لا توجد كلمات لوصف هذا الفشل.. انتقادات إعلامية لاذعة لجيش وحكومة إسرائيل ومستقبل نتنياهو على المحك

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/21 الساعة 09:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/21 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي / رويترز

شنت الصحافة والمراسلون والمحللون الإسرائيليون هجوماً حاداً على أداء الحكومة والجيش الإسرائيلي في حرب غزة بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار بدءاً من الساعة الثانية فجر يوم الجمعة 21 مايو/أيار، بعد 11 يوماً من القتال، معتبرين أن المبادرة الإسرائيلية بوقف إطلاق النار من جانب واحد هي إقرار بالهزيمة أمام حماس التي سجلت في هذه الحرب أداء سياسياً وعسكرياً لافتاً، مقابل تراجع الحكومة الإسرائيلية.

جاء هذا نتيجة لعجز الحكومة الإسرائيلية في رأيهم عن تحقيق إنجاز عملياتي خلال هذه الحرب، والمتمثل بالوصول إلى قادة الجهاز العسكري لحركة حماس الذين وضعتهم إسرائيل على قائمة الاغتيال وأبرزهم محمد الضيف أو نائبه مروان عيسى أو يحيى السنوار زعيم الحركة، أو بضرب البنى التحتية لصواريخ حماس التي لم تتأثر نظراً لاستمرار إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية حتى الدقائق الأخيرة من سريان قرار وقف إطلاق النار.

هذه القضية حظيت بنقاش كبير على وسائل الإعلام الإسرائيلية التي انشغلت في بث موجات مفتوحة للتحليلات السياسية والميدانية لما جرى في ميدان حرب غزة.

اعترافات بالجملة

يائير لابيد، زعيم حزب يش عتيد، اتهم حكومة نتنياهو بالفشل في هذه الحرب قائلاً: "ما الذي كانت الحكومة تحاول تحقيقه في الأيام الأحد عشر الأخيرة، الحكومة فشلت في كل المجالات الواقعة تحت مسؤوليتها، لا توجد كلمات بسيطة لوصف هذا الفشل، لقد قوَّى نتنياهو حماس وأضعف السلطة وفشل أيضاً في إعادة الجنود".

أما رون بن يشاي، الخبير العسكري الإسرائيلي، فقال إن "الأهداف الاستراتيجية للحرب على غزة لم تتحقق بعد، ورغم ضراوتها، لكنها لم تنجح بإقامة ردع ثابت وطويل الأمد للمنظمات المسلحة، التي باتت قيادتها قريبة من تزعم المنظومات السياسية والوطنية والدينية للفلسطينيين أينما كانوا، بما في ذلك 48".

لم تتوقف صواريخ المقاومة في غزة من السقوط في المدن الإسرائيلية طوال أيام الحرب، بل إن مستوى الصواريخ من حيث مداها وصل لأول مرة لمناطق تبتعد 250 كيلومتراً عن قطاع غزة، أو من حيث كثافتها وعددها التي وصلت لـ4300 صاروخ خلال 11 يوماً، وهو نفس عدد الصواريخ التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في حرب العام 2014 التي استمرت 51 يوماً.

يعكس هذا التطور النوعي لحماس فشل المنظومة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية التي لم تكن تتوقع أن تمتلك حماس صواريخ بهذا الشكل، كما أن تسيير حماس للمعركة وتحكمها في مستوى التصعيد بإدارة دفة المواجهة لصالحها عبر تشتيت الجيش واستنزافه، أسقط مفهوم الردع الإسرائيلي بصورة كبيرة.

تل أبيب
أثار قصف المقاومة لتل أبيب/ رويترز

يوسي يهوشع، الكاتب الأبرز في صحيفة يديعوت أحرونوت، علق على الفشل الاستخباري وسوء تقدير الموقف بالنسبة للجيش في هذه الحرب قائلاً إنه "لم يقدر أحد في الجيش أن حماس كانت تتجه نحو الحرب، وأن صفعتها الأولى هي القدس، واستمر الفشل بعد الهجوم الصاروخي الشاهق من غزة نحو تل أبيب وضواحيها، رغم أن تقدير هيئة الأركان أن إطلاق الصواريخ على غوش دان كان خياراً وارداً، ولكن لم يفكر أحد بإمكانية إطلاق 100 صاروخ بهذا الشكل".

أليكس فيشمان، المحلل العسكري في الصحيفة قال إنه "رغم الضربات الجوية الكبيرة من الجيش، إلا أن حماس سجلت إنجازات مهمة، فنظام القيادة والسيطرة الخاص بها لم يتضرر، ولم تتضرر قيادتها العسكرية في هذه المواجهة".

الانتقاد الأبرز كان من قائد أركان الجيش السابق غادي آيزنكوت لسياسة الحكومة في التحضير الجيد للمعركة، وقال في مؤتمر لمعهد دراسات الأمن القومي إن "عملية الجرف الصامد في 2014، منحت إسرائيل 4 سنوات من الهدوء، وكانت هناك دعوة من المصريين لترتيبات خاصة تتطلب 6 معايير، ولكن تم تنفيذ معيار واحد"، متسائلاً عن استراتيجية إسرائيل في قطاع غزة بعد العملية، وماذا ستكون على الساحة العالمية.

مستقبل نتنياهو على المحك

جاءت هذه الحرب في ظروف لم تكن في صالح نتنياهو، الذي خسر معركة تفويض تشكيل الحكومة لصالح منافسه يائير لابيد قبل أيام فقط من وصول التوتر في القدس إلى ذروته، وقد حاول نتنياهو تسيير المعركة عبر إطالة أمدها لتسجيل انتصار سياسي يخدمه في ملف تشكيل الحكومة في حال فشل لابيد في مهمته وهو الخيار المتوقع.

نجح نتنياهو نسبياً في هذه النقطة بعد أن عاد شريكه السابق نفتالي بينت، زعيم حزب يمينا ليفض شراكته مع لابيد ويمنح الولاء مجدداً لنتنياهو، لكن مستقبله السياسي بات على المحك بسبب الفشل في هذه الجولة مع حماس، حيث إن حلفاءه التقليديين وجهوا له انتقادات لاذعة بسبب قرار وقف إطلاق النار.

عضو الكنيست من الصهيونية الدينية إيتمار بن غفير قال إن اتفاق وقف إطلاق النار مع غــزة شكل "بصقة" في وجه المستوطنين في الجنوب، يريد السكان من الجيش استكمال العملية العسكرية، سكان الجنوب أقوياء وعازمون، لكن الحكومة للأسف ليست كذلك، لن نساند نتنياهو بأي ثمن.

أما جدعون ساعر، زعيم حزب الأمل الجديد، فعلق على قرار وقف إطلاق النار من جانب واحد، بأنه "لا يفرض قيوداً على حمـاس لمنع التسلح مجدداً، ودون عودة الجنود الأسرى، مما سيقوض الردع الإسرائيلي، وسيكون فشلاً سياسياً ندفع ثمنه".

في حين تساءلت إيليت شاكيد، الشخصية الأبرز في قائمة "يمينا" بأنهم "يتحدثون عن نصر في هذه المعركة، رغم أنه لا يوجد انتصار طالما لم نستعد جنودنا المحتجزين لدى حماس".

تمثل الفشل الذي مُني به نتنياهو في هذه الجولة بعدم قدرته على إيجاد حل لمشكلة استمرار سقوط الصواريخ من غزة نحو البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود والمعروفة بغلاف غزة، ولذلك أكد الصحفي الإسرائيلي ألموغ بوكير أن "الجمهور الإسرائيلي يطالب بخروج رئيس الوزراء ووزير الدفاع للإدلاء بتصريحات للتأكيد على أن المعادلة تغيرت، وأنه لن يسمح بعد الآن بإطلاق الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة، وإلا فإن هذه العملية ليست مجدية".

تحميل المزيد