حملت النيابة العامة المصرية، الأحد 11 أبريل/نيسان 2021، في بيانها النهائي لنتائج التحقيقات في حادث تصادم قطاري سوهاج، والذي أسفر عن مصرع 20 شخصاً وإصابة نحو 200 آخرين، المسؤولية بشكل كامل لسائقَي القطارين ومساعديهما، وكذلك لاثنين من قسم المراقبة في برج الإشارات، قائلة إن بعضهم قد تعاطى بعض المخدرات قبل الحادث.
بيان النيابة العامة جاء منافياً لما أوردته الهيئة القومية لسكك حديد مصر سابقاً، حين ألقت باللائمة على من سمتهم "مجهولين" فتحوا كوابح الطوارئ لبعض العربات.
وأفاد بيان النيابة بأن خسائر وتلفيات القطارين بلغت قيمتها نحو 26 مليون جنيه (1.7 مليون دولار).
وأشار بيان النيابة كذلك إلى تضارب الأقوال بين سائقي القطارين ومساعديهما، مشيراً إلى تعاطي أحدهم، وكذلك أحد المراقبين في برج إحدى المحطات، مواد مخدرة.
وأوضح البيان أن سائق أحد القطارين ومساعده ادعيا في التحقيقات ظهور إشارات ضوئية بشاشة التحكم بكابينة القيادة، تفيد انخفاض معدل ضغط الهواء بالأنابيب الواصلة بين عربات القطار مما أوقفه آلياً، وأحالا الأسباب إما لسحب أحد مقابض الخطر بأي من العربات، أو غلق أحد صمامات تحويل الهواء المضغوط بالمكابح. لكن المصابين والركاب والعاملين بالقطار شهدوا بعدم رؤيتهم سحب أي من مقابض الخطر أو سماعهم الصوت المميز الصادر عن سحبها.
وبينما أقر مساعد سائق القطار الإسباني بتوليه القيادة إبان وقوع الحادث، نازع سائق القطار في تلك الرواية مؤكداً توليه هو القيادة وقت الحادث، وسيره على سرعة 90 كيلومتراً في الساعة، ومشاهدته توقف القطار المميز على مسافة 100 متر، حيث استخدم المكابح اليدوية لإيقاف الجرار والعربات ولكنها لم توقفها فوقع التصادم.
وأسفرت التحقيقات مع اثنين من قسم المراقبة المركزية بأسيوط عن تأخر أحدهما في تنبيه سائق القطار الإسباني بتوقف القطار المميز، وخطئه في رقم هذا القطار حال بدئه في تنبيه سائقه، بينما لم يكرر الآخر محاولات الاتصال بسائق القطار الإسباني لتنبيهه.
وكان تقرير مصلحة الطب الشرعي أفاد بعدم تناسب الإصابات المشاهدة والموصوفة بسائق القطار الإسباني ومساعده، مع ما ادعياه في التحقيقات من بقائهما بالكابينة الأمامية للجرار إبان التصادم، وأنه من الجائز تصور مغادرتهما الكابينة قبل وقوعه.
ووفق بيان النيابة، أسفرت نتائج تحليل تعاطي المواد المخدرة الصادرة من وزارة الصحة عن تعاطي كل من مراقب برج محطة المراغة الحشيش المخدر، وتعاطي مساعد سائق القطار المميز المخدر ذاته بالإضافة إلى عقار الترامادول.
حادثة قطاري سوهاج ليست الأولى
جاءت كارثة تصادم قطارين في محافظة سوهاج المصرية لتحطّم آمال المواطنين في إنهاء مسلسل تكرار كوارث القطارات في مصر والتي بلغ عددها نحو 12 ألف حادث خلال عقد واحد.
كان وزير النقل الحالي، الفريق كامل الوزير، قد وعد بإنهاء الحالة المتردية للسكك الحديدية في مصر، مسلَّحاً بدعم كبير من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منذ توليه المنصب قبل عامين، وسط حديث عن تمويل غير مسبوق خصص لتطوير هذا المرفق.
ولكن الكارثة الأخيرة التي أدت إلى وفاة 22 مواطناً وإصابة 165 شخصاً نتيجة انقلاب عربتي أحد القطارين، تشير إلى ضرورة فهم عميق لأسباب تكرار كوارث القطارات في مصر رغم أن البلاد لديها واحدة من أوائل السكك الحديدية في العالم.
ولا يكاد يمر عامٌ دون أن تشهد مصر حوادث قطارات تؤدي إلى سقوط العديد من الضحايا، وسط إهمال المعنيين تحسين خدمات هذا القطاع، حتى إن هناك صفحة على موسوعة ويكيبيديا باللغة العربية بعنوان حوادث القطارات في مصر، تضم نحو 24 حادثة وكارثة منذ عام 1993 حتى اليوم.
صيانة الحد الأدنى وليس التطوير
من جانبه، يقول الدكتور أسامة عقيل أستاذ المرور والطرق والنقل في جامعة عين شمس، والخبير في وسائل النقل، في تصريح نقله موقع "بي بي سي" إن ما يؤدي إلى تكرار كوارث القطارات في مصر، هو أن منظومة السكك الحديدية قديمة جداً في مصر، ولم تشهد تحديثاً على مدى سنوات طويلة.
ويشرح عقيل الفارق بين ما تقوم به هيئة السكك الحديدية في مصر، على مدار سنوات وهو الصيانة، وبين المفترض أن يتم وهو التحديث، فيقول إن الصيانة مثلاً تتعلق بتغيير قطع غيار بعينها، أو إحلال قضبان قطارات متهالكة بأخرى جديدة، أما التحديث -والكلام لعقيل- فهو تغيير المنظومة التقنية بكاملها.
ويرى عقيل أن مصر تخلفت عن أجيال كاملة، من الأنظمة التقنية لتشغيل السكك الحديدية في العالم.