يُعرَض الفيلم الوثائقي "مملكة الصمت" للمرة الأولى على Showtime عقب سنتين بالضبط من مقتل الصحفي في The Washington Post جمال خاشقجي والتمثيل بجثته في القنصلية السعودية في إسطنبول.
صحيفة The New York Times الأمريكية قالت، الجمعة 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020، إن الفيلم لا يهدف إلى إحياء ذكرى الصحفي أو فضح بشاعة ما حدث له فحسب، بل أيضاً توثيق حياة خاشقجي المهنية بجميع ملامحها وتناقضاتها في سياق المناخ الجيوسياسي المتغير.
وثائقي "مملكة الصمت": مروان بشارة، المحلل السياسي في قناة Al Jazeera الذي كان يعرف خاشقجي، قال: "في كل منعطف في تاريخ السعودية الحديث، والعلاقات السعودية-الأمريكية المعاصرة، كان جمال حاضراً، سواء للمراسلة أو الشرح أو سرد تفاصيل".
من جانبه، يعارض نواف عبيد، زميل خاشقجي حين كانا يعملان في الحكومة السعودية، التوصيف المتكرر لخاشقجي، بما في ذلك من The New York Times، بأنه "منشق". (ومن قبيل المصادفة، The Dissident -أو المنشق- هو عنوان فيلم وثائقي قادم عن خاشقجي من إخراج براين فوغل).
في المقابل، يصور فيلم "مملكة الصمت" خاشقجي على أنه تحول من مصدر داخلي إلى شخص دخيل. وتغيرت أدواره بين دعم الحكومة السعودية ومحاسبتها على أفعالها، وطوال هذه الأوقات ظل متمسكاً بإيمانه بالبلد، لكن هذا الإيمان اهتز عندما منعه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من الكتابة هناك، ونُفِي إلى واشنطن العاصمة.
فيما تبين في بعض الأحيان أنَّ تفاؤله بلغ حد السذاجة. فقد دعم الغزو الأمريكي للعراق. ولفت الكاتب في مجلة The New Yorker لورانس رايت إلى أنه عندما أجرى خاشقجي مقابلة مع أسامة بن لادن الشاب، "نظر خاشقجي إلى بن لادن بعينين يملأهما الأمل"، لكنه أصيب بخيبة أمل لاحقاً.
الممثل ناصر فارس يقرأ كتابات خاشقجي كأنها حكاية طوال الفيلم، وسُرِد تقييم خاشقجي لأسامة بن لادن بعد وفاة بن لادن في عام 2011، الذي جاء فيه: "كُنتَ جميلاً وشجاعاً في تلك الأيام الجميلة في أفغانستان، قبل أن تستسلم للكراهية"، تسريداً مضللاً على لقطات من هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وكأنَّ التصريحات كُتِبَت قبل الهجوم الإرهابي بسنوات.
قد يؤدي وصول ريك رولي، صانع فيلم "مملكة الصمت"، المبهر للمعلومات، وسرعة تحديد سياق العلاقات والتحالفات السياسية، إلى صعوبة تقييم مقدار الأهمية التي يجب منحها لكل عبارة، أو تحديد ما يجب التفكير فيه بشأن خاشقجي، الذي قد يكون جزءاً من المشكلة.
وبعد فترة وجيزة من تناول الفيلم مقتل خاشقجي المروع، من المثير للدهشة أن نسمع ديفيد رونديل، الدبلوماسي الأمريكي السابق الذي خدم في المملكة العربية السعودية، يقول إن "المملكة العربية السعودية حليفٌ استراتيجي، وأعتقد أن هذا يتجاوز وفاة شخص واحد".
لكن الميزة الأساسية للفيلم تكمن في تقديم العديد من أصدقاء خاشقجي وزملائه الذين يسلطون الضوء على مبادئه ومغامراته وعلاقاته الشخصية؛ وهو أمر مفيد لأنه كما قال الناشط الحقوقي محمد سلطان: "كان جمال ينتقي المعلومات التي يشاركها مع أي شخص. وتعني حياة خاشقجي الدولية، التي غالباً ما عاشها بحذر، أنه لا يمكن لفيلم وثائقي واحد عرض الصورة كاملة".