وجّه جندي جزائري استغاثة باكية وهو وسط ألسنة نيران الحرائق، ما حفّز معه مشاعر التضامن الشعبي والاهتمام الدولي حيال تداعيات الكارثة التي تشهدها الجزائر.
تأتي استغاثة الجندي الجزائري في الوقت الذي تندلع فيه حرائق ضخمة بعدد من الولايات الجزائرية، أبرزها تيزي وزو، والطارف، وجيجل، وبجاية، وسوق أهراس، والبليدة، وعنابة، وقالمة، وسكيكدة، وعين الدفلى، والشلف وغيرها.
وفاة العشرات
أودت الحرائق، وهي تتزامن مع موجة طقس حار شديدة ورياح قوية، بحياة 69 شخصاً على الأقل، بينهم 28 عسكرياً و41 مدنياً، بحسب حصيلة رسمية غير نهائية.
ففي وقت سابق، الخميس 12 أغسطس/آب 2021، تداول رواد منصات التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوّراً لجندي جزائري، يبكي مستغيثاً لإنقاذ زملائه من نيران الحرائق المندلعة في ولاية تيزي وزو، شمالي البلاد.
حيث قال الجندي، الذي عُرف لاحقاً أن اسمه إبراهيم خوجة، "إخوتي.. نداء.. إخوتي.. نداء، كل من أخطأتُ في حقه فلْيُسامِحني، إخوتي ماتوا، اللهم شهداء، اللهم شهداء". ونشر خوجة مقطعاً مصوراً آخر وهو يصرخ "اللهم ارحمنا، يا رب، تيزي وزو تستغيث، يا رب إخوتي ماتوا، انصرنا يا الله".
وفق وسائل إعلام محلية تم إنقاد الجندي إبراهيم خوجة، ونُقل إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم وحالته الصحية في تحسن.
حملة تضامن واسعة
في المقابل أثارت صرخات الجندي الجزائري موجة تضامن واسعة بين مختلف فئات الشعب، إذ لقبه البعض بـ"الجندي البطل"، فيما نشر آخرون مقاطع مصورة لحصيلة مصرع العسكريين جراء اندلاع الحرائق في البلاد.
كما تداول رواد منصات التواصل مقطعاً مصوراً لالتفاف سكان من ولاية تيزي وزو حول مدرعة عسكرية، لمواساة الجنود الذين فقدوا زملاءهم، قائلين: "نحن معكم، لا تبكي أخي (مخاطبين سائق المدرعة)، شهداء إن شاء الله، شهداء إن شاء الله".
بدوره، نشر قائد منتخب الجزائر لكرة القدم، نجم نادي مانشستر سيتي، رياض محرز، عبر حساباته الشخصية على منصات التواصل، صوراً للحرائق المهولة في بلاده، قائلاً: "لنصلي من أجل الجزائر".
فيما أعاد الصحفي الجزائري أحسن خلاص، عبر حسابه على فيسبوك، نشر صور وفيديوهات التضامن مع ضحايا ولاية تيزي وزو (شمال).
قال خلاص: "في طريقي من العاصمة إلى تيزي وزو ذرفت دمعاً أمام الطريق التي غصت بقوافل الإغاثة المتجهة إلى المداشر (القبائل)".
هبّة شعبية!
بدوره، قال الصحفي الجزائري حفيظ دراجي، عبر فيسبوك: "فخور بالهبّة الشعبية الوطنية لأبناء بلدي، الذين يقفون مع المتضررين من حرائق الغابات في منطقة القبائل".
أضاف دراجي: "سكان عديد الولايات عاشوا ليلة حمراء في مواجهة أكثر من 100 حريق مصحوب بالرياح، مما عرقل جهود أعوان الإطفاء وعناصر الأمن.. شعب عظيم هبّ لنجدة إخوانه".
يذكر أنه خلال الأيام الماضية انطلقت قوافل تضامنية من مختلف الولايات إلى ولاية تيزي وزو، محمّلة بمواد غذائية ومساعدات طبية، باعتبارها المنطقة الأكثر تضرراً في البلاد.
فيما زحف مئات الشباب من الولايات المجاورة لمساعدة طواقم الإنقاذ في إخماد الحرائق بولاية تيزي وزو، التي شهدت وحدها اندلاع 37 حريقاً، وفق إحصاء قوات الحماية المدنية الجزائرية.
كما أطلق مغردون جزائريون على حملات التضامن لقب "الملحمة"، كما أبدى المئات إعجابهم بقدرة الشعب الجزائري على مقاومة الكارثة ومساعدة السلطات في تجاوزها.
جدير بالذكر أنه في مساء الثلاثاء، أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون "استشهاد 25 جندياً من الجيش الوطني الشعبي، بعد أن نجحوا في إنقاد أكثر من 100 مواطن من النيران الملتهبة، بجبال بجاية وتيزي وزو". وأضاف تبون: "ننحني بخشوع أمام أرواح أبناء الوطن البررة".
تفقُّد وحدات الجيش
في المقابل، تفقَّد قائد الجيش الجزائري، الفريق السعيد شنقريحة، وحدات الجيش في منطقتي تيزي وزو وبجاية، للوقوف على آخر مستجدات الأوضاع في العمل على إخماد الحرائق.
من جانبه، قال رئيس الوزراء أيمن بن عبدالرحمن، الأربعاء، إن التحريات الأولية أثبتت أن حرائق الغابات التي تشهدها البلاد ناتجة عن فعل إجرامي، دون تفاصيل أكثر.
فيما تشهد الجزائر موجة قياسية في ارتفاع درجات الحرارة، وهبوب رياح ساخنة، أسهمت في تأجيج الحرائق التي اندلعت بمختلف المناطق الجبلية، وخلّفت خسائر مادية وبشرية ثقيلة.