قام الجنرال إسماعيل قاآني، قائد "قوة القدس" التابعة للحرس الثوري الإيراني، بزيارتين الأولى إلى العاصمة اللبنانية بيروت التقى فيها بالأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، والثانية كانت مفاجئة للعاصمة العراقية بغداد، التي التقى من خلالها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وعدداً من قادة الأحزاب والفصائل المسلحة الشيعية.
وجاءت زيارة قاآني إلى العراق، حسب مصدر "عربي بوست"، بعدما لجأ له الكاظمي لإقناع فصائل مسلحة عراقية موالية لإيران من احترام الهدنة مع أمريكا، وذلك بعد الهجوم الذي استهدف السفارة الأمريكية في بغداد.
بالإضافة إلى ذلك تواصل رئيس الوزراء العراقي مع السفير الإيراني بالعراق، بخصوص مسألة استهداف السفارة الأمريكية، ثم دعا الجنرال قاآني لزيارته في المنطقة الخضراء لمناقشة المستجدات.
زيارة بيروت
وقبل أن يسافر الجنرال إسماعيل قاآني بشكل مفاجئ إلى العراق، زار قائد "قوة القدس" بيروت للقاء الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، وحضر هذا اللقاء القائد شبه العسكري والمسؤول الحالي عن هيئة الحشد الشعبي عبدالعزيز أبوالفدك.
وكشف مصدر مطلع على لقاء بيروت في حديثه لـ"عربي بوست"، أن "أبوالفدك فضل لقاء الجنرال قاآني بعيداً عن العراق، وبحضور الأمين العام لحزب الله لمناقشة بعض المشاكل داخل الفصائل المسلحة، وذلك بعدما طلب أبوالفدك لقاء قاآني في إيران، لكن قاآني فضل عقد الاجتماع بحضور نصر الله".
وأضاف مصدر الموقع أن "سبب عقد الاجتماع في بيروت، وبحضور الأمين العام لحزب الله يعود إلى الخلاف الكبير القائم بين الفصائل المسلحة العراقية والولايات المتحدة الأمريكية حول قضية إنهاء الهدنة، فكان لا بد من تدخل الجانب اللبناني في النقاش".
وبحسب مصادر إيرانية تحدثت لـ"عربي بوست"، فإن القادة في طهران كانوا رافضين الهجوم الأخير للفصائل المسلحة العراقية، الذي استهدف السفارة الأمريكية بالمنطقة الخضراء في بغداد.
يقول مصدر أمني مقرب من الحرس الثوري الإيراني لـ"عربي بوست"، إن "ترامب هدد بشن هجوم على إيران وأعلن تراجعه، لكن ما زال الأمر مطروحاً، ولا نريد تصعيد التوتر مع أمريكا، ولا إعطاء ترامب سبباً لارتكاب أي حماقة لا في العراق ولا في إيران".
وأضاف المصدر الأمني الإيراني أن "البعض من حلفائنا في العراق، يريدون الانتقام لدم اللواء قاسم سليماني وأبوالمهدي المهندس، خاصة ونحن على أعتاب ذكرى اغتيالهما، ونقدر هذه الحماسة والمحبة، لكن الوضع مأزوم، ولابد من التصرف بعقلانية".
ولم يستطع الجنرال قاآني إقناع الفصائل المسلحة العراقية بسهولة، خاصة وحسب مصادر عراقية أن الخلافات بين الفصائل تزداد في الآونة الأخيرة، فقرر الاستعانة بحسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، مفضلاً الاجتماع ببعض القادة شبه العسكريين العراقيين كلا منهما على حدة.
وقال أحد قادة كتائب حزب الله العراقية، الذي كان حاضراً اجتماع بيروت، لـ"عربي بوست": "نقدر رأي نصر الله، ونقدر وجهة نظر الجنرال قاآني، لكن كان لابد من الاجتماع معهم لحل بعض المسائل العالقة"، مكتفياً بالقول إن "هناك خططاً جديدة تتم مناقشتها لمرحلة ما بعد الخروج الأمريكي الكامل من العراق".
وأشار المصدر ذاته إلى أن هناك توافقاً في وجهة نظر حسن نصر الله مع الرغبة الإيرانية، في التأهب لأي عدوان أمريكي، مع عدم اتخاذ أي خطوات تصعيدية.
اجتماعات بغداد
فور وصوله إلى بغداد التقى الجنرال إسماعيل قاآني رئيس الوزراء العراقي الكاظمي في مكتبه بالمنطقة الخضراء، وكانت أهم الموضوعات التي جاءت في هذا الاجتماع، هو طلب الكاظمي استمرار الهدنة بين الفصائل المسلحة العراقية والولايات المتحدة، بالإضافة إلى التدخل الإيراني لحل أزمة النخبة السياسية السنية، مع رئيس البرلمان العراقي الحالي محمد الحلبوسي.
وكشف مصدر مطلع على تفاصيل الاجتماع بين قاآني والكاظمي في حديثه لـ"عربي بوست"، أن "رئيس الوزراء العراقي يخشى تصعيد الصراع بين ترامب والفصائل المسلحة، ويرى أنه لا داعي لهذا الأمر، خاصة أن ترامب بدأ في سحب جنود أمريكا تدريجياً من العراق".
وأضاف المصدر ذاته أن "قاآني وعد الكاظمي بإنهاء أمر التصعيد من طرف الفصائل المسلحة على الفور"، مؤكداً وقوف طهران بجانب حكومة الكاظمي، ورغبتها فى إجراء انتخابات برلمانية عراقية في الموعد الذي أعلن عنه الكاظمي مسبقاً.
أما بخصوص مسألة إقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وبحسب المصدر "عربي بوست"، فإن الجنرال إسماعيل قاآني أبلغ الكاظمي بـ"رفض طهران لهذه المحاولات، على الأقل في الوقت الحالي"، مضيفاً أنه "سيبذل قصارى جهده لحل هذا الأمر، مع القادة السياسيين السُّنة، بحضور عدد من القادة الشيعة".
تحركات الكاظمي جاءت بعد تجمع خمس كتل سُنية لتكوين جبهة سياسية سنية موحدة، باسم "الجبهة العراقية"، برئاسة أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي السابق، وأعلنت هذه الجبهة رغبتها فى إقالة الحلبوسي، وكانت قد بدأت في تجميع توقيعات نواب البرلمان على هذه المسألة، وسط رفض شيعي وكردي للأمر.
مقابل ذلك توقف تحركات الجبهة السياسية بعد الخلافات بين قيادة الجبهة العراقية، ولمنعها من التجديد مرة أخرى لجأ الكاظمي إلى قاآني لحل الأزمة، كما كان يفعل الجنرال قاسم سليماني قبل موته.
رفض وتمرد
مباشرة بعد إنهاء الجنرال قاآني إسماعيل لقائه بالكاظمي، توجه إلى منزل هادي العامري، رئيس تحالف الفتح، للقاء قادة الأحزاب والفصائل الشيعية الموالية لإيران، وكان من ضمن الحاضرين لهذا الاجتماع قيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق، المدعومة من إيران.
مصدر حضر اللقاء قال في حديثه لـ"عربي بوست" إن "الخزعلي أخبر الجنرال قاآني بأن شروط الهدنة لم تتحقق، وتم قصف معسكرات تابعة للمقاومة، لذلك أعلن قبل أيام قليلة انتهاء هذه الهدنة بين القوات المسلحة العراقية والولايات المتحدة".
وأضاف المصدر ذاته أن "النقاش كان محتدماً بين قاآني والخزعلي، هذا الأخير الذي لم يرد الانصياع لأوامر الإيرانيين، ورفض القبول بمطالبهم كما قبلت الفصائل الأخرى، منها كتائب حزب الله".
ويدور الخلاف بين الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران حول أمر استهداف المصالح الأمريكية في العراق من عدمه، فبحسب المصادر الإيرانية التي تحدثت لـ"عربي بوست"، فإن "الآراء بين الفصائل انقسمت، بعضها وافق على استكمال الهدنة، حتى مغادرة ترامب للبيت الأبيض، والبعض الآخر، ومنها عصائب أهل الحق، وجدوا أنه لابد من الثأر لدماء من قُتلوا في القصف الأمريكي الأخير".
زيارة قاآني إلى بغداد لم تأتِ بنتيجة، ولم يستطع الجنرال الإيراني إنهاء الخلافات بين الفصائل المسلحة العراقية، بل الأمر تطور إلى إعلان البعض منها التمرد على طلبات القيادة في طهران.
وقال قائد شبه عسكري، لفصيل مسلح مدعوم من إيران لـ"عربي بوست" إن "بعض قادة المقاومة ما زالوا متمسكون بحقهم فى الدفاع عن أنفسهم ضد أمريكا، ومن الممكن أن يتم استهداف السفارة الأمريكية في الأيام المقبلة"، مفضلاً عدم الكشف عن أسماء الفصائل التي أعلنت عصيانها للأوامر الإيرانية.