"، ومجموعة "سالم ثابت- جيش العاصفة"، وأيضاً مجموعة "عبد القادر الحسيني"، مرجعيتها إيران وحزب الله، وهي مقربة من "حماس".
ومن بين المجموعات التي لم تنضم للتشكيل الجديد رغم تنسيقه مع حركة حماس، لواء العامودي. فهو تشكيل فتحاوي مسلح يتلقى دعماً من تيار القيادي المفصول محمد دحلان، وقد واظب على التنسيق مع "حماس" في نشاطه بغزة.
مع العلم أن لواء العامودي قوامه عناصر وضباط من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة سابقاً قبل سيطرة "حماس" على القطاع، ويعود عدم المشاركة إلى اقتصار اللواء على العمل الداخلي وليس أعمال المقاومة.
أما تشكيلة كتائب "أحمد أبو الريش الفتحاوية"، فكانت ناشطة بالسنوات الماضية لكن لم يعد اسمها ظاهراً في الإعلام.
ويعزو المصدر الفتحاوي (المقرب من قيادة فتح في رام الله) هذا الغياب إلى حظرها من قبل "حماس"، بعد رفضها التنسيق مع الحركة المسيطرة على قطاع غزة.
لا يوجد حضور عسكري فعلي لـ"فتح"
هذا البيان أثار حفيظة حركة فتح والسلطة الفلسطينية، لأنها أوقفت أوجه النشاط العسكري في قطاع غزة منذ الانقسام الداخلي.
فالمصدر العسكري الفتحاوي يُقر في الوقت ذاته أنه لا يوجد حضور قوي وفعلي على الأرض لأذرع فتح العسكرية في غزة؛ لأنّ ثمة قراراً من رئيس السلطة محمود عباس بوقف العمل المسلح.
فضلاً عن أن عباس اعتبر أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة بمثابة قوة فتح العسكرية، وليس كتائب الأقصى.
وتابع: "مجموعات أيمن جودة قد تلاشت، أما العاصفة فهي عبارة عن مجموعات صغيرة تتركز شمال قطاع غزة فقط، كما أن منتسبي مجموعات عبد القادر الحسيني محدودون جداً".
وقال المصدر "نحن رفضنا مشروع حماس لتوحيد كتائب الأقصى؛ لأننا دافعنا عن استقلالية القرار الفتحاوي. لا نريد أن نكون تحت إمرة حماس، وإنما التنسيق معها بالمقاومة ضمن مبدأ الند".
وحول علاقة محمد دحلان ببيان كتائب الأقصى لتوحيد مجموعات فتح العسكرية تحت اسم واحد، أوضح المصدر أنه لا علاقة مباشرة لمحمد دحلان، وإنما جهد لحماس تم من خلاله التنسيق مع أدوات دحلان في الشق المتعلق بتشكيل لواء العامودي فقط.
وبيّن المصدر أن دحلان لا يتدخل شخصياً بالملف العسكري، وإنما سمير مشهراوي وأدوات أخرى له.